يسابق الاحتلال الإسرائيلي الزمن للسيطرة على موقع «سبسطية» الأثري شمال الضفة الغربيةالمحتلة، حيث يعتبر هذا الموقع أحد أبرز المعالم التاريخية في الضفة، وذلك عبر مشروع استيطاني لإنشاء حديقة تحمل اسم «السامرة»، في خطوة يرى الفلسطينيون أنها تهدف إلى «ضم الموقع وتهويده». وأكدت مصادر فلسطينية أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي بدأت فعليا بتنفيذ مخطط استيطاني لضم وتهويد موقع «سبسطية». يأتي ذلك بعد اقتحام وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية عيديت سيلمان، إلى جانب وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو ورئيس مجلس المستوطنات في شمال الضفة يوسي داغان، الموقع الأثري، وإعلانهم إطلاق «عملية إنشاء متنزه السامرة». وتعود جذور الموقع الأثري، إلى العصر البرونزي (حوالي 3200 قبل الميلاد)، ويضم آثارا تعود للحضارات الكنعانية والرومانية والبيزنطية والفينيقية والإسلامية. ورُصد وجود فرق إسرائيلية في الموقع الأثري تعمل بحماية مشددة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، في حين أكد مسؤول فلسطيني بدء أعمال حفريات وتنقيب في المكان. هذا المشروع الاستيطاني يستهدف نحو ألف دونم، أي ما يقارب 80% من مساحة الموقع وإنشاء الحديقة سيتضمن إجراء «حفريات ونبش قبور وشق طرق وإقامة شبكات كهرباء، وإحاطة الموقع بأسلاك شائكة وإقامة بوابة ونقطة أمنية إسرائيلية». تقع بلدة سبسطية على الطريق الرئيس بين مدينتي نابلس وجنين فوق هضبة وسط سلسلة جبلية، حيث تبلغ مساحتها نحو 4777 دونما، وفق معلومات رسمية نقلها معهد الأبحاث التطبيقية «أريج» في دليل «بلدة سبسطية» الذي أصدره عام 2014. وبحسب الدليل، فإن السلطات الإسرائيلية سبق أن صادرت 8 دونمات من البلدة لصالح بناء مستوطنة «شافي شمرون»، في حين شهدت المستوطنة توسعا خلال السنوات اللاحقة. تطور خطير وقد وصف رئيس بلدية سبسطية محمد عازم، ما يحدث في الموقع الأثري بأنه «تطور خطير وعدوان»، مشيرا إلى أن «السلطات الإسرائيلية باشرت فعليا أعمالا تهويدية تحت غطاء مشروع ما يسمى بحديقة السامرة، التي تقع على أرض في قلب الموقع الأثري، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وأمام رفض فلسطيني واسع». وأكد عازم أن السلطات الإسرائيلية تعمل على تنظيف الموقع من الأعشاب تمهيدا لأعمال «تنقيب وحفريات»، لافتا إلى أن «إسرائيل تسابق الزمن للسيطرة على الموقع مستغلة الانشغال الدولي بالحروب لفرض سيادتها وسيطرتها على الموروث الثقافي والأثري الفلسطيني». وأشار عازم إلى أن الشعب الفلسطيني حافظ على مر العصور على هذا الموقع، الذي يعد من أهم المواقع التاريخية بالضفة الغربية، والذي يضم مواقع تاريخية عديدة، أهمها المقبرة الرومانية وضريح النبي يحيى ومسجده، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، وقصر الكايد، وساحة البازيليكا، والقصر الملكي، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، والمسرح، وشارع الأعمدة، والملعب. وأكد رئيس بلدية سبسطية أن إسرائيل تعتزم "سرقة أهم موقع تراثي" يزوره فلسطينيون وسياح أجانب، مشيرا إلى أن ذلك سيتسبب أيضا في فقدان