تؤكد المملكة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص الموافق 30 يوليو التزامها التام بمكافحة الاتجار بالأشخاص بكافة صورها، مؤمنة بأن حماية الإنسان ليست فقط واجباً قانونياً، بل مسؤولية دينية وأخلاقية، ويتجسد اهتمامها في بناء مجتمعٍ يحترم الحقوق ويصون الكرامة، وتواصل المملكة جهودها المستمرة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، مستندةً إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرّم جميع صور الامتهان لكرامة الإنسان، وتدعو إلى العدل والرحمة، وحماية الحقوق وصون الحريات. وتُعد المملكة من الدول التي أولت هذا الملف اهتمامًا بالغًا، إدراكًا منها لخطورة هذه الجريمة العابرة للحدود، والتي تمثل انتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية، وانطلاقًا من قيمها الدينية والإنسانية، أصدرت المملكة نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص الذي يجرّم كافة أشكال الاستغلال البشري، بما في ذلك العمل القسري، والتسوّل المنظم، والاستغلال الجنسي، ونزع الأعضاء، مع فرض عقوبات تصل إلى السجن 15 عامًا وغرامات مالية تصل إلى مليون ريال. اهتمام كبير وتم إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، التي تعمل تحت إشراف هيئة حقوق الإنسان، وتضم في عضويتها ممثلين من الوزارات والجهات ذات العلاقة، لتنسيق السياسات والبرامج الرامية لمكافحة هذه الجريمة، وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية، وخلال الأعوام الأخيرة، نفّذت الجهات المختصة بالمملكة آلاف الجولات الرقابية لرصد أي انتهاكات محتملة، كما فعّلت خطوط البلاغات المباشرة، ووسائل الإبلاغ الرقمية، ما أسهم في الكشف المبكر عن حالات الاشتباه واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الجناة، وأولت المملكة اهتمامًا كبيرًا بقضية مكافحة الاتجار بالأشخاص، وعملت على تطوير البنية القانونية والمؤسساتية لها، كما اهتمت بتعزيز جانب الملاحقة القضائية من خلال إنشاء نيابات متخصصة في جميع فروع النيابة العامة للتحقيق في هذه القضايا، ودوائر قضائية في المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف للنظر في قضايا جرائم الاتجار بالأشخاص. اتفاقيات وبروتوكولات ويحظى تجريم الاتجار بعناية وطنية من خلال تسريع جهود المكافحة، فبجانب المنظومة القانونية، انضمت المملكة لعددٍ من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية، كما وقعت عدة مذكرات تعاون مع المنظمات والجهات الدولية ذات الصلة، بالإضافة إلى التعاون المحلي بين هيئة حقوق الإنسان والجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، لتعزيز جهود منع ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، واتخاذ التدابير والإجراءات الوطنية لمواجهة هذه الجرائم، وشُكّلت لجنة مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص بناءً على قرار مجلس الوزراء رقم (244) وتاريخ 1430/7/20ه، القاضي بالموافقة على تشكيل لجنة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في هيئة حقوق الإنسان، والجهات الممثلة في اللجنة هي وزارة الداخلية، وزارة الخارجية، وزارة العدل، وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وزارة الإعلام، النيابة العامة، وزارة التعليم، وزارة الصحة، هيئة حقوق الإنسان، واختصاصات اللجنة متابعة أوضاع ضحايا الاتجار بالأشخاص لضمان عدم معاودة إيذائهم، ووضع سياسة تحث على البحث النشط عن الضحايا وتدريب الأفراد على وسائل التعرّف على الضحايا. بحوث ومعلومات ومن اختصاصات اللجنة أيضاً التنسيق مع السلطات المختصة لإعادة المجني عليه إلى موطنه الأصلي في الدولة الذي ينتمي إليها بجنسيته، أو إلى مكان إقامته في أي دولة أخرى متى طلب ذلك، والتوصية بإبقاء المجني عليه في المملكة وتوفيق أوضاعه النظامية بما يُمكّنه من العمل إذا اقتضى الأمر ذلك، وتخضع هذه