بعد نمو قوي في الإيرادات خلال الفترة 2022-2023، تواصل شركات التأمين الإسلامية وشركات التكافل في منطقة الخليج الاستفادة من آفاق النمو المواتية، العائد بصورة رئيسة لارتفاع الطلب على التأمين في المملكة العربية السعودية، أكبر سوق للتأمين الإسلامي في المنطقة. ومن المتوقع أن يكون عام 2024 عامًا مربحًا آخر للقطاع. وكان صافي الأرباح قد وصل بالفعل في عام 2023 إلى مستوى قياسي بلغ نحو مليار دولار أمريكي تقريبًا، نتيجةً لتعديلات الأسعار في الأنشطة التي كانت متعثرة في السابق وارتفاع عائدات الاستثمار. مع ذلك، فإننا نتوقع أن تشتد المنافسة في بعض الأسواق. وهذا قد يؤدي - إلى جانب الخفض المتوقع لأسعار الفائدة بدءًا من سبتمبر واحتمال حدوث المزيد من التقلبات في الأسواق المالية - إلى انخفاض حاد في الأرباح في عام 2025 في حال أخفقت شركات التأمين الإسلامية في الحفاظ على انضباط عمليات الاكتتاب لديها. في حين أننا نتوقع أن تظل الظروف الائتمانية الإجمالية لشركات التأمين الإسلامية مستقرة على مدى 6 - 12 شهرًا المقبلة، فمن المرجح أن تظل عمليات الاندماج احتمالاً واردًا بين الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم. وقد شهدنا خلال السنوات القليلة الماضية اندماج نحو خُمس شركات التأمين الإسلامية في المملكة العربية السعودية ونحو ثلث الشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة. شركات التأمين الإسلامية وتتوقع وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» أن تستمر شركات التأمين الإسلامية الخليجية في الاستفادة من العديد من العوامل الإيجابية خلال 6 - 12 شهرًا المقبلة. وتشمل هذه العوامل استمرار الظروف الاقتصادية المواتية التي تؤدي إلى زيادة الطلب على التأمين، وذلك بفضل الاستثمارات المستمرة في مشاريع البنية التحتية والنمو السكاني والمبادرات التنظيمية. ولكن، من وجهة نظرنا، فإن زيادة المنافسة وانخفاض عائدات الاستثمار - نتيجةً للانخفاض المتوقع في أسعار الفائدة واحتمال تقلب الأسواق المالية - قد تؤثر سلبًا على أرباح القطاع خلال 12 - 18 شهرًا المقبلة، ورغم أننا نتوقع أن تظل آثار الحرب بين إسرائيل وغزة محصورة في المنطقة، إلا أننا نرى أن خطر اتساع الصراع إلى نزاع إقليمي يتزايد. ورغم أن هذا ليس هو السيناريو الأساسي لدينا، فقد يؤثر التصعيد الإقليمي سلبًا على معنويات الأعمال في أرجاء منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك منطقة الخليج، ويقلل من آفاق النمو ويضعف المحافظ الاستثمارية لدى شركات التأمين الخليجية. وتظل عمليات الاندماج احتمالاً واردًا. في حين أننا نتوقع أن تظل الظروف الائتمانية الإجمالية لشركات التأمين الإسلامية مستقرة خلال 6 - 12 شهرًا المقبلة، فمن المرجح أن تظل عمليات الاندماج أمرًا محتملًا في ظل استمرار العديد من شركات التأمين الإسلامية الصغيرة ومتوسطة الحجم في تحقيق أرباح ضعيفة نسبيًا. ونتوقع أن ينمو قطاع التأمين الإسلامي في منطقة الخليج بنحو 15 % - 20 % في عام 2024، مع إيرادات تتجاوز 20 مليار دولار أمريكي. نتوقع أن يكون السوق السعودي، كما كان الحال في العامين الماضيين، المحرك الرئيس لنمو الإيرادات في منطقة الخليج. ويرجع ذلك إلى أن المملكة العربية السعودية، أكبر أسواق