منذ إطلاق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، انطلقت مسيرة طموحة نحو مستقبل مشرق، تستند إلى مقومات وطنية قوية وإرادة صلبة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، عرّاب الرؤية وصانع التحولات الكبرى. وقد تجسدت الرؤية في صورة مشاريع عملاقة، إصلاحات شاملة، ونقلة نوعية مست كل جوانب الحياة في المملكة، بُذلت جهود هائلة لترجمة أهداف الرؤية إلى واقع ملموس. فمنذ اللحظة الأولى، وضعت المملكة خططًا استراتيجية مدروسة، وأطلقت عشرات البرامج التنفيذية التي ركزت على تنويع الاقتصاد، تعزيز جودة الحياة، تطوير البنية التحتية، تمكين الشباب والمرأة، وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال. وكان من أبرز هذه البرامج: برنامج التحول الوطني، برنامج الإسكان، برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وبرنامج جودة الحياة، اقتصاديًا، استطاعت المملكة أن تخطو خطوات واسعة نحو التحرر من الاعتماد شبه الكلي على النفط. نما الاقتصاد السعودي بوتيرة سريعة، وأصبحت القطاعات غير النفطية تسهم بشكل متزايد في الناتج المحلي الإجمالي. وشهدت قطاعات مثل السياحة، الترفيه، التقنية، والصناعة ازدهارًا غير مسبوق. مشروع "نيوم" العملاق، المدينة المستقبلية التي تُبنى وفق أحدث المعايير العالمية، يعتبر رمزًا لطموح المملكة واستثمارها في الابتكار والمستقبل. في مجال جودة الحياة، انعكست الرؤية على حياة المواطنين والمقيمين بصورة مباشرة. فقد أُنشئت مشاريع كبرى للترفيه والثقافة والفنون، وأقيمت مواسم السعودية التي جذبت ملايين الزوار من الداخل والخارج. كما تم تطوير المرافق الرياضية، الصحية، والتعليمية بما يتناسب مع تطلعات المجتمع السعودي الحديث. لم يعد الترفيه رفاهية، بل أصبح حقًا متاحًا للجميع، يحظى بدعم حكومي ورؤية استراتيجية واضحة، المرأة السعودية حظيت بمكانة مميزة ضمن أولويات الرؤية. فقد فتحت أمامها آفاق جديدة للعمل والمشاركة المجتمعية، وتبوأت مناصب قيادية في قطاعات متعددة، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من التنمية الوطنية. ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى مستويات تاريخية، وتم تمكينها تشريعيًا ومهنيًا بما يعزز دورها كمحرك فاعل في الاقتصاد والمجتمع، على صعيد البنية التحتية، شهدت المملكة ثورة حقيقية. توسعت شبكات الطرق والقطارات والمطارات، وتم تطوير المدن لتواكب أعلى المعايير العالمية. وأطلقت مشروعات إسكانية ضخمة ساهمت في رفع نسبة تملك المواطنين للمساكن، وفق خطط مدروسة لتسهيل حصولهم على منزل العمر. في المجال الصحي، ظهرت نتائج الرؤية جلية من خلال تعزيز الخدمات الصحية، وزيادة كفاءة المستشفيات، وإدخال أنظمة رقمية متطورة لتحسين الرعاية الصحية. وتم التصدي لجائحة كورونا باحترافية عالية عكست قوة النظام الصحي وقدرته على التعامل مع الأزمات، أما في الجانب البيئي، فقد أولت المملكة عناية خاصة بالاستدامة من خلال مبادرات مثل "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، التي تهدف إلى حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي، وزراعة ملايين الأشجار، وخفض الانبعاثات الكربونية. نجاحات رؤية 2030 لم تتوقف عند حدود الداخل، بل عززت من مكانة المملكة عالميًا. أصبحت السعودية لاعبًا أساسيًا في قضايا الاقتصاد العالمي، والطاقة، والاستدامة، والتحول الرقمي. وترأست بنجاح قمة مجموعة العشرين عام 2020، لتؤكد دورها المحوري في صياغة مستقبل العالم. في الختام، أثبتت رؤية 2030 أن الأحلام الكبيرة تتحقق بالإرادة القوية والعمل الجاد. ما تحقق حتى اليوم هو مجرد بداية لمسيرة أطول نحو الريادة العالمية. فالمملكة تواصل تقدمها بثقة، مستندة إلى إرث حضاري عميق وطموح لا حدود له، لتكتب قصة نجاح ملهِمة للأجيال القادمة. *رئيس اللجنة الوطنية الخاصة للمجمعات الطبية رئيس مجلس الأعمال السعودي - التونسي