من يتعجل الشيء قبل أوانه يُعاقب بحرمانه، وهذا ما يفعله الهلال اليوم وهو يترنح بين أنقاض قراراته استعدادًا لكأس العالم للأندية 2025 في أمريكا، بعد أن تجاهل مسيروه كل الدعوات الصادقة لتصحيح أوضاع الفريق منذ نهاية الموسم الماضي، ثم تجاهلوها مرة أخرى في يناير الماضي، ورفضوا مرارًا فك الارتباط بجيسوس قبل خراب مالطا وضياع الموسم؛ قبل أن تستيقظ إدارة الهلال من سباتها وتعلن إنهاء عقد جيسوس قبل شهر ونصف فقط من الموعد المنتظر، وبدء البحث عن مدرب جديد يقود الهلال بعصاه السحرية في المونديال، واضعة الهلال في سباق مميت مع الزمن، مصرَّة على حسم ملف المدرب الجديد بأي خيار متاح قبل يونيو، ولو على حساب المستقبل، والأغلب أنها قد تتعاقد مع مدرب دون آخر أفضل منه لمجرد أنَّ الأول سيكون متاحًا قبل المونديال!. إن من لا يتعلم من أخطاء الآخرين محكوم بتكرار تجاربهم الفاشلة، والهلال يكرر ما فعله الاتحاد في تجربته المونديالية عام 2023 بجدة، حين وقع في فخ سوء التقييم والاستعداد، ثم الاستعجال بالتغيير والتبديل واختيار البديل دون رؤية و لا روية، والجميع يتذكر كيف عانى الاتحاد قبل المونديال من فوضى إدارية تمثلت في تغييرات فنية متسارعة، فبعد إقالة نونو سانتو، تم تعيين الأرجنتيني مارسيلو غاياردو في نوفمبر 2023 بعقد يمتد حتى 2025، لكن الوقت الضيق لم يسمح له بفرض أسلوبه أو بناء فريق متماسك، ولجأت الإدارة الاتحادية تحت ضغط المشاركة العالمية إلى صفقات متسرعة مثل توقيع جوتا ولويز فيليبي في أواخر الميركاتو، مما أدى إلى عشوائية في التشكيلة وغياب للهوية الفنية، والنتيجة خروج مبكر من البطولة بعد أداء باهت أمام الأهلي المصري، رغم امتلاك الاتحاد لثاني أعلى قيمة سوقية في البطولة بعد مانشستر سيتي. كأس العالم للأندية ليست مجرد موعد عابر، بل اختبار عالمي يحتاج إلى استقرار فني وخطة محكمة، والاندفاع للتعاقد مع مدرب في أسابيع، مع صفقات لاعبين متسرعة، سيخلق فريقًا بلا روح، يواجه عمالقة مثل ريال مدريد بترسانة من الارتجال!. استمرار غياب المدير الرياضي الذي يملك رؤية طويلة الأمد يفاقم جرح الهلال الذي هو بأمس الحاجة اليوم لبناء منظومة متكاملة، واستراتيجية طويلة المدى للهوية الفنية الزرقاء؛ بدلًا من المراهنة كل فترة على حلول لحظية تكشف أنَّ مشكلة الهلال لم تكن في بقاء أو رحيل جيسوس؛ بل في عقلية ترى أنَّها تستطيع أن تصنع فريقًا مذهلًا في 10 أيام!. الأندية الكبرى تبني نجاحاتها على استراتيجيات مدروسة، بينما تصر إدارة الهلال على أن ترمي كبير آسيا في فوضى الاختيارات العشوائية والتضحية بمستقبل الفريق من أجل منافسة لم تعمل لأجلها كما يجب، ولم تعطها حقها من الاهتمام، وأخشى أن يضيع بلح المونديال، كما ضاع عنب الموسم، وأن يضيع معهما الهلال!. جماهير الهلال تستحق فريقًا يليق بطموحها، ويواكب جموحها، وما أفسده جيسوس في موسم كامل لا يمكن إصلاحه في أيام؛ لذلك يجب التوقف عن ضخ المسكنات في جسد الهلال، والعمل وفق خطة وأهداف أشمل من مشاركة قد لا تتجاوز على الأرجح 3 مباريات، والمسارعة لتعيين مدير رياضي خبير ومتمرس يضع خطة شاملة، واستراتيجية متكاملة، تهدف لإعادة بناء حاضر الهلال ومستقبله؛ حتى لا يجد عشاقه أنفسهم وليس لهم إلا ذكرياته وجمال ماضيه!.