لم تتأثر أسعار النفط الخام في العالم بعد إعلان أنغولا خروجها من منظمة أوبك، بل انخفضت الأسعار قبل عطلة الميلاد المطولة، حيث أغلق الخامان القياسيان برنت، وغرب تكساس الوسيط منخفضين بأقل من 79 دولارا، و73 دولارا على التوالي. وجاء تراجع أسعار النفط وسط توقعات بأن تزيد أنغولا إنتاجها بعد خروجها من منظمة أوبك، وذلك برغم أن البلاد لا تمثل سوى جزء صغير من إجمالي إنتاج المنظمة، إذ تنتج نحو 1.1 مليون برميل يوميا من النفط، من أصل 28 مليون برميل يوميًا تنتجها المجموعة بأكملها. ومن غير المرجح أن تضيف البلاد بشكل كبير إلى الإمدادات العالمية على المدى القريب، وسيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يرتفع إنتاج أنغولا من النفط، وقد حدت هذه الفكرة من التأثير الإجمالي على أسعار النفط من خروج البلاد، في حين من المقرر أن تنضم البرازيل إلى أوبك+ في عام 2024، وتنتج أكثر من 3 ملايين برميل يوميا. ونظر المحللون في الغالب إلى خروج أنغولا على أنه حالة معزولة، وهي علامة على أن الانخفاض طويل الأمد في قدرات الإنتاج جعل البلاد عضوًا أقل فعالية في أوبك. ويتوقع المتداولون أن تخفيضات أوبك+ المتفق عليها في آخر اجتماع لا تزال سارية المفعول كما هو مخطط لها بدء من الشهر المقبل. بينما أصدرت دول منظمة أوبك الأخرى، مثل العراق، ونيجيريا، وجمهورية الكونغو، خلال عطلة نهاية الأسبوع، بيانات عامة لكبح أي تكهنات سلبية، وأكدت التزامها تجاه المنظمة المنتجة للنفط بعد خروج أنغولا الأسبوع الماضي. وقالوا «نكرر دعمنا الثابت للوحدة والتماسك في قلب أوبك وأوبك+». وانخفضت العقود الآجلة للنفط الأميركي بنحو 7 % حتى الآن هذا العام بعد أن ارتفعت 7 % في عام 2022. وفي الوقت نفسه، انخفضت العقود الآجلة للغاز الأميركي بنحو 42 % حتى الآن هذا العام بعد ارتفاعها بنحو 20 % العام الماضي. ويتجه النفط الخام إلى أول انخفاض سنوي له منذ عام 2020، حيث يتعارض ارتفاع الإنتاج من الولاياتالمتحدة وأماكن أخرى مع جهود تحالف أوبك + لدعم السوق من خلال تخفيضات الإنتاج. كما أن آفاق الطلب هشة أيضا، حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتباطأ النمو بشكل حاد في العام المقبل. وتوفر الأحداث الجيوسياسية حاجزًا أمام انخفاض أسعار النفط، بينما الضعف الأساسي لا يزال يمثل مصدر القلق الرئيس. وقال محللو أويل برايس لم تتأثر أسعار النفط بشكل معقول بقرار أنغولا بالتوقف عن أوبك. ومقارنة بإغلاق الجمعة قبل الماضية، كانت الأسعار مرتفعة محققة أول زيادة أسبوعية في شهرين بعد الاستفادة من توقعات متفائلة من وكالة الطاقة الدولية بشأن الطلب على النفط في العام المقبل وضعف الدولار، وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقرير شهري إن الاستهلاك العالمي من النفط سيرتفع 1.1 مليون برميل يوميا في 2024، بزيادة 130 ألف برميل يوميا عن توقعاتها السابقة، مشيرة إلى تحسن توقعات الطلب الأميركي وانخفاض أسعار النفط. وتأتي تقديرات 2024 أقل من نصف توقعات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لنمو الطلب البالغ 2.25 مليون برميل يوميا. وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الطلب العالمي على النفط يسير على الطريق الصحيح ليصل إلى 101.7 مليون برميل يوميا في عام 2023، «لكن هذا يخفي تأثير المزيد من الضعف في مناخ الاقتصاد الكلي». وفي تقريرها الشهري، قامت الوكالة بتعديل توقعاتها لنمو الطلب في الربع الأخير من عام 2023 بالخفض. وقالت «من المتوقع أن يستمر التباطؤ في عام 2024، مع انخفاض المكاسب العالمية إلى النصف إلى 1.1 مليون برميل يوميا، حيث يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي أقل من الاتجاه في الاقتصادات الكبرى. وقال التقرير إن تحسينات الكفاءة وأسطول السيارات الكهربائية المزدهر يؤثران أيضًا على الطلب. وكان النفط يسير في اتجاه هبوطي خلال الشهرين الماضيين وسط مخاوف من تباطؤ الطلب وزيادة العرض، على الرغم من تخفيضات الإنتاج من أوبك + والتخفيضات العميقة المعلن عنها في أوائل ديسمبر. وفي وقت سابق، قالت إدارة معلومات الطاقة إنها تتوقع أن يرتفع السعر الفوري لخام برنت من متوسط 78 دولارًا للبرميل في ديسمبر إلى متوسط 84 دولارًا في النصف الأول من عام 2024، «مدفوعًا جزئيًا بتخفيضات إنتاج أوبك + المعلن مؤخرًا». ويستعد المتداولون أيضًا لتحسن الطلب في عام 2024، على خلفية احتمال انخفاض أسعار الفائدة واقتصاد أميركي أقوى. وقد عززت وكالة الطاقة الدولية هذه الفكرة، حيث رفعت توقعاتها للطلب على النفط لعام 2024 بشكل طفيف. لكن توقعات وكالة الطاقة الدولية للطلب لا تزال أقل بكثير من تلك التي طرحتها منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها (أوبك +). بينما حذر الاستراتيجيون في بنك جولدمان ساكس من أن خام برنت لديه الكثير من الأسباب للارتفاع حتى عام 2024، متوقعاً أن يتم تداول النفط بين 70 و100 دولار للبرميل في العام المقبل. ويعود الحد الأقصى لتوقعاتهم إلى مجموعة من مخاطر انقطاع الإمدادات الكامنة في الشرق الأوسط. وبحسب البنك، «من المرجح أن تكون سياسة إنتاج أوبك وانضباطها من العوامل الرئيسة التي تدعم مسار الأسعار في عام 2024.» ويمكن أن يعني الحد الأعلى من هذا النطاق زيادة تصل إلى 19 % في أسعار النفط. وأضاف جولدمان أن تخفيضات الإمدادات قد تتفاقم إذا تصاعد الصراع في الشرق الأوسط. فإيران، على سبيل المثال، يمكن أن تصبح أكثر انخراطاً في الحرب بين إسرائيل وحماس. وإذا قررت البلاد إغلاق ممر شحن رئيس للنفط الخام، فقد يؤدي ذلك في النهاية إلى التأثير على نحو 20 % من إمدادات النفط العالمية، حسب تقديرات الاستراتيجيين. ويمكن للولايات المتحدة أيضًا أن تفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران وغيرها من منتجي النفط الرئيسين، مما قد يؤدي إلى تفاقم وفرة العرض. ومن الممكن أن يكون تأثير انقطاعات الإمدادات هذه محدودًا. ويمثل الشرق الأوسط حصة أصغر من إمدادات النفط العالمية مقارنة بما كان عليه في السبعينيات والثمانينيات، عندما ساعدت صدمات إمدادات النفط في إشعال أزمة تضخمية مصحوبة بالركود في الولاياتالمتحدة. وفي ذلك الوقت، كانت أوبك تمثل نحو 55 % من إمدادات النفط الخام في العالم. واليوم تشكل 35 % فقط وتوقع محللو أويل برايس ان تستعد أسعار النفط للارتداد في عام 2024. وتتوقع أفضل البنوك في الولاياتالمتحدة أن يكون سعر برنت متوسط 85 دولارًا لعام 2024، مشيرة إلى نمو الطلب وتعطيل العرض المحتمل. وتتوقع مجموعة ستي بانك، متوسط سعره 75 دولارًا، حيث يدرس نمو الطلب بشكل أبطأ وناتج أعلى في