مهاجم ليفربول نونيز يعطي موافقته للهلال    الهلال يتغلّب على بالينغن الأماني بسداسية    سون ينتقل إلى لوس أنجليس الأمريكي    5 جوانب أكاديمية ونفسية في التقويم الدراسي    الهلال يمنع من كأس السوبر 2026-2027    « OpenAI » تبحث بيع كمية من أسهمها    وصول قافلة مساعدات سعودية إلى درعا السورية    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأمريكي تطوير الشراكة الإستراتيجية    الأمير فهد بن سلطان يطلع على نتائج القبول بجامعة تبوك.    السعودية والعراق توقعان اتفاقية في مجال مكافحة المخدرات    مصليات متنقلة بواجهات جازان    أخضر اليد يتعادل مع البرازيل في انطلاق بطولة العالم للناشئين    البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يضع حجر الأساس لمشروع تعليمي بالمكلا    ارتفاع عدد وفيات سوء التغذية في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلاً    إحباط تهريب (10) كيلوجرامات من مادة الحشيش المخدر في جازان    وصول جثمان الطالب محمد القاسم إلى المملكة غدا    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الجوهرة العساف    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10946) نقطة    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    أمير القصيم يفتتح مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    الخارجية الفلسطينية تطالب بإجراءات دولية فاعلة لوقف إرهاب الاحتلال والمستوطنين    إجراء أول زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي في المملكة    ارتفاع مؤشر نضج التجربة الرقمية لعام 2025 إلى86.71%    اتفاقية تعاون بين الصين و مصر بشأن إدارة مواقع التراث الثقافي العالمي    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحقق إيرادات بقيمة 1.51 مليار ريال خلال النصف الأول من عام 2025    البريد السعودي ‏يُصدر طابعًا تذكاريًا بمناسبة تكريم أمير منطقة ⁧‫مكة‬⁩ المكرمة ‬⁩تقديرًا لإسهاماته    هبوط اسعار الذهب    أمير تبوك يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    سيرة من ذاكرة جازان.. إياد أبوشملة حكمي    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    «إنسان» تودع 10 ملايين ريالٍ في حسابات المستفيدين    الموارد: نخطط لنموذج مستدام لرعاية كبار السن    من تنفيذ تعليمات إلى الفهم والقرارات.. سدايا: الذكاء الاصطناعي التوكيلي يعزز الكفاءة والإنتاجية    موسكو تعلن حرية نشر الصواريخ المتوسطة.. استهداف روسي أوكراني متبادل يعطل الإمدادات العسكرية    والد ضحية حفل محمد رمضان: أموال الدنيا لن تعوضني عن ابني    هيئة التراث ترصد (24) حالة تعدٍ على مواقع وقطع أثرية    معرض «المهمل»    بعد 80 عاما من قصفها هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي    نوتنجهام ينافس أندية سعودية على نجم اليوفي    برشلونة يفتح إجراء تأديبياً بحق تيرشتيغن    حوت غاضب يقذف سيدة من قارب    الرياض تصدرت معدل الامتثال ب92 %.. 47 ألف مخالفة للنقل البري في يوليو    فيصل بن مشعل: المذنب تشهد تطوراً تنموياً وتنوعاً في الفرص الاستثمارية    احذروا الثعابين والعقارب ليلاً في الأماكن المفتوحة    سعود بن نايف يشدد على الالتزام بأنظمة المرور    صحن المطاف مخصص للطواف    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    سرد تنموي    "الإسلامية" تنفذ برنامجاً تدريبياً للخُطباء في عسير    اتحاد المنطاد يشارك في بطولة فرنسا    النقد السلبي    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    لجنة الانتخابات تعتمد قائمة نواف بن سعد لرئاسة الهلال    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درويش.. حيث تنمو التجربة لغةً!
