يبدو أن شهر يونيو أو حزيران كما يسمونه إخوتنا في الشام مشتعل وملتهب ومنذر بصيف غير متوقع. في الوقت الذي يتقاطع فيه السعي للحياة والمرح يأتي القلق العالمي تجاه أزمات متلاحقة: بيئية، رقمية، اقتصادية وحتى عاطفية. وتتوزع جبهات الحروب على عدة أصعدة ما بين جبهة الذكاء الصناعي وتحولاته الأخلاقية، جبهة الحروب الإقليمية التي لا تهدأ، وجبهة الإنسان الداخلية، حيث يخوض كل فرد حربًا صغيرة لا يراها أحد. من أوكرانيا إلى غزة، من السودان إلى البحر الأبيض المتوسط، نرى جبهات مشتعلة لا تخلُ من رسائل حب تُهرّب خلسة في جيوب المقاتلين، على جدران المخيمات، أو عبر لقطات الفيديو المسروقة من تحت الأنقاض. رسائل تقول للعالم: نحن هنا، نحب الحياة رغم القصف. ولعل الإنسان أمام هذه الحروب يعيش حربا داخل الروح تستدعي أن يكتب الرسائل ويستشعر قيمة الحب الإنساني، حيث نرى اليوم ارتفاعًا في معدلات القلق، العزلة، والتشظي الداخلي، من فقد حبيبًا، أو ترك صديقًا، أو تاه في زحمة المعنى، كل هؤلاء يخوضون حربًا صامتة. لكنهم، في المقابل، يبدؤون بإعادة كتابة ذواتهم، يعيدون ترتيب الحدود، يُعيدون تعريف الحب في زمن الحرب لا كعاطفة فقط، بل كقيمة داخلية: حب الذات، حب العالم، حب الحياة رغم كل شيء. فما تلبث حرب أن تنتهي حتى تقوم أخرى، العالم يُشاهد ساحة الصراع في الشرق الأوسط، هذا الشرق الذي لا يبدو أنه سيهدأ. في المقابل تظل الحكمة السياسية السعودية حاضرة، ليس فقط في القاعات الدبلوماسية، بل في الروح الأخلاقية للموقف. وما قاله الأمير الراحل سعود الفيصل يلخّص الكثير من وعي المجتمع السعودي المتأني "لسنا دعاة حرب، ولكننا لن نقبل أن تُفرض علينا". لقد أدرك مبكرًا أن السلام لا يُصنع من الضعف، ولا الحرب تُخاض من العبث، وأن الحفاظ على الكرامة لا يعني التخلي عن الإنسانية. وعليه، فإن كتابة رسائل حب من قلب الحروب ليست رفاهية، بل ضرورة وجودية، تُذكّرنا من نحن، وماذا نريد أن نبقى عليه. فربما لا توقف هذه الرسائل الحرب، لكنها تحفظ للناس ملامحهم، وللتاريخ وجهه البشري.. دمتم بسلام.