الصين تضخ زخما جديدا في تعاونها مع دول مجلس التعاون الخليجي بتوسيعها سياسة الإعفاء من التأشيرة لتشمل سائر دول المجلس    أمانة القصيم تواصل جهودها الميدانية للنظافة بعمل ٢١٤٥ من الكوادر البشرية خلال عيد الأضحى    النمو الفصلي للسعودية يتجاوز التوقعات على الرغم من تحديات النفط    أمير تبوك يتابع تنفيذ المرحلة الثانية والأخيرة لتوديع ضيوف الرحمن عبر منفذ حالة عمار    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي كبار مسؤولي وزارة الداخلية وقادة القطاعات الأمنية وقوات أمن الحج والقوات المساندة من القطاعات والجهات العسكرية والأمنية    "الاتصالات": 181.2 مليون مكالمة محلية ودولية خلال موسم الحج    مكاسب للنفط واستقرار الذهب    تطوير 3 ساحات في "مركزية" المدينة لراحة الحجاج    في برقيتين لخادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية: دعم وتوجيهات القيادة الصائبة مكنت الحجاج من أداء المناسك بيسر وسهولة    تجدد الاشتباكات في طرابلس بعد انهيار الهدنة    غروسي: إيران تقترب من صنع القنبلة النووية    هجمات بالمسيّرات وتحركات ميدانية كثيفة.. معارك ضارية بين الجيش السوداني و«الدعم» في كردفان    في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة للمونديال.. أنشيلوتي مطالب بالفوز في ظهوره الأول على الأراضي البرازيلية    في الجولة الأخيرة من تصفيات مونديال 2026.. الأخضر يتمسك بالأمل أمام الكنغر الأسترالي    القيادة تهنئ ملك الأردن بذكرى يوم الجلوس    لمتابعة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.. مدير الجوازات يقف على سير العمل بمجمع صالات الحج    حرس الحدود يؤكد: جاهزون لتيسير مغادرة الحجاج عبر المنافذ البرية والبحرية    ضبط 2790 دراجة آلية مخالفة في أسبوع    هيئة الأفلام تنضم إلى الرابطة الدولية للمحفوظات السمعية    دارة الملك عبدالعزيز تصون ذاكرة الوطن ب" التقنيات الحديثة"    غادروا مكة متوجهين إلى المدينة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين: العناية بالحجاج ترجمة لما تقدمه السعودية من خدمات للإسلام    إتاحة إصدار شهادات إتمام الحج عبر تطبيق "نسك"    في آخر أيام الحج وثالث أيام التشريق.. الحجاج يرمون الجمرات الثلاث.. ومنى تودع ضيوفها    تحدٍ على" تيك توك" يقتل مراهقة أمريكية    ترمب يدعم اعتقال حاكم كاليفورنيا بعد اعتراضه على نشر الحرس الوطني    إدمان العالم الرقمي.. مشكلة تهدد الأطفال    قطار المشاعر ينقل 11130 راكبا كل ساعة خلال موسم الحج    تسخير الإمكانات    ترمب: لم نتوصل لاتفاق حتى الآن مع إيران والعواقب ستكون وخيمة عليها    الأخضر تحت 23 لكرة القدم يخسر مواجهة مالي    دي بروين ينقذ بلجيكا بعد انتفاضة ويلز القوية    "هيئة الطرق": مواقع متنقلة مكيفة للحجاج على طريق الهجرة في حال تعطل حافلاتهم    بطولة خوفو الدولية : الأخضر تحت 20 يختتم مشاركاته بالتعادل أمام منتخب النرويج    رونالدو يحسم مستقبله مع النصر    مع فتح موسم العمرة الخارجية قطاع الإيواء يستعيد عافيته    ضبط 3 أشخاص بعسير لترويجهم (2,713) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    استهداف الجوعى لا يتوقف: مجزرة جديدة قرب مركز توزيع رفح    العوامل الخارجية.. الداعمة لأسعار النفط    ضيوف برنامج الملك يتوجهون إلى المدينة    «فنان العرب».. يتفاعل مع جمهوره في دبي    انطلاقة باهرة ل«سيرك 1903» في ليالي موسم جدة    الأمم المتحدة: لا نريد مزيداً من «العسكرة» للأوضاع في لوس أنجلوس    قرارات إدارية بحق 8 أشخاص لنقلهم 21 مخالفًا لا يحملون تصاريح