بعد نهاية كل عام دراسي، تأتي الإجازة الصيفية كهدية مستحقة بعد أشهر طويلة من الجهد والاجتهاد، لتكون مساحة للراحة وتجديد النشاط. ومع أن الراحة مطلب ضروري بعد العناء، إلا أن الإجازة الطويلة قد تتحوّل عند بعض الطلاب والطالبات إلى شعور بالفراغ، يجعل الوقت ثقيلاً، والأيام تتكرر بلا هدف. في مثل هذه الفترات، يسعى كثير من الشباب للبحث عن عمل موسمي يملأ وقتهم ويمنحهم تجربة عملية جديدة، وقد ينجح بعضهم في الحصول على فرصة مؤقتة في إحدى المؤسسات أو الشركات. لكن هناك من لا يحالفه الحظ، ويجد نفسه أمام فراغ واسع لا يدري كيف يستغله. ولأن الوقت هو أعظم ما يملك الإنسان، فإن على كل طالب أو طالبة أن يُحسن استثمار إجازته، سواء وجد فرصة عمل أو لم يجد. فالتخطيط الجيد للعطلة يصنع الفرق، ويحوّل الصيف من وقت ضائع إلى مرحلة مثمرة من النمو الشخصي والتطور الذاتي. يمكن بدء الإجازة بوضع خطة بسيطة تتضمن أنشطة محببة تنمي القدرات، مثل قراءة الكتب والمجلات العلمية التي تجمع بين المتعة والفائدة، أو متابعة البرامج التعليمية التي تعزز المهارات والمعرفة، وحضور الفعاليات الثقافية والندوات العامة التي توسع المدارك وتثري الحوار. كما أن ممارسة التمارين الرياضية تحافظ على الصحة وتبعث النشاط، والمشاركة في الرحلات الترفيهية وزيارة المعالم التاريخية تعزز الانتماء وتعطي فرصة لاكتشاف جمال الوطن. وزيارات الأهل والأصدقاء تُعيد الدفء للعلاقات الاجتماعية، وتكسر روتين العطلة. ولا ننسى روعة السياحة الداخلية، حيث يمكن الاستمتاع بجمال الطائف، واعتدال أجواء الباحة، وسحر طبيعة أبها في موسم الصيف. لكن في المقابل، فإن إهمال استغلال هذه الفترة قد يقود إلى نتائج سلبية؛ فالفراغ الطويل يولد شعوراً بالملل، ويدفع البعض إلى إهدار الساعات في نوم مفرط أو تسكع في الطرقات بلا هدف. والأسوأ أن هذا الفراغ قد يكون بوابة لمشكلات نفسية أو سلوكية، أو إدمان استخدام الإنترنت وتصفح مواقع غير مناسبة، ما ينعكس سلباً على القيم والسلوك. من هنا، تأتي أهمية التوعية بضرورة ملء الفراغ بما هو مفيد ونافع، فالصيف ليس مجرد عطلة، بل فرصة لبناء الذات، واكتساب مهارات جديدة، والاستعداد لعام دراسي جديد بطاقة إيجابية وعقل متجدد، فالذي يستثمر صيفه بحكمة، سيبدأ عامه المقبل أكثر نضجاً وثقة، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات.