"الحاج في أعيننا ومن يخالف في قبضتنا"، عبارة أمنية قوية أطلقتها رئاسة أمن الدولة، تَختصر بتعبير بليغ لرسالة مزدوجة تُعبّر في جزء منها عن عمق التقدير لضيوف الرحمن، وفي الوقت ذاته عن الحزم في حماية أمن الحج. فهي في الحقيقة تعكس من جهة، الترحاب الكبير والاهتمام البالغ الذي تُوليه حكومة المملكة العربية السعودية لحجاج بيت الله الحرام، مؤكدة حرصها على توفير أعلى مستويات الرعاية والخدمة لهم، بكل ود ومحبة. ولكن من جهة أخرى، تحمل العبارة تحذيرًا صارمًا لكل من تُسول له نفسه المساس بأمن الحجيج أو محاولة الإخلال بالنظام، مشيرة إلى الجاهزية الأمنية العالية والصرامة في التعامل مع أي تجاوزات، بما يضمن سلامة الحجاج واستقرار المجتمع. بهذا التوازن الدقيق بين الحفاوة والحزم، تُجسد المملكة التزامها الراسخ بأن يكون موسم الحج آمنًا وميسرًا للجميع. وقد تم التأكيد خلال المؤتمر الصحفي لقيادات قوات أمن الحج للعام 1446/ 2025، الذي عقدته وزارة الداخلية مشكورة كعادتها في كل عام، على أن المملكة سخرت إمكاناتها بجميع طاقاتها كافة لخدمة ضيوف الرحمن، لتمكينهم من أداء نسكهم في بيئة آمنة، مطمئنة، ومنظمة. هذه الإمكانات تُوجت بالخطط الأمنية والتنظيمية الشاملة لموسم حج هذا العام، والتي تضمنت لجميع الجوانب المتعلقة بحفظ الأمن والنظام، بما في ذلك إدارة الحشود بشكل منظم وانسيابي، إضافة إلى إدارة الحركة المرورية، وخطط الطوارئ، وذلك ضمن إطار متكامل يغطي جميع مراحل رحلة ضيوف الرحمن، بدءًا من قدومهم إلى المملكة وحتى مغادرتهم سالمين غانمين إلى بلادهم، بمشيئة الله. كما وقد تم التأكيد خلال المؤتمر على أن كل من تسوّل له نفسه الإخلال بالأمن أو مخالفة الأنظمة، سيُواجَه بإجراءات صارمة دون تهاون أو تساهل، وذلك حفاظًا على أمن وسلامة ضيوف الرحمن، ليمضوا في أداء مناسكهم بكل يُسر وسهولة في أجواء مفعمة بالروحانية يسودها الأمن والاستقرار والطمأنينة. وتم التأكيد أيضًا على أن مركز عمليات القيادة والسيطرة للحج يمثل العمود الفقري التنفيذي للخطط الأمنية، باستخدام أحدث التقنيات الحديثة، التي تُساعد رجال الأمن في متابعة المؤشرات للخطط الأمنية والخدمية بشكلٍ لحظي، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر؛ تقنيات الذكاء الاصطناعي، والدرونز، والتي تسخدم للمرة الأولى في موسم حج هذا العام في مجال الإطفاء، هذا إلى جانب وضع حوكمة واضحة لتلقي البلاغات وطرق التصعيد الأولية والمعالجة بمشاركة جميع الشركاء. يُجسّد هذا التنظيم الأمني النوعي نموذجًا متقدمًا في حماية ضيوف الرحمن، ويهدف أيضًا إلى ضمان سلامة الحجاج وتحقيق موسم حج آمن ومستقر، ولكن وعلى الرغم من ذلك، لا يزال هناك بعض العابثين واليائسين من ذوى ضعاف النفوس الذين يحاولون تعكير صفو هذه الأجواء الأمنية والإيمانية الرائعة، بارتكابهم لأخطاء ولممارسات غير مسؤولة وغير آمنة، تُعد خروجًا صريحًا وسافرًا على الأنظمة والتعليمات المرعية، في تحدٍّ مرفوض لأي موسم من مواسم الحج، سواء هذا العام أو ما سبقه أو ما سيأتي من أعوام قادمة. في إطار التصدي للتصرفات غير النظامية التي ينتهجها الخارجون على القانون، كمحاولة أداء فريضة الحج دون الحصول على تصريح رسمي، أو نقل وإيواء أشخاص لا يحملون تصاريح نظامية، مما يؤدي إلى مزاحمة الحجاج النظامين المصرّح لهم بالحج وتعكير انسيابية التنظيم؛ قد تم تشديد الإجراءات الأمنية لمكافحة مثل هذه المخالفات. وقد شُرع في تفعيل نقاط التفتيش الأمنية الثابتة والمتحركة على مداخل مكةالمكرمة، إلى جانب فرض أطواق أمنية محكمة تُطبّق رقابة شاملة حول المدينة المقدسة، مع التأكيد على تطبيق الأنظمة والتعليمات بكل حزم ودون تهاون بحق المخالفين. إضافة إلى تلك الجهود الأمنية الموفقة بإذن الله، فقد أطلقت وزارة الداخلية حملة أمنية حازمة تحت شعار "لا حج بلا تصريح" والتي لا تستهدف من خلالها بأي حال من الأحول التحجير على المسلمين ووضع العراقيل أمامهم وعدم تمكينهم من أداء الفريضة، بأكثر مما يفرضه واقع الحال الأمني والتنظيمي للحج، الذي يقضي بتنظيم حركة الحجاج، وتفادي الازدحام الشديد الذي قد يؤدي إلى حوادث مأساوية لا قدر الله، نتيجة للتزاحم والتدافع. وحرصًا على سلامة الحجاج النظاميين وعدم مزاحمتهم، أطلقت وزارة الداخلية الحملة التي لم تأت من فراغ أو من عبث، بل هي ترجمة لأسلوب عمل أمني مهني وتنظيمي واعي وراقي ووسيلة آمنة لضمان أن كل حاج لديه سكن، وخدمة صحية، وإعاشة، ومتابعة أمنية تضمن له أداء مناسكه بأمان وسكينة. وجاء تأكيد هيئة كبار العلماء في المملكة داعمًا للحملة وللتعليمات الصادرة عن وزارة الداخلة، بأن الالتزام باستخراج تصريح الحج والتزام قاصدي المشاعر المقدسة بذلك يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا، حيث جاءت الشريعة بتحسين المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، موضحة الهيئة بأنه لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح، ويأثم فاعله، ومن لم يتمكن من استخراج التصريح فإنه في حكم عدم المستطيع.