التأمين الإسلامية في منطقة الخليج، تواصل الاستفادة من انتعاش النمو الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، تواصل الجهات المعنية خفض عدد المركبات غير المؤمنة، وتطبيق تغطيات طبية إلزامية جديدة، مما أدى إلى ارتفاع الطلب على التأمين وزيادة دخل أقساط التأمين. قطاع التأمين الإسلامي في منطقة الخليج شهد توسعًا كبيرًا خلال السنوات الخمس الماضية. كان نمو الإيرادات قوياً بشكل خاص خلال 2022 - 2023، عندما حقق القطاع نموًا بنسبة تراوحت بين 20 % - 25 % سنوياً حيث كانت السوق السعودية هي المحرك الرئيس لهذا النمو التي نمت بنحو 27 % في عام 2022 و23 % أخرى في عام 2023. وانخفضت إيرادات شركات التأمين الإسلامية الخليجية باستثناء المملكة العربية السعودية بشكل تراكمي بنحو 3 % في عام 2023. وقد كان السبب الرئيس لذلك هو انخفاض دخل أقساط التأمين في دولة الإمارات، ثاني أكبر سوق للتكافل في المنطقة، الراجع بشكل رئيس لعمليات الاندماج في القطاع وضغوط الأسعار التي تؤثر على تأمين المركبات والخطوط الأخرى. مع ذلك، نتوقع أن ينمو قطاع التكافل في دولة الإمارات بنسبة تتراوح بين 15 % - 20 % في عام 2024 في ظل الارتفاع الكبير في أسعار التأمين على المركبات خلال الأشهر 12 الماضية، لا سيما بعد الفيضانات الكبرى التي شهدتها دبي وأجزاء أخرى من دولة الإمارات هذا العام. وفي الوقت نفسه، نتوقع أن تسجل شركات التكافل في البحرين والكويت وعُمان وقطر معدلات نمو أكثر اعتدالًا تتراوح بين 5 % - 10 %. تعديلات الأسعار تشير نتائج النصف الأول من عام 2024 إلى أن صافي الأرباح قد يشهد تحسنًا أكبر هذا العام، بعد أن أعلنت شركات التأمين الإسلامية الخليجية عن نتائج قياسية في عام 2023. ارتفع صافي الربح الإجمالي في القطاع إلى نحو 967 مليون دولار أمريكي في عام 2023، من نحو 100 مليون دولار أمريكي في عام 2022. وكانت السوق السعودية هي المحرك الرئيس لهذا التحسن، التي شهدت تحسنًا في نتائج الاكتتاب وارتفاعًا في دخلها الاستثماري إلى نحو 690 مليون دولار أمريكي في عام 2023، من نحو 345 مليون دولار أمريكي في عام 2022، مساهمةً بشكل كبير في الأرباح الإجمالية. ونلاحظ أيضًا، ولأول مرة، أن جميع شركات التأمين المدرجة في السوق المالية السعودية، البالغ عددها 25 شركة، أعلنت عن تحقيق صافي ربح في عام 2023. جاء ذلك في أعقاب الظروف الصعبة في عامي 2021 و2022 عندما أعلنت أكثر من نصف شركات التأمين السعودية عن خسائر صافية. شهدت سوق التأمين السعودية ارتفاعًا ملموسًا في إيرادات أقساط التأمين من أنشطة التأمين على المركبات. استفادت نتائج الاكتتاب في عام 2023 من تعديلات الأسعار في العديد من الأنشطة التأمينية نتيجةً لقرار الجهات المعنية السعودية بتقليص عدد المركبات غير المؤمنة. وساهمت الأسعار الاقتصادية أكثر والأنشطة الإضافية إلى زيادة أكبر في إجمالي دخل أقساط التأمين، مقارنة بإجمالي المطالبات المدفوعة (انظر الرسم البياني 3). ونتيجة لذلك، شهدت نسب الخسارة الصافية لأكبر نشاطي تأمين لدى شركات التأمين السعودية - التأمين الطبي والتأمين على المركبات، اللذان ساهما معًا بنحو 81 % من إجمالي دخل أقساط التأمين - تحسنًا ملموسًا في عام 2023. كانت نتائج الإيرادات والأرباح الصافية متفاوتة عبر