التوصية -عند اعتمادها- للمراجعة بالإجراءات نفسها كل سنة كحد أقصى، وكذلك إعداد البحوث والمعلومات والحملات العالمية والمبادرات الاجتماعية والاقتصادية لمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته، والتنسيق مع أجهزة الدولة فيما يتعلق بالمعلومات والإحصاءات المتعلقة بجرائم الاتجار بالأشخاص. أنظمة وطنية والأنظمة الوطنية ذات العلاقة هي النظام الأساسي للحكم، نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، نظام العمل، نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، نظام مكافحة غسل الأموال، نظام الحماية من الإيذاء، نظام حماية الطفل، نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، نظام الأحداث، نظام التبرع بالأعضاء البشرية، لائحة عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم، قواعد ممارسة نشاط الاستقدام وتقديم الخدمات العمالية، ونظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص صادر بالمرسوم الملكي، وقد حدد صور وأشكال جرائم الاتجار بالأشخاص، ووضع العقوبات المناسبة لها وتشديدها في حالات محددة، وأبان أوجه حماية ضحايا الاتجار بالأشخاص خاصة في مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة، والاتفاقيات والصكوك الإقليمية ذات العلاقة التي انضمت إليها المملكة هي البروتوكول العربي لمنع ومكافحة الاتجار بالبشر وبخاصة النساء والأطفال، والبروتوكول العربي لمنع ومكافحة القرصنة البحرية والسطو المسلح الملحقين والمكملين للاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، والاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية 2010م، والاستراتيجية العربية الشاملة لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، والقانون العربي الاسترشادي لمواجهة جرائم الاتجار بالبشر، وكذلك وثيقة أبوظبي للنظام -القانون- الموحد الاسترشادي لمكافحة الاتجار بالأشخاص لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وإعلان حقوق الإنسان لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. صكوك دولية والاتفاقيات والصكوك الدولية التي انضمت إليها المملكة هي اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000م، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية 2000م، والذي يهدف إلى منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص، مع إيلاء اهتمام خاص للنساء والأطفال، كذلك خطة عمل الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص 2010م، والتي تقوم على محاور أربعة رئيسة هي المنع، والحماية، والملاحقة القضائية، والشراكة، وإعلان الدوحة المتمم لمؤتمر الأممالمتحدة الثالث عشر في منع الجريمة والعدالة الجنائية 2015م، والذي يدعو إلى تنفيذ نَهج موجه نحو الضحايا ويهدف إلى منع ومكافحة جميع أشكال الاتجار بالأشخاص لأغراض الاستغلال، إضافةً إلى إعلان منظمة العمل الدولية للحقوق الأساسية في العمل، واتفاقيات منظمة العمل الدولية، والمنظمات الأخرى ذات الصلة، وفقاً لما التزمت به المملكة، وبروتكول عام 2014م، المكمل لاتفاقية العمل الجبري رقم (29) لعام 1930م، ويعد الاتجار بالأشخاص هو استخدام شخص، أو إلحاقه، أو نقله، أو إيواؤه، أو استقباله من أجل إساءة الاستغلال، ويتم تسجيل الحالات المشتبه بها ويحال عدد منها إلى القضاء، وتصدر أحكام رادعة بحق المتورطين، في حين تم توفير الرعاية والحماية للضحايا. زيادة الوعي وحول مكافحة الاتجار بالأشخاص أكدت رئيس هيئة حقوق الإنسان، رئيس لجنة مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص د. هلا بنت مزيد التويجري أن الاتجار بالأشخاص من الجرائم التي تنتهك حقوق الإنسان، وأن التصدي له يحتاج إلى تضافر الجهود، ورفع مستوى الوعي بمخاطره وتأثيره على الفرد والمجتمع، وهو ما يتطلب مشاركة الجميع من أجل العمل على مواجهته ومساعدة ضحاياه، في ظل البيئة الخصبة