لأداء الحج    "رافد الحرمين" تختتم موسمها الثاني بتنفيذ 155 دورة تدريبية في حج 1446ه    حرس الحدود يؤكد جاهزيته لتيسير مغادرة ضيوف الرحمن عبر المنافذ البرية والبحرية    «الصحة العالمية» : جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يُغادر جدة    عودة "مهرجان تنوير" إلى صحراء مليحة في دورته الثانية من 21 إلى 23 نوفمبر 2025    رئيس اللجنة الكشفية العربية: جهود المملكة في الحج تعكس احترافيتها وتقدم خدمات الحج الذكية والرقمية    أمير المدينة المنورة يهنئ القيادة بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام    رئيس مجلس الشورى يهنئ القيادة بنجاح موسم الحج ويثمن تسخيرها جميع الإمكانات وأحدث التقنيات لخدمة ضيوف الرحمن    موسم الحج يودع الصيف… والعودة بعد 25 عاماً    نائب أمير منطقة مكة يُعلن نجاح حج هذا العام 1446ه    القيادة تعزي رئيس زامبيا في وفاة الرئيس السابق إدغار شاغوا    أمن الحج والعمرة بالمدينة يستكمل استعداداته لاستقبال الحجاج    متحور جديد ل"كوفيد".. و"الصحة العالمية" تحذر    محمد الحكمي… نموذج مشرف يخلّد تراث المنطقة بصناعة إعلامية هادفة    أطباق تراثية تعكس هوية جازان الثقافية في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاي في الثقافة السعودية

في اليوم العالمي للشاي الذي يوافق 21 مايو من كل عام، يحتفل العالم بالمشروب الأكثر شعبية بعد الماء، والذي تجاوز كونه شرابًا إلى أن أصبح ثقافة وعادة وطقسًا يوميًا، يحمل في طياته نكهة التاريخ، ودفء العلاقات، وجمال التفاصيل، وفي المملكة العربية السعودية اكتسب الشاي حضورًا خاصًا، وارتبط ارتباطًا وثيقًا بالضيافة والعادات الاجتماعية، حتى بات جزءًا من هوية الناس، لا يكاد يخلو منه بيت أو مجلس. تروي إحدى القصص القديمة أن الإمبراطور الصيني «شينونج» كان يشرب الماء المغلي طلبًا للنظافة الصحية، فهبّت ريح وأسقطت أوراق شجرة شاي في وعائه، ولاحظ تغيّر لون الماء، فجرّب شربه، فكانت مفاجأته بنكهة منعشة لم يذق مثلها. ومن هنا بدأت رحلة الشاي قبل آلاف السنين كما يروى في الصين، حيث انتقل إلى اليابان ثم إلى الهند عبر التجار، وازدهرت زراعته لاحقًا في سريلانكا والهند خلال الاستعمار البريطاني، دخل الشاي أوروبا في القرن السابع عشر، ثم إلى الخليج العربي والحجاز عبر البحر والتجارة.
ويُروى في المصادر التاريخية أن الشاي لم يكن معروفًا في الحجاز قبل منتصف القرن الثالث عشر الهجري. وقد وثّق الشيخ محمد حسين نصيف –رحمه الله– أن الشاي لم يُعرف في الحجاز إلا بعد عام 1260ه، حيث قال: «لم يكن الشاي الذي نشربه اليوم بكثرة معروفًا في الحجاز قبل عام 1260ه، ولم يألفه الناس في مجالسهم قبل ذلك التاريخ». دخل الشاي من خلال التجارة مع الهند، عن طريق ميناء جدة، ثم امتد إلى الأحساء عبر ميناء العقير، الذي كان الميناء التجاري الأول في شرق المملكة. ومن هناك انتقل تدريجيًا إلى الرياض، وكان يُقدَّم في البداية في بعض البيوت الخاصة، وغالبًا ما يُخصص للنساء، ثم سرعان ما اعتاد عليه الرجال أيضًا، ليصبح جزءًا من المجلس السعودي التقليدي بعد القهوة والتمر، وعرف السعوديون الشاي بشكل أوسع في عهد الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه– حين ازدهرت الحركة التجارية، وبدأت الموانئ والمنافذ تستقبل مختلف البضائع، ومن ضمنها الشاي بأنواعه. ومع مرور الوقت، أصبح للشاي مكانة ثابتة، يُقدَّم غالبًا بعد القهوة والتمر –ما يُعرف ب»القدوع»– وارتبط بالمناسبات اليومية، العائلية منها والرسمية، بل أصبح وجوده دلالة على إكرام الضيف، تمامًا كما القهوة.