القطاع. حققت أكبر خمس شركات تأمين من بين 25 شركة تأمين مدرجة في المملكة العربية السعودية نحو 73 % من إجمالي إيرادات التأمين في عام 2023، مرتفعًا من 69 % في عام 2022. واستحوذت أكبر شركات التأمين في المملكة العربية السعودية، شركة التعاونية للتأمين (--/مستقرة/A) وشركة بوبا (غير مصنفة)، على حصة سوقية مجتمعة بلغت نحو 55 % في عام 2023. وكان تركيز الأرباح مشابهًا، حيث حققت أكبر خمس شركات تأمين نحو 81 % من إجمالي الأرباح في المملكة العربية السعودية في عام 2023. ومن وجهة نظرنا، نرى أن تعزيز المنافسة، وانخفاض عائدات الاستثمار بسبب انخفاض أسعار الفائدة، وتصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، قد يؤدي إلى انخفاض حاد في الأرباح في عام 2025. على غرار الأعوام السابقة، سجلت سوق التكافل في قطر نتائج الاكتتاب الأكثر ربحية في منطقة الخليج في عام 2023. كان متوسط النسبة المجتمعة (الخسارة والمصاريف) أقل من 80 % في عام 2023 (يشير انخفاض النسبة المجتمعة إلى زيادة في أرباح الاكتتاب). وفي المملكة العربية السعودية، تحسنت النسبة المجتمعة الإجمالية إلى نحو 95 % في عام 2023، مقارنة بأكثر من 100 % في عام 2022، عندما سجل نحو ثلثي شركات التأمين خسائر في الاكتتاب. ورغم أن السوق السعودية أعلنت عن زيادة صافي الأرباح إلى نحو 588 مليون دولار أمريكي في النصف الأول من عام 2024 - من نحو 450 مليون دولار أمريكي خلال نفس الفترة في عام 2023 - إلا أن 14 من أصل 25 شركة تأمين سعودية مدرجة شهدت انخفاضًا في نتائج الاكتتاب والأرباح في منتصف عام 2024، مقارنةً بنفس الفترة من عام 2023، مما يشير إلى ارتفاع المنافسة. وما نزال نعتقد أن عام 2024 سيكون عامًا قويًا آخر للقطاع بصورة عامة، مع إمكانية تحقيق أرباح أعلى من تلك المسجلة في عام 2023. وبصرف النظر عن بعض الاستثناءات الإيجابية، ظلت تصنيفاتنا الائتمانية لشركات التأمين الإسلامية في دول الخليج مستقرة إلى حد كبير خلال 18 شهرًا الماضية. ولا نتوقع إجراء أي تغييرات رئيسة على حيثيات التصنيفات الائتمانية خلال 12 شهرًا المقبلة لأن معظم شركات التأمين المصنفة تتمتع برسملة كافية. وارتفع إجمالي حقوق المساهمين في القطاع إلى نحو 7,6 مليارات دولار أمريكي في عام 2023، من 6,6 مليارات دولار أمريكي في عام 2022، وذلك بفضل الأرباح والعديد من الزيادات في رأس المال. وتشمل المخاطر الرئيسة التي تهدد الظروف الائتمانية لشركات التأمين الإسلامية والتقليدية في منطقة الخليج ما يلي: * تدهور الوضع الجيوسياسي في المنطقة. * زيادة المنافسة التي - إلى جانب انخفاض عوائد الاستثمار - قد تؤدي إلى التأثير سلبًا على الأرباح وهوامش رأس المال. وقد أدت المنافسة القوية وتزايد المتطلبات التنظيمية بالفعل إلى العديد من عمليات الاندماج، مع احتمال أن نشهد المزيد منها. الاندماج بين شركات التأمين الصغيرة والمتوسطة أمر شائع في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى مدى السنوات الخمس إلى الست الماضية، انخفض عدد شركات التأمين المدرجة في المملكة بنحو 20 % من 34 إلى 27 شركة. ونتوقع أن تستمر عمليات الاندماج، خاصة في السعودية والإمارات والكويت، في ظل إخفاق العديد من شركات التأمين الإسلامية في الوفاء بشروط متطلبات رأس المال.