يواصل الفنان خالد العنقري استغلال موهبته في النحت ليحول المجسمات إلى عالم إبداعي بأسلوب فريد من نوعه، من خلال منحوتة جديدة بعنوان «بلقيس»، والتي يعيد من خلالها قراءة مشهد قرآني خالد من قصة النبي سليمان عليه السلام، يتعلق بقصة الملكة «بلقيس»، والذي كان سبباً في أن تؤمن بالله سبحانه وتعالى، وتهجر عبادة الشمس. ويقول العنقري: إن تجلي لحظة ذهول ملكة سبأ حدث حينما حسبت الصرح الممرد من الزجاج «لجة» أو بحيرة تمتلئ بالمياه، فكشفت عن ساقيها لتعبر المكان إلى حيث عرش الملك سليمان، وفي هذا المشهد، تتقاطع الأسطورة مع الرؤية الفنية لتتشكل بلغة النحت على الرخام الطبيعي، عبر تكوين بصري يجسد حذاء أنثوي أنيق مرفوع على قاعدة مدرجة، في إشارة إلى المقام الملكي والهيبة، ومطعم بجزء شفاف في الكعب يلامس السطح كما لو كان زجاجاً، في محاكاة رمزية لشفافية الأرض التي وردت في القصة القرآنية. ويوضح الفنان أن الرخام المحلي المستخدم بالمنحوتة يمنح العمل هوية متجذرة في الأرض، ويعكس صلابة الزمن مقابل لحظة من الدهشة والارتباك الأنثوي. فبين قوة الشخصية الملكية ورهافة الشعور، تتأرجح المنحوتة لتسرد لحظة خالدة بلغة المادة والحجم والفراغ. ويؤكد العنقري أن هذه المنحوتة ليست مجرد تشكيل جمالي، بل هي استحضار لفكرة الحكمة الإلهية وتجلياتها الرمزية في تفاصيل دقيقة، وقراءة بصرية لثقافة الروح الأنثوية في مواجهة المجهول والشفاف. وبهذا، تمثل "بلقيس" جسراً بين الفن والقص القرآني، بين الذاكرة البصرية والروحانية، حيث تتحول الأحجار إلى سرد بصري ينبض بالدلالات والرموز. ويعد العنقري من فناني النحت المميزين بالمملكة، وهو مؤمن بأن فن النحت يختلف في أسلوبه عن باقي الفنون، فهو لا يتعامل مع الأشكال المسطحة مثل فن التصوير، وإنما يتضمن أشكالاً مجسمة ذات أبعاد ثلاثة، ما يعني أن المتعة الفنية التي تتصل بأعمال النحت لا تأتي من خلال المشاهدة فقط، وإنما عن طريق اللمس والحركة المجسمة. ويقول العنقري: إن الفكرة الفنية لأي عمل تأخذ كامل تفاصيلها في عقله، ثم يقوم برسمها ويختار قطعة حجر مناسبة للفكرة بالأبعاد والحجم والوزن واللون، ثم يبدأ بتخطيطها وتوزيع مساحتها، ثم يتخذ قرار القص والإزاحة وتشكيل الفراغ، ويواصل العمل حتى مخرجاته النهائية. الفنان خالد العنقري أمام إحدى منحوتاته