الولاياتالمتحدة. وتظل توقعات سوق النفط العالمية لعام 2024 هبوطية إلى حد كبير، لكن الطلب المتزايد، وخاصة من آسيا، قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار. وتعتب. أسعار النفط الخام في أدنى مستوياتها في أشهر. ويبدو أن هناك القليل من العوامل القادرة على تغيير ذلك. ومع ذلك، يبدو أن محللي السلع أكثر صعودًا عندما يتعلق الأمر ب 2024. ومفتاح هذا الصعود هو الطلب، حتى بعد ان توقعت وكالة الطاقة الدولية نمو أسرع من المتوقع في السابق للطلب في العام المقبل. وتتوقع البنوك الخمسة الأولى للولايات المتحدة سعر برنت متوسط قدره 85 دولارًا لعام 2024. وهذا دون أي اضطراب كبير في العرض. وحددت البنوك الثلاثة الأخرى في وول ستريت توقعات سعر برنت 2024 بين 83 دولارًا للبرميل و90 دولارًا. وفي الأساس، يتوقع المقرضون الخمسة الأوائل في وول ستريت أن يبقى أسعار النفط العام المقبل في النطاق الذي كانت عليه خلال الأشهر الثلاثة الماضية أو نحو ذلك، وان ارتفاع إمدادات النفط من المنتجين غير أوبك هو أحد الأسباب، ويُنظر إلى هذا العرض على نطاق واسع من قبل الولاياتالمتحدة، لكن منتجين آخرين مثل غيانا والبرازيل والنرويج يرفعون الإنتاج أيضًا - حتى مع اشتراك قادتهم لتخفيض استخدام الهيدروكربون في مؤتمر المناخ (كوب28) وتتوقع أوبك أن تتوسع بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا في العام المقبل، وحتى الوكالة الدولية للطاقة، قالت في تقريرها الأخير في سوق النفط إن الطلب على النفط سينمو بشكل أسرع من المتوقع في عام 2024. ونسبت الوكالة توقعاتها المنقحة إلى توقعات اقتصادية أفضل وانخفاض أسعار النفط، مما يحفز تقليديًا طلبًا أكبر على السلعة. ولا تتأثر الوكالة بنمو العرض من خارج أوبك، على الرغم من أنها تتوقع من المنتجين غير أوبك إضافة 1.2 مليون برميل في اليوم إلى العرض العالمي، مما يغطي نمو الطلب المتوقع بالإضافة إلى التغيير. كل هذا يجعل توقعات عام 2024 إيجابية للغاية فيما يتعلق بأسعار النفط. ومن المتوقع مرة أخرى أن تتحمل آسيا معظم نمو الطلب، بقيادة الصين والهند. وقد تكون خيبة الأمل في طريقها لأن بعض توقعات الطلب الصيني قد أثبتت أنها متفائلة بشكل مفرط، مما يضيف الوزن إلى الأسعار. من ناحية أخرى، فإن الأخبار المتكررة حول هجمات السفن في البحر الأحمر من قبل الحوثيين اليمنيين، ومؤخرا، من قبل القراصنة الذين استولوا على ناقلة بضائع ترفع علم مالطا متجهة إلى تركيا، يمكن أن تكون صعودية بالنسبة للأسعار، على الرغم من ان ناقلات النفط لم تتعرض للهجوم بعد. في غضون ذلك، يبدو أن هناك تغييرًا كبيرًا في انقطاع الإنتاج الرئيس. ونجح السوق في تجاهل الانخفاض البالغ 450.000 برميل في اليوم في إمدادات النفط من كردستان، حيث تواصل الحكومات الكردية والعراقية مناقشة شروط استئناف الصادرات. ويبدو أن ليبيا مستقرة نسبيا في الوقت الحالي. فيما أعلنت فنزويلا وجيانا إرادتهما في حل النزاع الإقليمي المشترك. وتظل صورة النفط العالمية هبوطية للغاية بالفعل. وقد تحتاج توقعات أسعار هذه البنوك الخمسة إلى مزيد من المراجعة إلى الأسفل ما لم تقرر أوبك + خفض أعمق، وهو ما سيكون خطوة محفوفة بالمخاطر. ومع ذلك، نظرا لأن الأسعار المنخفضة تحفز الطلب، فقد تبدأ الأمور في التغيير في قسم الأسعار.