عشرات الفلسطينيين مصدر رزقهم الذي يعتمد على السياحة في سبسطية. ووفق موقع "موسوعة القرى الفلسطينية"، فإن بلدة سبسطية تعد بمثابة "متحف أثري"، إذ إن أكثر ما يميزها وجود "سور يلف المنطقة الأثرية من كافة الاتجاهات". ويسكن في البلدة الواقعة شمالي مدينة نابلس نحو 3500 فلسطيني، من بينهم عائلة واحدة مسيحية، وفقا لإحصاءات رسمية. وحسب مؤرخين، فإن بلدة سبسطية خضعت لحكم الآشوريين، ثم الفرس، فالرومانيين، حيث حكمها الملك هيرودس عام 30 قبل الميلاد، وهو من أطلق عليها اسم "سبسطي"، أي "المبجلة"، وتعود غالبية المباني الأثرية الحالية إلى عهده. وفي العهد البيزنطي، أصبحت سبسطية مركزا دينيا لوجود قبر يوحنا المعمدان (النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام)، ويعتقد أن جسد النبي يحيى عليه السلام، يوجد في ضريح قرب مسجد قديم وسط البلدة، في حين دفن رأسه في العاصمة السورية دمشق. ضم بحجة التطوير بدوره، قال مدير مكتب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية ضرغام فارس إن "ما يحدث في سبسطية هو انعكاس لعدة قرارات اتخذها الاحتلال، وهناك تسارع في تلك الإجراءات للسيطرة على المواقع الأثرية الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو". وأضاف فارس، أن "الحكومة الإسرائيلية خصصت عام 2023 مبلغا بقيمة 29 مليون شيكل إسرائيلي (نحو 8 ملايين دولار) لتطوير الموقع الأثري سبسطية عنوةً، وفي حقيقة الأمر هو ليس تطويرا، بل هو ضم وتهويد". وذكر أن هذا القرار يشمل فصل الموقع الأثري في منطقة "ج" عن البلدة للاستيلاء على 1300 متر مربع لإقامة ثكنة عسكرية، بما يؤدي إلى تغيير الطابع التاريخي للموقع، مشيرا إلى أن "إسرائيل بهذا القرار تحوّل المنطقة من موقع أثري إلى ثكنة عسكرية وحديقة استيطانية". ووفق دليل بلدة "سبسطية"، فإن 2702 دونما من أراضي البلدة تقع ضمن المناطق المصنفة "ب" و 2074 دونما تقع ضمن المناطق المصنفة "ج"، ودونمين فقط ضمن المناطق المصنفة "أ". وتنص اتفاقية أوسلو الثانية لعام 1995 على تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لإدارة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية إسرائيلية، أما "ج" فتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة (مدنية وإدارية وأمنية)، وتشكل الأخيرة نحو 61% من مساحة الضفة الغربية. وبيّن فارس أن إسرائيل قررت عام 2024 ضم كافة المواقع الأثرية في الضفة الغربية ضمن مساعيها لمنع إقامة دولة فلسطينية. وفي يوليو 2024، أقرت الهيئة العامة للكنيست بأغلبية أصوات الائتلاف ونواب من المعارضة وبدعم الحكومة، مشروع قانون يقضي بسريان صلاحيات سلطة الآثار الإسرائيلية على الآثار في جميع مناطق الضفة الغربيةالمحتلة، وفق المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، في خطوة اعتبرها المركز الفلسطيني من أبرز مظاهر "الضم الزاحف"، لأن مشروع القانون الذي بادر إليه النائب عميت هليفي من كتلة الليكود "لم يحدد أي مناطق في الضفة الغربية". وقال فارس إن فلسطين تعمل ضمن ثلاث مسارات لمواجهة "التغول الإسرائيلي" على المواقع الأثرية؛ أولها المسار السياسي عبر توثيق