عشنا لحظات رائعة جميلة في المباراة النهائية التي جمعت بين النادي الأهلي ونادي كاواساكي الياباني، مباراة حقيقة كانت عند مستواها المنتظر، نعم الأهلي فاز وحصد اللقب، لكن الفريق الياباني لم يكن سهلا، بل كان ندا وخصما عنيدا، فهو أحد أعمدة الكرة الآسيوية، ولعب حتى صافرة الحكم النهائية، التي معها فرحنا وفرح جمهور الأهلي في العالم كله، ليُرسخ الأهلي مكانته كقوة كروية حقيقية على مستوى القارة، وفرحت السعودية بهذا المنجز الجديد الذي يضاف إلى مسيرة الإنجازات السعودية في كل المجالات، وليس الرياضة فقط. هذا الإنجاز المشرق لا يمكن فصله عن المشروع السعودي الشامل الذي تقوده القيادة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- عبر رؤية المملكة 2030، التي جعلت من تطوير قطاع الرياضة مسارًا استراتيجيًا لتحقيق التميز والتأثير العالمي، وفي قلب هذا المشروع، يبرز مشروع الاستقطابات الرياضية الكبرى الذي غير وجه الدوري السعودي ورفع من معايير المنافسة داخليًا وخارجيًا، وقد كان نادي الأهلي من أبرز المستفيدين من هذا التوجه، عبر جلب نجوم عالميين شكلوا فارقًا حقيقيًا في تتويج الفريق. فقد تألق النجم الجزائري رياض محرز، قائد خط الهجوم وصانع الفارق، الذي قدّم أداءً استثنائياً جمع بين المهارة والخبرة والهدوء الحاسم في المباريات الحاسمة. وإلى جانبه، لعب النجم العاجي فرانك كيسيه دورًا محوريًا في وسط الملعب، حيث جسّد القوة والانضباط والقيادة، وكان صمام الأمان في كل المواجهات، أما في خط الدفاع، فقد شكل الثنائي روجر إيبانيز وميريه ديميريل جدارًا لا يُخترق، إذ أسهما بصلابة مذهلة في تحييد الهجوم الياباني المدجج بالسرعة والدقة، وفي حراسة المرمى، كان إدوارد ميندي صخرة حقيقية وسببًا مباشرًا في تتويج الأهلي، بتصدياته الخرافية وثباته الكبير تحت الضغط، ولا يمكن الحديث عن هذا الإنجاز دون الإشادة بأداء اللاعب السعودي الشاب علي مجرشي، الذي قدّم أداءً وطنيًا مشرفًا، وأظهر شخصية قوية على مستوى قاري، ما يجعله رمزًا للمواهب الوطنية الصاعدة ضمن المشروع الرياضي الطموح، كما سجل النجم البرازيلي روبرتو فيرمينو حضوره المميز بأداء قيادي وروح قتالية عالية، أكدت عمق خبرته واحترافيته التي أضافت بعدًا مهمًا في الجانب الهجومي للأهلي، خاصة في لحظات الحسم. هذا الفوز ليس مجرد لقب، بل هو نتاج عمل مؤسسي محترف من إدارة النادي الأهلي، التي عملت بصبر ورؤية واضحة، واستثمرت في بناء فريق متوازن ومدعوم بجمهور وفيّ لا يتوقف عن الإبداع في المدرجات، جمهور الأهلي كان كما هو دائمًا، اللاعب رقم 12، والعنصر الذي لا يهدأ في دعم شعاره وممثله، وأخيرا فرحت أيها العاشق الجميل، جمهور الأهلي الذي يرافقه إن فاز أو خسر، والأهلي اليوم ليس في جدة، بل هو في العالم كله بهذه التشكيلة، التي ننتظر تدعيمها للمشاركات القارية والدولية القادمة وأهمها كأس أندية العالم بعد القادمة. ولنكن واقعين منطقيين، لا بد أن نثمّن أداء فريق كاواساكي فرونتال الياباني، الذي أظهر قوة تكتيكية وانضباطاً فنياً يُحتذى به، لقد قدّم خصمًا حقيقيًا يعكس مدى تطور الكرة الآسيوية، ما أضفى على اللقاء طابعًا من الندية والإثارة والاحترام المتبادل، وبعد تأهله على حساب السد القطري والنصر السعودي، كنت أقرب إلى كتابة أن كاواساكي يعطي فرصة أمل لكل نادٍ آسيوي لا يمتلك إمكانيات الأندية الخليجية والسعودية على وجه التحديد، لكن علينا أن نؤكد أيضا أن اليابان ليست دولة فقيرة أو محدودة الإمكانيات، بل هي دولة غنية وقادرة على صناعة نموذجها الاحترافي الكروي، وأنها حاليا بمنتخبها تسيد على آسيا، وأنديتها لعقود طويلة وهي تنافس الكوريين ولا يكسرهم إلا بعض أندية الخليج كالسد والعين والاتحاد والأهلي وبكل تأكيد الهلال زعيم آسيا الأوحد. باختصار، إن تتويج الأهلي بكأس النخبة الآسيوية هو أكبر من لقب، إنه رسالة واضحة بأن المشروع الرياضي السعودي يسير في الاتجاه الصحيح، مدعومًا برؤية قيادية استثنائية، وعمل احترافي من الأندية، وحضور عالمي لنجوم الكرة، وتفاني جمهور يؤمن بالمجد، ومع هذا المستوى من الدعم والطموح، فإن المستقبل يحمل المزيد من البطولات، والمزيد من التألق للرياضة السعودية في ساحات العالم، خاصة مشاركة الهلال في كأس أندية العالم القادمة، نريدها أيضا تتويجا وتحقيقا للقلب بإذن الله تعالى. د. طلال الحربي - الرياض