المجتمع هو أنا وأنتم، وهي وهن؛ ممن كنا نتعطش إلى أبنية ثقافية ومجالس أدبية إضافية نتحدث فيها عن رواية أو قصيدة أو معانٍ فلسفية وتاريخ معرفي ثقافي بما يشبه الوجود الدائم قدر الإمكان، والمجتمع أيضاً هو أنت وهم، وهي وهن ممن لا يهتمون بالثقافة ولا بالأدب، ويسعون في مناكب الأرض كل حسب اهتمامه وهمومه وما يُسر له. جاء الشريك الأدبي، وهو البرنامج الذي يحمل الفكرة التي أشغلت المهتم بالثقافة ليجعل حتى من لا يهتم بالثقافة والأدب ينضم إلى قائمة المهتمين، ففي كل بيت هناك من يشغله الأدب وتستهويه الثقافة، فتحولت الأسرة مع هذا الفرد إلى متابع لهذا المشروع العبقري، وأصبحت تتابع هذا المهتم من أفرادها في ندوة منقولة أو مصورة بأي شكل وأي وسيلة، ودخل الشريك كل بيت ليحقق معنى الشريك تنظيراً وتطبيقاً. هذا الشريك الأدبي وضع عصا ترحال نسخته الرابعة في منتصف شهر مايو 2025م بعد أن طاف بالثقافة والأدب والمعرفة أرجاء المواضيع وفضاءات المجتمع، وناله ما ناله من الثناء وطاله ما طاله من العتب، وهذا واقع صحي ووضع طبيعي، فالمشاريع المستفزة للشكل المعهود للأفكار تربك المشهد، وتنفض غبار الأمكنة وربما غبار بعض الأمزجة التي لا تستطيع إلا أن تكون حادة وتتغطى بلحاف أنها شخصيات جادة ليكون دورها النقدي مقصوص الأوراق فلا يعطي النقد حقه من المنهجية النقدية التي تقطف الحسنات ثماراً يانعة، وتلتقط العيوب لتأخذها إلى حيث الدروس المستفادة لتكون عامل تطوير وتجويد أفكار وعمل، وليست عامل تصيد وتثبيط. الشريك الأدبي شريكنا جميعاً، ومشروعنا الثقافي الذي قرب بين الأجيال، وأعاد تشكيل مفاهيمنا عن المقهى ليصبح ذلك المكان الذي يجمعنا على كوب من الثقافة، وفي مكان يطمئن فيه الأب والأم على أبنائهم، وقد أسهبت في الكتابة عن الشريك الأدبي في مقال سابق بعنوان (الشريك الأدبي.. عبقرية الفكرة واحترافية التنفيذ) بتاريخ 3 فبراير 2024م على صفحات جريدة «الرياض» الغراء التي آمنت بهذا المشروع، وبنت له مكاناً قصياً في قلب صفحاتها الثقافية الرائدة. حط الشريك الأدبي عصا ترحال نسخته الأخيرة محققاً نجاحاً لافتاً، وحضوراً من كافة الفئات والأعمار، ومنهم رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبداللطيف الواصل في الأيام الأولى لتوليه مهمته في إحدى الأمسيات التي كنت أحد حضورها مما جعلني أقرأ هذا الحضور على أنه اهتمام متصل بهذا المشروع الأدبي الضخم، ووعد بأن يستمر هذا المشروع التشاركي مع المجتمع؛ حي ينبض بالمجتمع وينبض به المجتمع. مجتمع حيوي كما جاء في إحدى ركائز رؤية المملكة 2030. دعوني أقتطع من مقالي السابق المشار إليه أعلاه هذا الجزء: «كوب قهوة وكتاب؛ هذه أنصع وأجمل صورة ذهنية تجمع الأدب بالمقهى. لكن أن تصبح الصورة كتاباً ومقهى وأمسية أدبية وجمهوراً وتكريماً، فهذه قفزة على كل الصور الذهنية، وطمس لمحدودية الطموح، ونقل من الحلم المستحيل إلى الواقع المحقق، ما القصة؟». (انتهى الاقتباس). الجواب: إنه الشريك الأدبي؛ مشروع أدبي ثقافي سعودي ابتكاري عبقري؛ لا يحتكر فائدته على السعوديين بل يتعدى ليكون لمجتمع كامل يعيش فوق هذه الأرض وتحت سماء المملكة العربية السعودية من أبنائها أو المقيمين على أرضها، وهو جهد إنساني ومنتج بشري لن يصل إلى الكمال، ولكنه يقترب منه عندما يواصل تطوير أدواته، وجني ثمار ما يقال عنه، وما يكتب بحقه، وأن يكون قريباً من نبض المجتمع وصوت الناقد الموضوعي المنصف.