منذ إعلان فوز الرئيس دونالد ترمب في فترته الرئاسية الأولى وحتى يومنا الحاضر وقضية التواطؤ الروسي في انتخابات 2016 تشغل الشارع الأميركي بين مصدق ومكذب لهذه الفرضية. المتتبع والمدرك لنظام الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة الأميركية، وهو النظام الفريد والمعقد، يعلم بأن التدخل فيه وتوجيه نتائجه بشكل مباشر يعد أمراً في غاية الصعوبة وذلك لاسباب عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر التالي: الناخب الأميركي يصوت لمندوبي الولاية، وهم بدورهم يصوتون لمرشح أحد الحزبين وفق نظام معقد. تصويت الناخبين يتم بشكل حضوري إلا في حدود ضيقة وضمن معايير محددة. تقديم جملة من الوثائق والثبوتيات في المجمع الانتخابي التي تؤهل الناخب للإدلاء بصوته. قضية التواطؤ الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 أخذت حيز كبيراً من اهتمام وزارة العدل الأميركية طيلة فترة رئاسة ترمب الأولى، وتم على اثرها تعيين عدد من المحققين الخاصين كان أبرزهم المدعي الخاص روبرت مولر الذي فتح تحقيق بين الفترة من مايو 2017 إلى مارس 2019. كذلك تم تعيين المستشار الأميركي الخاص جون دورهام من قبل المدعي العام السابق بيل بار، وذلك في عام 2019 للتحقيق في أصول التواطؤ الروسي المزعوم. معلومات صادمة خلال تلك الفترة وعبر تلك التحقيقات تكشفت معلومات خطيرة وصادمة عن فساد وكالات الاستخبارات الأميركية! كان من بينها الإفراج عن نصوص استجوابات عقدتها لجنة الاستخبارات بمجلس النواب في تحقيقاتها المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات عام 2016، النصوص توضح الفساد الذي كان يحيط بتحقيق (مولر) وأن تهمة تواطؤ ترمب مع القيادة الروسية لانتزاع الفوز من (هيلاري كيلينتون) ليس لها أساس من الصحة، وإنما مجرد مؤامرات شارك فيها مسؤولون من العيار الثقيل؛ كان من أهم تلك النصوص التي تمت إتاحتها للجمهور شهادة المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (جيمس كلابر)، الذي قال خلال إفادته أمام لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، في تاريخ (17 يوليو 2107):"لم أر قط أي دليل على أن حملة ترمب أو أي شخص فيها كان يخطط أو يتآمر مع الروس للتدخل في انتخابات 2017 !". كذلك (أندروا مكيب) الوكيل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي قال:"كما قلت سابقاً، لا يمكن التحقق أو تأكيد المعلومات الموجودة بالملف"، وهو في هذا المقام يقصد الملف المعروف باسم "ستيل" الذي شرع لتحقيق (مولر). بحسب النصوص المفرج عنها قالت مستشارة الأمن القومي السابقة في إدارة أوباما سوزان رايس: "إلى حد ما أتذكر، لم يكن هناك أي شيء يدل على وجود تواطؤ"! وقالت سفيرة الولاياتالمتحدة السابقة لدى الأممالمتحدة، (سامانثا باور) في ذات السياق:"إنها ليس بحوزتها أي دليل على تآمر حملة ترمب مع روسيا". وقالت المدعية العامة (لوريتا لينش): "إنها لا تتذكر أنها أُبلغت بوجود أدلة دامغة على التواطؤ أو التآمر أو التنسيق"..! كذلك كشفت التحقيقات أنذاك أن تهمة التواطؤ الروسي ضد ترمب كتبت خطوطها العريضة داخل المكتب البيضاوي وذلك في تاريخ 5 يناير 2017 أي قبل تنصيب ترمب وانتقال السلطة له؛ حيث تظهر التقارير أن (أوباما) في ذلك اليوم عقد اجتماعاً بحضور نائب الرئيس "جو بايدن" مع نائب المدعي العام (سالي ييتس) مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (جيمس كومي) ، مستشارة الأمن القومي (سوزن رايس)، مدير وكالة المخابرات المركزية (جون برينان) ومدير المخابرات الوطنية (جيمس كلابر) ، خلال الاجتماع أطلعوا أوباما على الملف المتعلق بتواطؤ ترمب مع القيادة الروسية والذي أعد من قبل "كرستوفر ستيل" بتكليف من حملة هيلاري كلينتون الانتخابية، بعدها أعطى أوباما التوجيه لكبار المسؤولين في الأمن القومي أن تبقي المعلومات المتعلقة بملف التواطؤ الروسي ضمن دائرة ضيقة بعيداً عن الإدارة الجديدة. وقد رصد بريد إلكتروني "لسوزن رايس"، حيث كان الخيط الذي كشف عن هذا الاجتماع، حيث ذكرت فيه: "قال الرئيس أوباما إنه يريد أن يتأكد من أننا -أثناء مشاركتنا مع الإدارة القادمة- نحرص على التأكد مما إذا كان هناك أي سبب يمنعنا من مشاركة المعلومات بالكامل فيما يتعلق بروسيا". تلك المعلومات والتحقيقات كادت أن تكون في ذاكرة التاريخ إلا أن عودة