وأصبح من تقاليد الضيافة في المملكة العربية السعودية أن يُقدَّم الشاي بعد القهوة مباشرة، في تسلسل اجتماعي غير مكتوب لكنه معروف ومتوارث. لكل منطقة طريقتها في تحضير الشاي، ولكل بيت طقوسه وأكوابه المميزة. ومن المظاهر اللافتة أن الشاي صار يُحضَّر بأوانٍ خاصة، وتُستخدم له بيالات مزخرفة، وتُخصص أطقم فاخرة لا تُقدم إلا لكبار الضيوف أو في المناسبات المهمة.
ومن تجربتي الشخصية، كان لي زيارة سابقة إلى مزارع ومصانع الشاي في الهند وسريلانكا، وهناك لمست حجم الجهود الكبيرة التي يبذلها المزارعون المتخصصون، بدءًا من اختيار التربة المناسبة، وجني الورقات الأولى من قمم الجبال في مواسم محددة، إلى العناية بعمليات التخمير والتجفيف والفرز، ثم التصنيع والتعبئة في المصانع المتخصصة. رأيت بأم عيني التفاصيل الدقيقة، وتفاني العاملين في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، حتى يصل الشاي إلى موائدنا بشكله الحالي ونكهته المتقنة، تلك الرحلة أضافت لي تقديرًا أعمق لهذا المشروب العريق الذي يربط بين الشعوب والثقافات.
لم يكن الشاي مجرد مشروب عادي، بل تطورت حوله طقوس وتقاليد في تقديمه وتحضيره تختلف من بيت لآخر. فمن البيالات المزخرفة باللون الذهبي، إلى البيالات المخصرة التي ما زال الناس يحتفظون بها، أصبح للشاي هوية داخل كل بيت سعودي، بل إن كثيرًا من الأمهات يحرصن على مشاركة أطفالهن الشاي مع البسكويت، كطقس حميمي يُورّث منذ الصغر.
ومن القصص الطريفة في تاريخ الشاي، أنه تم اختراع أكياس الشاي بالخطأ عام 1904م، عندما أراد أحد منتجي الشاي تقليل التكاليف فوضع الشاي في أكياس صغيرة، وظنّ الزبائن أن الكيس يُوضع كاملًا في الماء، فانتشرت الفكرة، وتحولت إلى أسلوب حديث في تقديم الشاي حول العالم، ولا يقتصر دور الشاي على كونه مشروبًا دافئًا، بل يعتبر كنزًا من الفوائد الصحية، حيث يساعد على تحسين الهضم، وتهدئة الأعصاب، وتقليل التوتر. كما يُعد إنتاج الشاي وتصنيعه مصدر دخل للملايين من المزارعين حول العالم، ويساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال دعم المجتمعات الريفية والاقتصادات الزراعية.
وفي ظل اهتمام المملكة بالإرث الثقافي والتراث الشعبي، برز اهتمام خاص بتوثيق كل ما يخص الشاي، ومن أبرز مظاهر هذا الاهتمام وجود متحف فريد من نوعه في مدينة الرياض، وهو متحف واصل للشاي، الذي يُعد من المتاحف المتخصصة، ويضم أكثر من 1300 صنف من الشاي القديم والحديث، ويعرض تاريخ أدوات الشاي وتحضيراته في مختلف الثقافات، ويُعد وجهةً للمهتمين بالتراث والتذوق والتاريخ.
اليوم، يُشرب الشاي بانتظام من قبل 70 % من سكان العالم، وتُعدّ الورقات الرقيقة من قمم الجبال من أجود أنواعه. أما في المملكة، فقد أصبح الشاي «رفيق الجلسة» و»ونس السمر»، يتوارثه الصغار من الكبار، وتحمله الذكريات في كل بيت. هو ليس مجرد مشروب، بل جزء من ذاكرتنا، وتفاصيلنا، وثقافتنا، وسيظل كذلك مهما تطورت الحياة وتبدلت العادات.
عبدالعزيز بن سليمان الحسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.