نشر في الرياض يوم 02 - 05 - 2025

يعدّ محمود درويش واحدا من أهم وأبرز شعراء العصر الحديث في العالم العربي، حين شكّلت لغته الشعرية ظاهرة أدبية جديرة بالدراسة، لا من حيث تفرّدها وقدرتها على خلق رؤى جديدة ومعجم مدهش من المجاز المختلف والمغامر فحسب بل كذلك من خلال تطورها الملحوظ عبر مراحل حياته، إذ تنقلت من اللغة المباشرة ذات النفس الوطني إلى لغة أكثر رمزية وعمقًا وجوديًا وفلسفيًا، دون أن تتخلى عن انتمائها الإنساني والعربي. ويمكن القول إن اللغة عند درويش ليست مجرد وسيلة للتعبير، بل هي جزء من الرؤية الشعرية الكلية التي أراد من خلالها أن يعبّر عن الذات، والوطن، والحياة.
ففي بداياته، كانت اللغة الدرويشة مشحونة بالحماسة القومية ومفعمة بالشعارات السياسية، نتيجة سياقه الزمني كفلسطيني يعيش في ظل الاحتلال. وتمثلت في قصائد مثل "بطاقة هوية" و"سجّل أنا عربي" حيث اعتمد الشاعر فيها أسلوبًا مباشرًا، وصورًا واضحة، وإيقاعًا قويًا يخاطب الجماهير ويثير الحماسة. وكان الشعر الدرويشي في هذه المرحلة صوتًا للمقاومة، وأداة لتأكيد الهوية الوطنية في وجه محاولات المحو والإلغاء.
ومع مرور الزمن، بدأ درويش يتجاوز البُعد السياسي المباشر نحو لغة أكثر رمزية وتأملًا. في دواوينه اللاحقة مثل "مديح الظل العالي" و"أحد عشر كوكبًا"، إذ أصبحت اللغة عنده أكثر انفتاحًا على الأسطورة، والتاريخ، والأسئلة الوجودية. وصار الشاعر يرى في الشعر أداة لفهم العالم، لا مجرد رد فعل عليه. وقد ساعد هذا التحول في تحرير اللغة من المباشرة، فصارت أكثر تعددًا في الدلالات، وأكثر شاعرية في التكوين.
وبلغت اللغة الشعرية عند درويش قمة نضجها في أعماله الأخيرة، خاصة في دواوين مثل "جدارية" و"كزهر اللوز أو أبعد"، وبتنا، نلمح تداخلًا عميقًا بين الذاتي والكوني، وبين الخاص والعام. وصارت اللغة أقرب إلى التأمل الفلسفي، وهي تتعامل مع مفاهيم الموت، الزمن، الغربة، والخلود. ورغم هذا العمق، لم تفقد اللغة الدرويشية قدرتها على الإيحاء، وظلت مشحونة بجماليات التعبير من استعارات وصور مركّبة وتناصات مع التراثين العربي والغربي.
وتتفرد اللغة الشعرية عند درويش بإيقاعها الموسيقي الخاص، الذي جمع بين الوزن التقليدي والتفعيلة الحديثة. كما حافظ على جمالية الصورة الشعرية دون أن يضحّي بالمعنى، مما منح شعره قدرة على مخاطبة القارئ العام والمثقف على حد سواء. وقد ساعد هذا الأسلوب المتوازن على انتشار شعره على نطاق واسع، وجعله رمزًا شعريًا في الثقافة العربية.
ويمكن القول إن تطوّر اللغة الشعرية عند محمود درويش هو تطوّر في الرؤية والوظيفة الشعرية نفسها. من صوت الجموع إلى صوت الإنسان المفكّر، ومن صخب السياسة إلى همس الفلسفة، وظلت لغته وستظل تعبيرًا صادقًا عن تحوّلات الذات والواقع. وهذا ما يجعل درويش شاعرًا استثنائيًا، تتجاوز تجربته حدود الزمان والمكان، وتظل لغته الشعرية حيّة تتجدّد مع كل قراءة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.