ترمب إلى البيت الأبيض أعادة الحياة إليها من جديد وذلك من خلال مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد التي زلزلت واشنطن بعد أن غردت عبر حسابها في منصة (إكس) بكلّ التفاصل التي نضعها بين يديك عزيزي القارئ دون أي تدخل: "سيكتشف الأميركيون أخيرًا حقيقة كيف تم تسييس الاستخبارات وتسليحها في عام 2016 من قِبل أقوى الشخصيات في إدارة أوباما لتمهيد الطريق لانقلاب استمر لسنوات ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مُقوِّضًا بذلك إرادة الشعب الأميركي ومُقوِّضًا جمهوريتنا الديمقراطية. إليكم الطريقة: لأشهرٍ سبقت انتخابات عام 2016، توافقت أوساط الاستخبارات على رأيٍ مفاده أن روسيا تفتقر إلى النية والقدرة على اختراق الانتخابات الأميركية. ولكن بعد أسابيع من فوز الرئيس دونالد ترمب التاريخي عام 2016 على مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، تغير كل شيء. في 8 ديسمبر/كانون الأول/ 2016، أعد مسؤولو الاستخبارات المركزية تقييمًا للإيجاز اليومي للرئيس، وخلصوا إلى أن روسيا لم تؤثر على نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة بشن هجمات إلكترونية على البنية التحتية. قبل أن يصل التقرير إلى الرئيس باراك أوباما، سُحب فجأةً "بناءً على توجيهات جديدة". ولم يُنشر هذا التقييم الاستخباراتي الرئيسي قط. في اليوم التالي، اجتمع كبار مسؤولي الأمن القومي، بمن فيهم مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون برينان، ومدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر، في البيت الأبيض في عهد أوباما لمناقشة روسيا. وجّه أوباما لجنة الاستخبارات بإعداد تقييم استخباراتي جديد يُفصّل التدخل الروسي في الانتخابات، على الرغم من أنه يتعارض مع تقييمات استخباراتية متعددة صدرت خلال الأشهر القليلة الماضية. لجأ مسؤولو أوباما فورًا إلى حلفائهم في وسائل الإعلام لترويج أكاذيبهم. وسرّبت مصادر مجهولة من الاستخبارات معلومات سرية لصحيفة واشنطن بوست وصحف أخرى تفيد بأن روسيا تدخلت لاختراق الانتخابات لصالح الرئيس المنتخب دونالد ترمب. في 6 يناير/كانون الثاني/ 2017، وقبل أيام قليلة من تولي الرئيس ترمب منصبه بشكل رسمي، كشف مدير الاستخبارات الوطنية كلابر عن التقييم المُسيّس الذي أشرف عليه أوباما، وهو استغلالٌ سافرٌ للاستخبارات، مهد الطريق لانقلابٍ استمر لسنواتٍ بهدف تقويض رئاسة الرئيس دونالد ترمب بأكملها. ووفقًا لرسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها إلينا مُبلغون عن المخالفات اليوم، نعلم أن كلابر وبرينان استخدما ملف "ستيل" المُشوّه الذي لا أساس له من الصحة كمصدرٍ لترويج هذه الرواية الكاذبة في التقييم الاستخباراتي. تتضمن هذه الوثائق تفاصيل مؤامرة من قبل مسؤولين على أعلى المستويات في البيت الأبيض في عهد أوباما لتقويض إرادة الشعب الأميركي ومحاولة اغتصاب الرئيس من تنفيذ ولايته. هذه الخيانة تُقلق كل أميركي. وتقتضي نزاهة جمهوريتنا الديمقراطية التحقيق مع كل شخص متورط وتقديمه للعدالة لمنع تكرارها. أنا في طور تقديم جميع الوثائق إلى وزارة العدل لتحقيق المساءلة لكل الأطراف المتورطة والمتواطئة في هذا الملف، وهذا في تقديري أقل ما يمكن تقديمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب وعائلته والشعب الأميركي". (أوباما غيت) خلال فترة الرئيس دونالد ترمب الأولى انطلق هاشتاق (أوباما غيت) وذلك لقناعة شريحة من المجتمع بأن الرئيس السابق باراك أوباما هو عراب تلك المؤامرة، وهو من أطلق "رالي الفساد" داخل أجهزة الاستخبارات والأمن القومي قبل خروجه من البيت الأبيض؛ لذلك كان يتصدر "تويتر". ترمب كذلك كانت لديه شكوك حول هذه الافتراضية في وقت مبكّر، وفي هذا السياق قال ترمب في حينها خلال مقابلة تلفزيونية مع مقدم البرامج جورج ستفانابلوس من قناة إي بي سي نيوز في أغسطس 2019: "أعتقد بأن أوباما كان على علم بذلك؛ لأن المتورطين بهذا الأمر يتقلدون مناصب رفيعة، لكن لن أؤكد على هذا التورط الآن!". فهل الآن قد حان؟! قضية التواطؤ الروسي في انتخابات 2016 تشغل الشارع الأميركي بين مصدق ومكذب تهمة التواطؤ الروسي ضد ترمب كتبت خطوطها العريضة داخل المكتب البيضاوي المخابرات الأمريكية: لا دليل على أن حملة ترمب أو أي شخص فيها كان يخطط أو يتآمر مع الروس تحليل - عزام المشعل