تطبيقات الخرائط كانت دائمًا موجودة؛ توصلك إلى العنوان، ترشدك بالاتجاهات، وتعرض لك المسار خطوة بخطوة، لكنها لا تسمعك، لا تفهم اللهجة التي تنطق بها أسماء الأحياء، تتعامل مع المدن كنقاط في قاعدة بيانات، لا كأماكن عاش فيها الناس، وتبدلت أسماؤها على ألسنتهم قبل أن تُسجَّل في أي نظام. "بلدي+" جاء بتجربة مختلفة؛ خريطة تنطق بلهجتنا، وتُظهر الحي كما نعرفه، وتقدم المعلومة كما نستخدمها في حياتنا اليومية. لم يُصمَّم من الخارج ليُفرض علينا، بل نبت من شوارعنا، بأيدٍ تعرف الأماكن وتفاصيلها، وتفهم أن العلاقة مع المدينة لا تُبنى بالصور الفضائية وحدها. الذكاء الاصطناعي حاضر، والدقة عالية، لكن الأهم أن التطبيق مبني بفكر محلي؛ من خلال مشروع نضج بين شوارعنا.. بخبرة سعودية صرفة، الفريق الذي طوّره لا يتعامل مع المستخدم كرقم، بل كشخص يعرف أين يريد الذهاب، ويستحق أن يُخاطب بلغته، لهذا السبب تشعر وأنت تتنقّل فيه أن الخريطة ليست مجرد نظام، بل امتداد لتجربتك مع المكان، وهذا النوع من الانفتاح، لا تصنعه الأوامر البرمجية وحدها، بل الرؤية التي تؤمن بأن المواطن ليس مفعولًا به، بل طرفًا فاعلًا في كل تحديث. ما يميز "بلدي+" أنه لا يكتفي بعرض البيانات، بل يدعوك للمشاركة في تحسينها؛ يمكنك الإبلاغ عن تغييرات، اقتراح إضافات، المساهمة في تصحيح خطأ، وكأن الخريطة تعترف بأنك تعرف أكثر، وتثق بما تراه على الأرض. وهذا النوع من المشروعات لا يُولد من ضغط التحول الرقمي، وإنما من قناعة بأن التقنية الجيدة تبدأ من الإنسان، وأن الخدمة الذكية لا تُقاس بالسرعة أو الحداثة، إنما بقربها منهم وقدرتها على التكيّف مع واقعهم. "بلدي+" لا يقدم حلًا واحدًا، فهو يبني علاقة مستمرة بين المدينة وساكنها... وينشئ خريطة تُشبه لغتنا، وتعرف أن بعض الطرق لا تُرسم، بل تُروى.