بعد توسع بريكس في العام الماضي 2024، أصبحت تكتلاً اقتصادياً مهماً يضم البرازيلوروسيا والهند والصينوجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى خمسة أعضاء جدد. وهذا الوزن الاقتصادي للمجموعة صار ملفتا للنظر من ناحية ومبعث قلق للتكتلات الاقتصادية المنافسة من ناحية أخرى، إلى درجة أن الرئيس الأميركي صار يهدد ويتوعد بأن الولاياتالمتحدة سوف تفرض رسوما وإجراءات عقابية، وذلك على أساس إن الولاياتالمتحدة لا يمكن أن تدع أحدًا يتلاعب بها أبدًا، وهذا بحد ذاته دليل على المكانة التي صارت تتبوؤها "بريكس"، بحيث صارت أقوى دولة في العالم تخشاها وتحسب لها ألف حساب. بالفعل فإن بريكس أصبحت مجموعة تمثل نحو 45 % من سكان العالم، ويصل ناتجها المحلي الإجمالي، حسب معادل القوة الشرائية، إلى نحو 40 %من الاقتصاد العالمي، أو 35 % بالحساب الجاري، مقابل 30 % لمجموعة السبع الكبار، هذا بالإضافة إلى أن هذا التكتل يشغل 29.5 % من مساحة اليابسة على كوكبنا، مما يعطيه ثقل جغرافي، بالإضافة إلى الثقل الديموغرافي والاقتصادي. والغريب في الأمر أن هذا التجمع الذي ينظر إليه الغرب بعين الشك والريبة والعداء، إنما نشأ بمبادرة من الغرب نفسه، عندما صاغ الاقتصادي "جيم أونيل"، الذي كان يعمل في مجموعة غولدمان ساكس، عام 2001، مصطلح "بريك"، بعد أن لفتت أربعة بلدان هي: البرازيلوروسيا والهند والصين، إلى نفسها الانتباه بمعدلات نموها الاقتصادي القوية. وبعد ذلك تلقفت روسيا الفكرة، وأصبحت الشاغل لرئيس وزرائها السابق بريماكوف، الذي أعطى الفكرة روحاً جديدة، فبدأت أول ما بدأت في التوسع عام 2009، عندما انضمت إليها جنوب إفريقيا، لتسمى بعد ذلك "بريكس" بدلاً من "بريك". من ناحية أخرى، فإن المجموعة بعد توسعها، أصبحت غير متجانسة، ولها ارتباطات ومصالح متباينة بشكل أكبر. فمن بين الدول التي انضمت إلى "بريكس" مؤخراً كالإمارات، أو تسير نحو الانضمام مثل المملكة، هناك بعض التوجهات الاقتصادية، التي قد لا تتفق مع توجهات هذا التجمع وعلى رأسها الابتعاد عن الدولار- الذي يعتبر حجر الزاوية في السياسة النقدية لكلا البلدين. إن توسع "بريكس"، قد يخرج هذا التجمع عن السيطرة، فيتم تأجيل العديد من المشروعات التي لا تقرها بعض الدول الجديدة المنضمة "لبريكس"، والتي تعاني من خلافات فيما بينها كمصر وإثيوبيا مثلاً، هذا بالإضافة إلى الخلافات المستحكمة منذ البداية بين الصين والهند. إن نقطة القوة التي يروج لها مؤسسو "بريكس"، والتي مفادها: أن هذا التجمع يتخذ قراراته بالإجماع دون ضغوط من أحد على أحد، قد تكون أهم عوامل ضعفه. فتجمع السبع الكبار، تنظم إيقاعه الولاياتالمتحدة، في حين أن تكتل "بريكس" يفتقد إلى منظم لإيقاعه.