شهد موسم الحج لهذا العام نجاحًا استثنائيًا على كافة المستويات، ليؤكد من جديد قدرة المملكة العربية السعودية على إدارة واحدة من أكبر التجمعات البشرية في العالم بكفاءة واقتدار، جامعًا بين التنظيم الدقيق، والابتكار التقني، والدعم اللوجستي المتكامل. منذ لحظة وصول الحجاج وحتى مغادرتهم، لمس الجميع سلاسة الحركة، ومرونة الخدمات، وسرعة الاستجابة، وكل ذلك جاء نتيجة تخطيط استباقي محكم، واستثمار نوعي في التقنية الحديثة، وتكامل الجهود بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة. هذا العام، لعبت التقنية دورًا محوريًا في إنجاح موسم الحج، حيث تم استخدام الذكاء الاصطناعي، والتطبيقات الذكية، والطائرات بدون طيار (الدرونز)، لتسهيل إدارة الحشود، ومراقبة المواقع المقدسة، وضمان أمن وسلامة الحجاج. كما ساهمت "بطاقة الحاج الذكية" في تسريع العمليات، وتوفير معلومات دقيقة عن مواقع وتفاصيل الحجاج، مما ساعد على تقليل حالات الفقدان والتأخير، وضمان وصول الخدمات الصحية والغذائية في الوقت المناسب. أما على صعيد الخدمات اللوجستية، فقد كانت التجربة مثالية بكل المقاييس. النقل الترددي بالحافلات المجهزة والمكيفة، القطارات السريعة، وجدولة رحلات الطيران بدقة، كلها ساهمت في التنقل السلس بين المشاعر المقدسة. كما أن العمل الدؤوب من الكوادر البشرية المؤهلة من مختلف الجنسيات، والمدعومة بتقنيات حديثة، عزز من كفاءة التوزيع والإمداد للمواد الغذائية. نجاح التنظيم لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة التنسيق العالي بين وزارة الحج والعمرة، رئاسة شؤون الحرمين، ووزارة الداخلية، والصحة، والنقل، والعديد من القطاعات المساندة. فرق العمل الميدانية المنتشرة في كل زاوية من مكة والمشاعر، كانت تعمل بتناغم وتكامل، مما عزز من سرعة التدخل في الحالات الطارئة، وضمان راحة الحجاج في كل محطة من رحلتهم الإيمانية. ما تحقق هذا العام في الحج يبعث برسالة واضحة للعالم: المملكة قادرة على تسخير التقنية والإنسان معًا لخدمة الدين والإنسانية. هذا النجاح لم يكن مجرد إنجاز موسمي، بل تجسيد لرؤية طموحة تقودها قيادة حكيمة، وضعت خدمة ضيوف الرحمن في مقدمة أولوياتها، ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030. نحمد الله على نجاح هذا الموسم المبارك، ونرفع القبعة لكل يد عملت بصمت وإخلاص في سبيل راحة وسلامة الحجاج. الحج هذا العام لم يكن مجرد عبادة، بل كان قصة نجاح سعودية كتبتها التقنية، ورسمتها اللوجستيات، وأخرجها التنظيم المتقن.