للاتجار التي هيأتها الأزمات والنزاعات التي يشهدها العالم. وقالت التويجري في تصريحٍ لها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص 2024م، والذي يأتي تحت شعار "في مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، لا نتخلى عن أي طفل". وأضافت أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- وفي ظل رؤية 2030 تحرص على مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص انطلاقاً من مبادئها الراسخة لحفظ كرامة الإنسان والعناية بحقوقه، وقد اتخذت في هذا الإطار تدابير تشريعية عديدة يأتي في مقدمتها إصدار نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، وتشكيل لجنة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في هيئة حقوق الإنسان، واعتماد خطط عمل وطنية لمكافحة جرائم الاتجار، وإطلاق آلية الإحالة الوطنية لضحايا الاتجار بالأشخاص، وتخصيص نيابة مستقلة تعنى بهذه الجرائم، ودوائر قضائية للنظر في دعاويها. وأوضحت أن المملكة تعزز تعاونها الإقليمي والدولي في التصدي للاتجار، وقد نفذت العديد من الفعاليات والزيارات لتحقيق الشراكة في هذا المجال، مضيفةً أن هذه الجهود انعكست على تصنيف المملكة في مؤشرات مكافحة الاتجار الدولية، مؤكدةً على أن المملكة تدرك خطورة جريمة الاتجار بالأشخاص، وتعمل على مكافحتها من خلال سن إجراءات للمنع والوقاية، والملاحقة القضائية للمتاجرين والحماية والمساعدة للضحايا، وتشارك بفعالية في الجهود الإقليمية والدولية في هذا الجانب، وأن رسالتها الثابتة أن يكون الإنسان أولاً، حقوقه مُصانة وحمايته واجبة. دعم ومشاركة وشدّد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان خالد بن عبدالرحمن الفاخري على أهمية تكثيف الجهود التوعوية بأنواع وأساليب جرائم الاتجار بالأشخاص، والآليات النظامية المتبعة للتصدي والوقوف بحزم ضد مرتكبيها بما يساهم في الاستفادة منها ويحفظ كرامة الانسان وسلامته البدنية ومنع استغلاله، جاء ذلك في تصريح لرئيس الجمعية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص والذي يصادف 30 يوليو من كل عام وفقًا لما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها المنعقد في ديسمبر 2013. وقال: إن قضايا الاتجار بالأشخاص وما يتعلق بها من المسائل التي تتابعها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان منذ إنشائها أنها تعمل مع الجهات ذات العلاقة في الدولة للتصدي لها من خلال العديد من البرامج الوقاية والعلاجية وفق ما نصت عليه الأنظمة في المملكة والتي أوضحت الممارسات المجرمة نظاماً، مما ساهم في رفع وعي المجتمع بالعديد من الممارسات التي تصنف جرائم اتجار بالأشخاص، والجمعية على استعداد لتقديم الدعم والمشاركة مع فريق آلية الإحالة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص. موقف واضح وأشار الفاخري إلى أن اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص يعد فرصه للعمل على تنسيق الجهود الوطنية والدولية لتطوير إجراءات التصدي لجريمة الاتجار بالأشخاص بما يواكب المستجدات التي تطرأ على هذه الجريمة، وأن يكون هناك موقف دولي واضح وثابت تتبناه الأممالمتحدة تجاه من يمارس جرائم تصنف اتجاراً بالأشخاص، مثمناً الجهود الحثيثة التي تقوم بها المملكة في سبيل مكافحة الاتجار بالأشخاص من خلال العديد من المبادرات ومنها إصدار نظام خاص لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، والانضمام إلى الاتفاقيات والبروتوكولات التي تعنى بتلك الجرائم، واعتماد خطة العمل الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص 2023م، بالإضافة إلى إطلاق آلية الإحالة الوطنية لضحايا الاتجار بالأشخاص وإعداد فريق وطني مركزي ووحدات فرعية في مناطق المملكة لتطبيق منظومة الإحالة الوطنية لضحايا الاتجار بالأشخاص، مما ساهم في حفظ حقوق الإنسان واستقراره. د. هلا التويجري خالد الفاخري