الطبعة الأولى قبل 57 عاماً وثقت تاريخ تأسيس الأندية والبطولات وأسماء رواد الرياضة السعودية رحل عاشق التاريخ وعميد المؤرخين الرياضيين د. أمين ساعاتي -رحمه الله- تاركاً وراءه إرثاً كبيراً من إصدارات التوثيق الرياضي وسلسلة كتب ترصد التاريخ الرياضي وتتحدث عن وقائعه وسير رواده وشخصياته التي خلدها الساعاتي وسطر أسماءها المضيئة في صفحات التاريخ الرياضي السعودي للأجيال. واستكمالاً لما بدأناه من حديث عن تاريخ «رائد التوثيق الرياضي» في عدد الخميس الماضي نسلط الضوء اليوم بشكل أوسع على بدايه رحلته في عالم التوثيق وإصدارات الكتب التي أثرت المكتبة الرياضية، واستهلها بتوثيق تاريخ ناديه (الاتحاد) الذي التحق بصفوفه شبلاً في الرابعة عشر من عمره تقريباً عام 1374ه (1954م). أول كتاب عن نادي الاتحاد بعد اعتزاله المبكر مطلع الثمانينات الهجرية اتجه للكتابة الصحفية والبحث التاريخي والتأليف فكان باكورة إنتاجه صدور أول كتاب يحمل اسم أمين ساعاتي بعنوان (الاتحاد في التاريخ) عام 1382ه (1962م) وتزامن ذلك مع تحقيق العميد لخمس بطولات في مسابقتي كأس الملك وكأس ولي العهد بين عامي (1378 – 1380ه). فيما كان كتابه الثاني بعنوان (قلم في الرياضة) صدر عام 1384ه (1964م). وبعد عامين أصدر الساعاتي كتابه الثالث بمشاركة الحكم الدولي الراحل غازي كيال كان عنوانه (الحكم والتحكيم) وفي نفس العام 1386ه (1966م) أصدر كتابه الرابع بعنوان (كلاي) عن أسطورة الملاكمة العالمي المسلم محمد علي كلاي عقب فوزه ببطولة العالم واعتناقه الدين الإسلامي -رحمه الله-. سبعة آلاف صفحة تاريخية لكن أبرز الإصدارات في مسيرة (عميد المؤرخين) د. أمين ساعاتي كان كتاب (تاريخ الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية) وثق فيه كل الأحداث التي شهدتها الحركة الرياضية منذ انطلاقتها الأولى. وتوسع المؤلف في السنوات التالية ليتغير اسم ذلك الكتاب إلى (موسوعة تاريخ الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية) وجاءت في عدة مجلدات احتوت على أكثر من سبعة آلاف صفحة. فيما صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في غرة صفر 1389ه الموافق 18 أبريل 1969م، وجاء في 432 صفحة وكتب مقدمة الكتاب رائد الرياضة السعودية الأول الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله-. الطبعة الأولى قبل 57 عاماً وقدر ل(الرياض) الاطلاع على محتوى نسخة أصلية من الطبعة الأولى لهذا الكتاب الموجود في المتحف الرياضي للأستاذ منصور الدوس الذي يقتني سلسلة كل مؤلفات المؤرخ الساعاتي بما فيها من رصد لوقائع تاريخنا الرياضي وأبرز ما تضمنته توثيق تواريخ تأسيس كل الأندية السعودية والملاعب الرياضية والفروسية السعودية والمنتخبات والأندية الزائرة والحكام والمسابقات المحلية ومعلومات تاريخية تعريفية بجهات الحكومية التي تناوبت مهام الإشراف على الحركة الرياضية والكشفية إلى جانب تاريخ الصحافة والإذاعة والتلفزيون. المقدمة بقلم رائد الرياضة ونتوقف هنا عند نص كلمة مقدمة الطبعة الأولى التي كتبها الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله- قائلاً: "المعتاد في كتابة مقدمات الكتب أن يطلع المقدم إلى "المؤلف" مسبقاً.. ولكني للأسف لم يساعدني الوقت لذلك فلم أطلع إلا على جزء من كتاب الأخ أمين ساعاتي (تاريخ الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية) بيد أني أسطر هذه المقدمة.. وأنا مطمئن غاية الاطمئنان على ما يحتويه هذا الكتاب لمعرفتي التامة (بأمين) فهو يحاول دائماً أن يكتب بأمانة.. وهو شاب عاصر الرياضة في جميع مراحلها وجميع مستوياتها.. ابتداءاً من الملعب، ثم عضواً عاملاً في مجالس الإدارات، ثم حكماً رياضياً، ثم ناقداً رياضياً. ربما يكون هناك بعض الهفوات الغير مقصودة.. مما يتعرض لها كثير من الكتاب.. ولكن عذر الكاتب مقبول ما دامت غايته الأولى الأمانة والصدق.. ولا يلام المرء بعد الاجتهاد. راجياً أن يكون هذا الكتاب.. من اللبنات الأولى في صرح تاريخنا الرياضي وأن يضيف إليه لبنات أخرى وأن يكون ذا فائدة للرياضيين وعامل تثقيف لهم.. فنحن في حاجة للثقافة الرياضية على أي وجه من الوجوه. إن تدوين تاريخ الحركة الرياضة في أمة من الأمم.. لا يقل أهمية عن تدوين أية ظاهرة من مظاهر الحياة فيها.. فالرياضة ركيزة هامة في حضارات الأمم.. في جسم المجتمع الفعال منذ الإنسان الأول قبل التاريخ.. وقبل أن يؤرخ التاريخ وتسطر الحضارة البشرية. إن الرياضة وسيلة الإنتاج في أي حقل من حقول الحياة.. الإنتاج بالجسم الرياضي والعقل الرياضي الخلاق.. الإنتاج بالروح الرياضية والأخلاق المثالية.. الإنتاج بالطموح المشع في أذهان الشباب وفي روح الأفراد.. فيكون الخلق ويكون الابتكار وتكون الحياة البشرية المنتجة.. الرياضة الأولمبية توجت حضارة اليونان.. ألبست جبال الأولمب تاجاً رياضياً نفيساً.. وذهبت حضارة اليونان الكمالية.. ولم يبق لليونان الآن سوى حضارتها الرياضية.. في شخص الدورات الأولمبية التي آخرها دورة العام الماضي عام 1968 التي أقيمت بالمكسيك. وعلى وجه العموم، فإن الإحساس بالقيم التاريخية.. هبة إلهية.. تتميز بها أمة دون غيرها.. والرجوع للتاريخ رجوع لحضارات مبعوثة فهو أرشيف الإنسان منذ نشأة الحياة.. وكل العلوم مرتبطة بالتاريخ فإذا أردت أن تدرس المذاهب الأدبية، ادرس تاريخها.. فإذا درست تاريخها درست هذه المذاهب.. وإذا أردت أن تدرس عادات وتقاليد شعب من شعوب العالم.. ادرس تاريخه، ومن خلال تاريخه تقف على أبعاد تقاليده وعاداته ونفسياته.. وإذا أعجبت بعبقري من عباقرة الدنيا وأردت أن تترسمه ادرس تاريخه، يمدك بالفيض الزاخر.. من تجاربه ومواهبه.. نحن ندرس التاريخ لأبنائنا في المدارس من أجل أن نعرفهم على أمجاد آبائهم والقدوة المختارة من العرب الأفذاذ، مبتغين أن يترسموهم ويتأثروا بهم ليعيدوا إلى العروبة أمجادها وبطولاتها.. إن الإنسان الذي يعيش الحياة الحاضرة لا يمكنه أن يشيح بوجهه.. عن الماضي.. عن التاريخ، وأن ننشد أن الحق والاستقرار للإنسان اليوم لا يمكن تحقيقه إلا إذا استند على معلومات صحيحة للأصول التاريخية. والأسباب الموروثة وأدرك كيفية الاستفادة مما تنطوي عليه هذه الأصول وتلك الأسباب.. فالتاريخ عبر ودروس.. يجب أن ندرس تاريخ فلسطين لكي لا نقع في فلسطين أخرى.. وعلى أي وجه من الوجوه فالإنسان (تاريخي) بكيانه.. بحياته بوجوده.. يولد في حقبة ويعايش العديد من الأحداث إبان تاريخه.. ولقد تطور مفهوم التاريخ في العصر الحديث.. تطوراً ملموساً.. في العرض وصب الأحداث والتحليل.. فلم يعد التاريخ سيراً ولا "دش" معلومات، فهو تحليل وتصوير وبعد نظر وعمق وفهم وإدراك.. وأنا إذ أسطر هذه المقدمة فإن أملي كبير أن يكون في هذا الكتاب مختارات التاريخ الكبرى." رحم الله المؤرخ الأول الساعاتي رحم الله رائد المؤرخين د. أمين ساعاتي وجزاه خير الجزاء بما قدم من جهود مخلصه وتضحيات كبيرة في خدمة تاريخ الحركة الرياضية السعودية على مدى 72 عاماً لاعباً وحكماً وإعلامياً ومؤرخاً فذاً وأسكنه فسيح جناته. المؤرخ الساعاتي يتجاذب الحديث مع الأمير سلطان -رحمه الله- 1401ه (أرشيف منصور الدوس). د. أمين بجانب الأمير نايف -رحمه الله- في إحدى المناسبات 1413ه. الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله- أول من دعم المؤرخ الساعاتي في توثيق تاريخ الرياضة ضوئية لمقدمة كتاب تاريخ الحركة الرياضية بقلم الأمير عبدالله الفيصل 1389ه. د. أمين مع أخيه البروفيسور عبدالإله في زيارة لعبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- في المستشفى 1420ه. «رائد التوثيق الرياضي» في لقطة تذكارية مع شقيقيه عبدالإله ونبيه. الساعاتي (الثالث من اليمين وقوفاً) مع الاتحاد بطل كأسي الملك وولي العهد 1379ه. منصور الدوس يستعرض إصدارات «رائد المؤرخين» الساعاتي داخل المتحف الرياضي. د. أمين ساعاتي -رحمه الله- أقدم مؤرخ رياضي سعودي ضوئية لغلاف الطبعة الأولى لكتاب تاريخ الحركة الرياضية للساعاتي 1969م. (أرشيف منصور الدوس).