رغم التحديات التي تواجه قطاع السياحة والضيافة والتغيرات المتسارعة في هذا المجال، يواصل المعهد العالي للسياحة والضيافة بجازان استقطاب أعداد متزايدة من الطالبات الراغبات في التخصص والدراسة ضمن هذا القطاع الحيوي، حيث بلغ عدد الملتحقين بالمعهد خلال العام المنصرم نحو 550 متدربًا ومتدربة من مختلف مناطق المملكة، يشكّل العنصر النسائي نسبة متقدمة منهم. ويعكس هذا الإقبال المتزايد وعيًا متناميًا لدى الفتيات بأهمية هذا التخصص، وبدوره ساهم المعهد في توفير بيئة تعليمية وتدريبية متقدمة، تجمع بين النظرية والتطبيق، من خلال قاعات دراسية حديثة، ومطابخ تدريبية متطورة، وبرامج مهنية مصممة لتأهيل الكوادر الوطنية للعمل في القطاع السياحي والفندقي محليًا وعالميًا. وفي قلب هذه التجربة التعليمية، تبرز مبادرات إبداعية لطالبات المعهد في الأنشطة اللامنهجية، حيث يسعين لإدخال هوية المطبخ الجازاني التقليدي ضمن مناهج فنون الطهي العالمية التي يدرسها المعهد، مثل المطبخ الإيطالي والفرنسي. تقول المتدربة سحر رفاعي، التي بدأت مسيرتها ضمن الأسر المنتجة قبل أن تلتحق بالمعهد: "كنت أطمح دومًا لتطوير مهاراتي، وقد منحني المعهد فرصة رائعة لصقل هذه المهارات والحصول على شهادة رسمية في المجال الذي أحبه. أحلم بأن أصل يومًا ما إلى مطبخ عالمي يحمل لمسة جازانيةأصيلة. من جانبها، ترى المتدربة مريم أزيبي أن الطهي ليس مجرد مهارة يدوية، بل هو فن يتطلب عقلية إبداعية وقدرة على المزج بين النكهات والثقافات، وتقول: "نحن نحاول أن نثبت أن المطبخ الجازاني قادر على الاندماج والتميز ضمن المطابخ العالمية، لا سيما أنه غني بالتنوع والمكونات الطبيعية الفريدة. وتشهد المعارض والأنشطة الدورية داخل المعهد حضورًا لافتًا لأطباق جازانية شعبية مثل المغش والمكشن والمفالت والمرسة اللحوح والعيش الجازاني، والتي تُعد الطالبات بوصفات مبتكرة تجمع بين الأصالة والتقديم العصري، كجزء من سعيهن لإعادة إحياء أكلات الجدات برؤية حديثة. وخلال جولة "الرياض" في مطابخ التدريب بالمعهد، تلمس روح التحدي بين الطالبات، إذ يتبارين في تقديم أطباق تقليدية بجودة عالمية، ويختبرن تقنيات وأساليب الطهي الحديثة جنبًا إلى جنب مع تراث الطهي المحلي. ويحرص المعهد، بحسب مديره علي جابر القحطاني، على تهيئة الطالبات لواقع العمل من خلال تدريب عملي في بيئات حقيقية، عبر شراكات مع فنادق ومرافق سياحية كبرى. كما أشار إلى برامج نوعية كالدبلوم المشارك، والدورات القصيرة المدعومة من صندوق "هدف"، إلى جانب برنامج "تمكين ومهارات" الذي يفتح الفرصة أمام من لا يحملون شهادات جامعية لدخول هذا القطاع الواعد. ولا تقتصر طموحات الطالبات على اجتياز مرحلة الدراسة فحسب، بل يتطلعن للعمل باحترافية في مجالات الضيافة، الطهي، تنظيم الفعاليات، والتسويق السياحي، ويأملن أن يكنّ سفيرات للمطبخ الجازاني في فنادق ومنشآت داخل وخارج المملكة. ومع كل طبق تقدمه طالبة، وكل فكرة تدمج الأصالة بالتقنية، يثبت المعهد العالي للسياحة والضيافة بجازان أنه لا يخرج مجرد خريجات، بل مبدعات يحملن هوية الوطن، ويخضن غمار المنافسة العالمية بثقة وطموح. أطباق جازانية