الانتهاكات الإسرائيلية ورفعها إلى الجهات الدولية بما فيها منظمة الأممالمتحدة للتراث (يونسكو). أما المسار الثاني فيعمل ضمن حشد المواطنين لزيارة الموقع الأثري المهدد والوجود فيه للتأكيد على فلسطينيته، وثالثها عبر المسار العلمي حيث يتم تقديم المواد والدراسات التي من شأنها تفنيد الرواية الإسرائيلية، وفق قوله. وحذر فارس من أن "إتمام المتنزه الاستيطاني سيحرم الفلسطينيين من الوصول إلى الموقع الأثري، وسيصبح الدخول إليه بحاجة إلى تذاكر أو تصاريح، أي أننا سنكون أمام خيار دعم اقتصاد الاحتلال الذي يصادر أرضك وتاريخك". وتحث إسرائيل خطاها للسيطرة على موقع سبسطية الأثري في وقت يصعد فيه جيش الاحتلال ومستوطنيه اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما في ذلك القدسالشرقية، تزامنا مع حرب الإبادة الجماعية بقطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 969 فلسطينيا على الأقل وإصابة نحو 7 آلاف آخرين واعتقال ما يزيد على 17 ألف شخص، وفق معطيات فلسطينية. "مقاومة الجدار" كشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عن استيلاء سلطات الاحتلال على 35 دونما من أراضي المواطنين في محافظتي نابلس وقلقيلية، من خلال 6 أوامر عسكرية. وأوضحت الهيئة، في بيان، أن الاستيلاء على 35 دونما تم رصدها ، تحت مسمى «أوامر وضع يد»، لفرض وقائع جديدة، بحجة الأغراض الأمنية والعسكرية. واستهدف الأمر الأول الذي حمل الرقم ت/36/25 ما مساحته 2.224 دونما من أراضي قرية بورين وتحديداً منطقتي المدورة والشريديس، وذلك بهدف إقامة برج عسكري يطل على الشارع الرئيس. واستهدف الأمر الثاني الذي حمل الرقم ت/38/25 ما مجموعه 4.821 دونما من أراضي حوارة في محافظة نابلس، وتحديداً منطقتي النجمة القبلية والطول، وذلك بهدف إقامة سياج أمني محاذٍ للشارع، وتترتب على فرض الأمر العسكري محاصرة منزل فلسطيني بالسياج العازل، ووضع بوابة عند مدخل المنزل، ما يُعرّض العائلة لخطر الحصار. واستهدف الأمر الثالث الذي حمل الرقم ت/68/25 ما مجموعه 14.917 دونما من أراضي قرى فرعتا وجيت وتل في محافظتي قلقيلية ونابلس، وذلك بهدف إقامة منطقة عازلة حول بؤرة «حفات جلعات». واستهدف الأمر الرابع الذي حمل الرقم ت/70/25 ما مجموعه 2.374 دونما من أراضي عورتا في محافظة نابلس وتحديداً منطقة ثلث عبد الله، وذلك بهدف إقامة طريق أمني يمتد من مدخل مستعمرة وحتى الشارع الرئيس. واستهدف الأمر الخامس الذي حمل الرقم ت/56/25 ما مجموعه 7.311 دونما من أراضي قريتي قبلان وبيتا في محافظة نابلس، وذلك بهدف إقامة منطقة عازلة حول بؤرة «أفيتار»، المقامة على جبل صبيح. فيما استهدف الأمر السادس الذي حمل الرقم ت/100/25، ما مجموعه 4 دونمات من أراضي قرية دير شرف في محافظة نابلس، وذلك بهدف إقامة برج عسكري، بالقرب من بوابة «شافي شومرون». وتشير قواعد بيانات الهيئة، إلى أنه منذ مطلع عام 2025، أصدرت سلطات الاحتلال ما مجموعه 16 أمراً عسكرياً لأغراض وضع يد على الأراضي الفلسطينية، أدت أربعة منها إلى إقامة مناطق عازلة حول المستعمرات، منها: اثنتان حول مستعمرتي نيكوديم وإفرات في المجمع الاستعماري «غوش عتصيون» على أراضي