من الرّياض هنا دمشق. في قلب دمشق، تستقر الرّياض، تمتد خارطة السعودية الواسعة في قلب الشام الذي اتسع لها ولأبنائها جميعهم. كم يبدو الشّكر هزيلاً على لسان دمشق الآن، فكلمة الشّكر لن تتسع لفيض الدّموع التي سالت على جسدها البارحة وملأت شوارعها، ولن تتحمل صوت الضّحكات والزّغاريد لئلا تثقب أذنيها، (ش ك ر) ثلاثة أحرف كيف لا تزلزلها نبضات قلوب ملايين السّوريين، كيف ستحمل على ظهرها هذا الامتنان الكبير لكِ دون أن تفرط في النهاية، وتملأ الدنيا شكراً وعرفاناً. ما فعله ولي العهد محمد بن سلمان البارحة سيكتبه التّاريخ قصةً تحكى، كيف أنّه عانق السّوريين جميعاً بلحظة عندما ضمّ يديه لصدره، وعندما وقف قالت الحكاية إنّ الأمير قال كلمة حق وصدق وعده ووفى، وقف بجانب شعبٍ مظلوم، تحدّث باسمه ودافع عنه وفاوض بدلاً عنه. ما تريد دمشق قوله على لساني -أنا ابنتها-: «شكراً لسموك، شكراً لأنك عند كلمتك ولم تتركني أواجه العالم وحدي» شكراً لكلّ سعودي كان موجوداً ووقف مصفقاً لرفع العقوبات عن سوريا بلدي وبلده، شكراً لأهل السّعودية الذين قاسمونا فرحة 8 ديسمبر وفرحة 13 مايو. شكراً لكل سعوديّ كان معنا منذ بدايات الثّورة حتّى إعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا من قلب الرياض، بعد أن حسبنا طريق رفعها طويل وسيستهلك سنوات إضافية من عمرنا، شكراً لأنكم حملتم نخوة المعتصم ولبيتم النّداء. شكراً لأصدقائي السعوديين كلّاً باسمه وجميل وسمه، وهم يثبتون لي أن ما قرأته في كتب التاريخ عن مكارم أخلاق العرب ليست مجرد قصص بل هي حقائق ألمسها مع كلّ تعامل معهم. شكراً من دمشق للسعودية للرياض وجدة والقصيم وحائل والدّمام والعلا وجازان وفرسان وبني هريرة والدرعية والباحة والقطيف والطائف ولمكة والمدينة، للخبر وتبوك، لأبها، لنيوم مدينة الأحلام.... شكراً لكل المناطق والمدن التي لم أسمع بها بعد، ولكل جبل وحجرٍ هناك، شكراً لحقول الخزامى ولأشجار النخيل، شكراً لأنكم عرفتم قيمة دمشق، وصنتم عهدها، ولم تنسوا تاريخها، دمشق أقدم العواصم ودرة المدن بقيت كذلك حتى أتاها مغول العصر في السّبعينات وشوهوها، لكن لا بد ستنهض وتعود لقوتها وعزّها، وسترد دينكم الذي سيبقى في رقبتها. ستفتح لكم أبوابها السّبعة، يستقبلكم قاسيونها ويسألكم عن طويقكم، سيجري بردى بفروعه الستة وقد عادت المياه لعروقه، ويرقص أمامكم. شكراً لكم من سوريا التي فتحت يديها للجميع، وعندما وقعت أغلقت أبواب كثيرة في وجهها. شكراً من كلّ شيخ وعجوز حلما بأن تقرّ أعينهم بشامهم قبل المغادرة، شكراً من كل شاب وشابة حلما بأن يحققا أحلامهم هنا بلا استخراج جواز سفر، شكراً من كل طفل وطفلة، سيكون عندهم مستقبل بين أزقة الشام العتيقة وعلى ضفاف الساحل وفوق جبال الجنوب. شكراً مني أنا صوت دمشق وابنتها التي لم ترضَ أن تفارقها: «لا اسم لي سوى دمشق، كلّما ناداها أحدٌ صحتُ من في الباب؛ وكلّما أحبها أحدٌ، احمرّت وجنتاي» هامش: سارعي للمجد والعلياء، مجدي لخالق السماء وارفعي الخفّاق أخضر، يحمل النور المسطّر، رددي الله أكبر يا موطني السّلام الملكي السّعودي أسمعه بشكل شبه يومي منذ تاريخ 8 ديسمبر، كانت هذه طريقتي الخاصة بشكر المملكة بأن أرفع صوت نشيدهم في شوارع دمشق وعند قاسيونها، أسمعه بفرح وفخر مستعيدة كل ما ملأت به ذاكرتي من مشاريع نفذت من رؤية 2030، ومشاريع طرحت وأعرف أنها قريباً ستنفّذ، أفرح بها كما لو أنّني سعودية، أفرح بأنّ بلاداً عربية صارت تصنع الفرق بهذا الشكل، وأكنّ الكثير من الاحترام لسمو ولي العهد محمد بن سلمان، منذ زمن، فما صنعه لبلاده في وقت قصير يحتاج سنوات طويلة ليتحقق في بلدانٍ أخرى إن افترضنا أنه قابل للتحقيق خارج السعودية، ظننت أن رؤيته وإخلاصه هما خاصان ببلاده السّعودية والمواطن السّعودي هو همّه وكرامتُه من كرامتِه، لكن في 13 مايو فقط مع فرحته الحقيقية وتصفيقه الحار ووقوفه كنخلة شامخة، عرفت أنه يحبّ سوريا، وللسّوري كرامة عنده كالسّعودي.