تعاني المدن السياحية الموسمية من ركود اقتصادي ملحوظ خارج فترات الذروة، مما يهدد استدامة الأسواق المحلية، ويؤثر سلباً على دخل الأسر والأنشطة التجارية فيها. وفي مدن المواسم، حيث الخريف أو حتى الصيف في جغرافيا جنوب إقليم الخليج العربي بالمملكة العربية السعودية وبسلطنة عمان، وحيث تتناقص درجات الحرارة في صيف تشتد فيه سخونةً على مناطق ساحل الخليج الأخرى، ينتعش كل شيء في مدن المواسم، وتزدهر السياحة بالسياح المحليين والدوليين، فترتوي الأسواق بغيث وافر. وعندما ينتهي الموسم تخبو حركة الحياة، ويتراجع أداء الأسواق المحلية، وأحد أوضح النماذج نجده في صلالة، إحدى حواضر تلك المواسم، بينما تظل الحركة في مناطق بالمملكة كأبها وعسير مقبولة نسبياً بسبب كثافة السكان، لكنها لا تكون حركة واعدة تلبي الطموحات! تواجه مدن المواسم إذاً تحديات منها انخفاض حاد في عدد الزوار بعد انتهاء كل موسم، واعتماد الأسواق بشكل مفرط على السياحة التقليدية، وضعف الربط بين الأسواق والمجتمع المحلي خارج الموسم، وغياب البرامج الترويجية والفعاليات في الفترات الراكدة، ومحدودية التمويل والدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. تتطلب مدن المواسم خطط عمل مرتبطة ارتباطاً وثيقاً برؤية كل دولة وبخطتها التنموية الشاملة للتنمية المستدامة. على سبيل المثال، إطلاق مسارات سياحة بيئية (في الجبال والوديان)، وتفعيل السياحة العلاجية في المناطق الطبيعية، وتقديم إعفاءات مؤقتة للمحال التجارية، ودعم الحملات الإعلانية الإلكترونية، وربط المبادرات بمشاريع الدولة خصوصاً في مجال "الاقتصاد المتنوع"، وتسويق المدينة كمركز للفعاليات الدولية، كل ذلك من شأنه أن يحدث فرقاً حقيقياً. من جهةٍ أخرى، ستكون البنية التحتية دائماً رافعة لا غنىً عنها في تحقيق قفزات حقيقية في مسار هذا النوع من التطوير، وستكون الموارد البشرية جيدة التدريب أيضاً مطلوبة لتنفيذ مبادرات تحويل هذه المدن إلى مدن واعدة ذات حركة تجارية غير موسمية على مدار العام. وفي ذات السياق، سيتطلب الأمر وضع استراتيجيات بعيدة المدى لفهم اتجاهات التنمية المستدامة في تلك المناطق، والدور المتنامي الذي يمكن أن تلعبه في الاقتصاد الكلي، والتأكد من أن الخطط واقعية وقابلة للتنفيذ، والبحث في تأثير المدن المنافسة في الإقليم، والتأكد من أن القيمة المضافة ستكون دائماً حاضرة في أدبيات ومنهجيات الخطة ثم في تطبيقاتها. تمتلك المدن الموسمية إمكانات استدامة عالية القيمة، ولذا فإيصالها إلى مرحلة الاقتصاد المستدام والمتنوع ممكن جداً في إطار خطط مدروسة بعناية، ويقوم عليها أصحاب الخبرة والعلم الأكاديمي جنباً إلى جنب مع أصحاب السوق والمجتمع المحلي، وتحت إشراف أجهزة الدولة ومؤسساتها.