نجاح يتجدد

عام بعد آخر، يؤكد موسم الحج أن ما تبذله المملكة من جهود في خدمة ضيوف الرحمن ليس مجرّد جهد موسمي، بل هو عهد متجدد ووعد دائم، تسير عليه المملكة بخطى واثقة ضمن خطة شاملة، يتم العمل عليها على مدار العام، لضمان حجٍ آمن، ميسّر، ومفعم بالطمأنينة.
النجاحات المتتالية التي تحققها المملكة في إدارة هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة منظومة عمل متكاملة، بتوجيهات وإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله –، ليتجلى المشهد عن صورة من أعلى صور الالتزام والحرص على تسهيل أداء الحجاج لمناسكهم بكل يُسر وسهولة، في بيئة آمنة، وخدمات لوجستية وصحية متفوقة.
هذا النجاح الأمني والصحي والتنظيمي ليس مجرد أرقام تُسجل، بل هو انعكاس لاحترافية إدارية، وقدرة بشرية، وعزيمة لا تلين، جعلت من المشاعر المقدسة نموذجًا عالميًا في إدارة الحشود، والتعامل مع الملايين بكل كفاءة وإنسانية.
وفي حين تتطلب إدارة مثل هذه الأعداد موارد تفوق قدرات دول، أثبتت المملكة أنها لا تُدير موسم الحج بعقلية الأرقام فقط، بل بإيمان راسخ برسالة الإسلام، وبروحٍ تستشعر الشرف العظيم في خدمة الحرمين الشريفين، وضيوف بيت الله الحرام.
ومن النجاحات اللافتة هذا العام، ما حققته حملة "لا حج بلا تصريح"، والتي ساهمت بفاعلية في تقليل التجاوزات، والحد من التكدس، فانعكست على انسيابية الحركة، وسهولة تقديم الخدمات، وسط غياب مظاهر الافتراش والتدافع، مما رفع من جودة التجربة الإيمانية لحجاج بيت الله.
وعند وداع الحجاج، تُسدل المملكة الستار على موسم الحج بكل حفاوة واهتمام، لتغادر القلوب قبل الأجساد، حاملةً معها صورًا مشرّفة من الرقي في التعامل، والتنظيم الدقيق، والخدمة الشاملة التي تستحق أن تُروى في كل مكان.
هكذا، ومع نهاية كل موسم، تُعيد المملكة التأكيد على أن خدمة الحرمين الشريفين شرف لا يُضاهى، وأنها – بإرادة القيادة وهمّة أبنائها – قادرة على جعل الحج رحلة إيمانية خالدة، عنوانها السلام، والطمأنينة، والنجاح المتجدد.