محافظة بيت لحم تحديدا، وثالثة حول بؤرة «أفيتار» في محافظة نابلس، والأخيرة حول بؤرة حفات جلعاد على أراضي محافظة قلقيلية. وكثفت سلطات الاحتلال في الفترة الأخيرة إصدار هذا النوع من الأوامر، في محاولة لفرض وقائع جديدة على الأراضي الفلسطينية، تتمثل في إقامة الأبراج العسكرية والشوارع المخصصة للجيش والمستعمرين، تضاف إليها المناطق العازلة حول المستعمرات، حيث تتجند هذه الأوامر العسكرية في خدمة المستعمرين والمستعمرات، على حساب أراضي المواطنين وقدرتهم على ممارسة حياتهم الطبيعية. وفي الآونة الأخيرة، كثفت سلطات الاحتلال إصدار هذا النوع من الأوامر، في محاولة لفرض وقائع جديدة على الأراضي الفلسطينية. وتتمثل هذه الأوامر في إقامة الأبراج العسكرية والشوارع المخصصة للجيش والمستوطنين، تضاف إليها المناطق العازلة حول المستوطنات وتتجند هذه الأوامر العسكرية في خدمة المستوطنين والمستوطنات، على حساب أراضي المواطنين وقدرتهم على ممارسة حياتهم الطبيعية. ناد رياضي وحديقة للمستوطنين أعلنت بلدية الاحتلال في مدينة القدسالمحتلة قرب افتتاح ناد رياضي للمستوطنين داخل مستوطنة (معاليه هزيتيم) المقامة على أراضي حي رأس العمود ببلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى. وذكرت بلدية الاحتلال أن النادي الجديد يهدف إلى "توفير فضاء آمن ورفاهية للشباب الإسرائيليين الذين يعيشون في قلب الأحياء العربية". وقد بدأ العمل في المشروع عام 2023، ويُتوقع افتتاحه رسميًا عام 2026. من جهتها، اعتبرت محافظة القدسالفلسطينية افتتاح النادي "انتهاكا صارخا للقانون الدولي وجزءا من مخطط تهويدي شامل". وأضافت -في بيان- أن بناء النادي داخل مستوطنة أُقيمت بالقوة على أراضي المواطنين في رأس العامود "تجسيد عملي لسياسة فرض الوقائع على الأرض واستكمال حلقات الطوق الاستعماري حول البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك". وأشارت إلى استهداف بلدة سلوان، بوصفها الخاصرة الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك، محذرة من أن الصمت الدولي إزاء هذه الانتهاكات المتواصلة يشجع الاحتلال على التمادي في سياساته. وأُسست مستوطنة "معاليه هزيتيم"، الواقعة فوق أراضي حي رأس العمود ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، عام 1997 بأوامر من رئيس بلدية القدس آنذاك إيهود أولمرت، بعد مصادرة الأرض من عائلة حسين الغول، واستولت بعدها مجموعة من المستوطنين على بعض المنازل الفلسطينية في المنطقة المقامة فيها المستوطنة، وتم توطين عشرات العائلات اليهودية فيها. والأربعاء الماضي، افتتحت بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس حديقة عامة جديدة، وأطلقت عليها اسم موشيه أرنيس، الذي شغل سابقا مناصب بارزة في حكومة الاحتلال، بينها وزارة الأمن والخارجية، وكان عضوا في منظمة "إرغون" التي تتهمها مصادر فلسطينية بارتكاب مجازر خلال نكبة عام 1948. وحسب مصادر فلسطينية فإن هذه الحديقة هي التاسعة من نوعها التي تُقام على أراض فلسطينية منذ السابع من أكتوبر 2023. جانب من الآثار متحف سبسطية التاريخي أوامر عسكرية بوضع اليد على المزيد من أراضي الفلسطينيين