من أروقة الأزياء إلى مضامير الراليات – رحلة إبداع ومغامرة في عالم يتسع لتطلعات المرأة السعودية ويشهد تحولات جذرية في مختلف المجالات، تبرز مها الحملي كشخصية استثنائية تجمع بين الشغف بالتصميم والمغامرة في عالم الراليات. هي ليست مجرد متسابقة تسعى إلى الفوز، بل مثال حيّ للعزيمة والإبداع، متجاوزةً التحديات ومحققةً الإنجازات في ميادين متعددة. في رحلتها التي بدأت من عالم الأزياء حيث نشأت بين الأقمشة والألوان في مركز الخياطة الذي تديره والدتها، إلى مضامير الراليات حيث تصطدم رياح الصحراء بسيارات المتسابقين، تقف مها كواحدة من أبرز الأسماء التي تعكس صورة المرأة السعودية القوية والطموحة. روح المغامرة نشأت مها في بيئة تدعم الإبداع منذ نعومة أظفارها، حيث كانت تُشرف على اختيار الأقمشة وتصميم الأزياء في سن مبكرة. هذا الشغف المبكر بالفن والأناقة دفعها لتطوير مهاراتها في عالم الأزياء، لكن روح المغامرة داخلها لم تقبل البقاء ضمن حدود الخياطة والتصميم. عندما استخرجت رخصة القيادة في عام 2019، كانت تلك الخطوة بمثابة نقطة تحول غير متوقعة في حياتها، حيث قادتها إلى عالم الراليات الذي يُعتبر من أكثر الرياضات إثارة وتحديًا. بعد ثلاث سنوات من قيادتها الأولى، بدأت مها الحملي في حصد الجوائز والمراكز المتقدمة في بطولات الراليات، لتثبت أن المرأة السعودية ليست مجرد متفرجة، بل فاعلة ومتميزة في مجالات كانت تعتبر حكرًا على الرجال في الماضي. «لم أكن أتوقع أن أقود سيارة يوماً ما، ولكن بعد تجربتي الأولى، وجدت في الراليات فرصة لتجربة جديدة تلامس روح المغامرة داخلي»، تقول مها وهي تعبر عن حبها لهذه الرياضة التي اكتشفتها بالصدفة، ولكنها سرعان ما أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتها. هدوء وتحدي ورغم أنها دخلت عالم الراليات بشغف المغامرة، إلا أن مها لم تنسَ جذورها في عالم التصميم. فهي ترى أن العمل في الأزياء يعكس جانبها الهادئ والصبور، بينما تعكس الراليات الجانب المغامر والقوي في شخصيتها. هذا التوازن بين الحماس والهدوء، بين الإبداع والتحدي، هو ما يميز مها الحملي ويجعل منها قدوة للكثيرين. كشفت مها في حديثها عن كيفية استلهامها لجمال الطبيعة السعودية خلال تدريباتها في البر، وكيف أن هذه المشاهد الطبيعية، من تدرجات ألوان السماء عند الغروب إلى تداخل الكثبان الرملية، تلهمها لتصميم مجموعة جديدة من الأزياء ستقدمها قريبًا. تجاوز الإحباط مشاركتها الأولى في رالي جميل الملاحي في عام 2022 كانت بمثابة بداية جديدة لمغامرة مختلفة في حياتها. رغم التحديات التي واجهتها، مثل انفجار أحد الإطارات في اليوم الأول، إلا أنها استطاعت تجاوز الإحباط وتحقيق المركز الثالث في هذا السباق، وهو إنجاز يستحق الإعجاب بالنظر إلى أنها كانت تجربتها الأولى في هذا النوع من المنافسات. ومنذ ذلك الحين، استمرت مها في المشاركة في العديد من الراليات الأخرى، مثل رالي عسير، رالي القصيم، ورالي حائل، حيث حصدت مراكز متقدمة وأثبتت نفسها كواحدة من أفضل المتسابقات السعوديات. لم تكن هذه النجاحات محض صدفة، بل هي نتاج جهد مستمر وتدريب مكثف، حيث تستعد حاليًا لرالي جميل 2023 بنسخته الثانية، وتترقب بشغف أول تجربة لها خارج المملكة في رالي قطر المقبل. التعلم المستمر ترى مها أن كل نجاح تحققه يحمل معه مسؤولية جديدة، فالمراكز الأولى ليست سوى بداية للطموح الذي لا ينضب. «على الرغم من تحقيق المراكز الأولى، إلا أنني أعتبرها مجرد بداية. في كل مرة أتعلم شيئاً جديداً وأعتبر ذلك خطوة نحو تحقيق الأفضل في المستقبل»، تقول مها التي تؤمن بأن التعلم المستمر هو المفتاح لتحقيق النجاح الدائم. موقف صعب تعرضت له خلال أحد السباقات، عندما تحطم زجاج سيارتها الأمامي، كان يمكن أن يدفعها للانسحاب، لكنه بدلاً من ذلك منحها شجاعة إضافية لتكمل السباق وتخرج منه أقوى وأكثر تصميمًا. عصر المرأة الذهبي الراليات بالنسبة لمها ليست مجرد رياضة، بل هي وسيلة لاكتشاف الذات وتعلم الصبر والقدرة على مواجهة التحديات. ورغم أنها تُحب المغامرة في الراليات، إلا أن حلمها الكبير هو أن تُصبح ملهمة للنساء السعوديات وأن تحقق إنجازات عالمية تمثل المملكة بفخر في المحافل الدولية. «أتمنى أن أكون ملهمة للنساء السعوديات وأثبت أنهن قادرات على التميز في جميع المجالات»، تقول مها التي ترى أن دخول المرأة السعودية إلى عالم رياضة السيارات يمثل «العصر الذهبي» بفضل الدعم والفرص التي توفرها المملكة. ختامًا، مها الحملي ليست مجرد متسابقة رالي، بل هي رمز للعزيمة والإصرار، وسفيرة للمرأة السعودية التي تثبت يومًا بعد يوم أنها قادرة على تحقيق النجاح في أي مجال تختاره. قصتها هي قصة شغف وإبداع، ورحلة مليئة بالتحديات والإنجازات، وهي تمثل الوجه المشرق للمرأة السعودية في عالم يتسع لكل طموحاتها.