أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تسجيل "جبل عكمة" في سجل "ذاكرة العالم" التابع لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). ومن جهته غرد وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان آل سعود من خلال حسابه الرسمي "بتويتر" قائلا: "بدعم وتوجيه وتمكين من ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، جبل عكمة ضمن ذاكرة العالم لمنظمة اليونسكو". جبل عكمة هو عبارة عن منطقة جبلية ينحدر منها وادي ضيق، وهو ذو لون داكن يميل للون الأحمر، وشاهق الارتفاع، يضم العديد من الكتابات اللحيانية على الواجهات الصخرية في الموقع، وتوثق هذه النقوش والكتابات تاريخ مملكة لحيان وحضارتها وتفاعلاتها المجتمعية وعلاقاتها الخارجية وتنظيماتها وقوانينها الداخلية، وهي قريبة من موقع الخريبة الذي عاشت فيه دولة لحيان. يقع الجبل على بعد خمسة كيلومترات شمال العلا، ويُعدّ أحد أبرز المواقع التاريخية في العلا، إذ يضمّ آلاف النقوش القديمة المنحوتة في المنحدرات، ويصنّف كأكبر المكتبات المفتوحة في الجزيرة العربية، لما يحويه من نقوش أثرية تمّ تدوينها منذ آلاف السنين، وعلى امتداد عصور وحضارات مختلفة. ويعود أساسًا إلى الفترتين الدادانية واللحيانية. لتحكي تاريخ المنطقة، والحياة فيها، خلال حقب تاريخية مختلفة، وتعد سجلاً موثِقاً للحضارة اللحيانية التي ازدهرت في الجزيرة العربية والشرق لفترة تاريخية ليست بالقليلة. يُعتبر "جبل عكمة" أحد المراكز الخمسة الرئيسة ضمن "مخطط رحلة عبر الزمن"، ويجسّد من خلال موقع الجبل، تلاقي الطبيعة والتاريخ معاً على أرض العلا، وفق مشروعات تطوير البيئة الطبيعية، وإبراز العمق الثقافي. ويشكّل إدراج هذا الجبل ضمن "ذاكرة العالم"، نموذجاً للتعاون في تطوير العلا، لتصبح وجهة عالمية رائدة للتراث الثقافي والطبيعي، الذي يربط الهيئة الملكية مع منظمة "اليونسكو"، وشبكة الشركاء العالميين للهيئة، مثل "الآيكوموس السعودي"، ومتحف "اللوفر" الفرنسي، و"الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا". نقوش قديمة تتجاوز نقوش "جبل عكمة" 300 نقش ورمز، تعود إلى النصف الثاني من الألفية الأولى قبل الميلاد، وتعود أقدم النقوش إلى عام 644 قبل الميلاد، كما يحتوي الجبل على 450 نقشاً للغات العربية ما قبل النبطية القديمة، وهي الآرامية والدادانية والتمودية والمينائية. كما يضم رموزاً ذات دلالات تاريخية، تكشف عن تطوّر اللغات واللهجات، مثل الكلمات والطقوس الدينية والأنشطة والممارسات الثقافية التي سادت خلال حضارات عدّة عاشت في العلا. وتكتسب هذه النقوش أهمية من حيث الأصالة وسلامة المعلومات المحفوظة فيها، وترتبط بالحضارات والممالك العربية القديمة، فضلاً عن القيمة المعرفية لهذه النقوش المنحوتة في الجبل، التي تبرز أهمية العلا التاريخية كملتقى للتبادل الثقافي عبر الزمن، خلال الحضارتين الدادانية واللحيانية. أهميته تكمن أهمية الكتابات والنقوش والرسومات في منطقة جبل عكمة في كونها سجلاً تاريخياً وحضارياً. فعلى الرغم من أن معظمها يتناول أموراً شخصية في الغالب، إلَّا أنها تمدُّنا بمعلومات مهمة عن مملكة لحيان، وحضارتها، والمجتمع العربي اللحياني القديم، وأوضاعه الحياتية والإنسانية، والحياة الدينية وما فيها من تقديم للقرابين والنذور، أو تقديم الزكاة، أو الحج للمعبودات، ومعلومات حول ما يحكم مجتمعهم من قوانين وتنظيمات. كما يعطي صورة عن الوضع الاقتصادي، وأنظمة الضرائب والخراج، وعلاقة اللحيانيين بمن حولهم في محيط الجزيرة العربية تجارياً وسياسياً. كما أمكن من خلالها التعرف على العديد من أسماء الشخصيات، والآلهة، والحكام، ولعل أهم ما يميز بعضها أنه مؤرخ بسنوات حكم ملوك لحيان؛ مما ساعد على معرفة التسلسل الزمني للحكم في مملكة لحيان، وكذلك الوقوف على مراحل تطور الكتابة من خلال أشكال الحروف. كما كشفت عن المعاملات التجارية من بيع وشراء، التي اعتمدت بشكل رئيس على نظام المقايضة. وكذلك كشفت النقوش والرسومات الصخرية عن حياة اجتماعية لا تخلو من الترفيه، فيبدو منها أنهم كانوا على دراية بفن العزف على الآلات الوترية كالسمسمية المعروفة اليوم، والطبول، والمزامير، فقد وُجِدَتْ منقوشة على إحدى الواجهات الصخرية لجبل عكمة بأشكال وأحجام مختلفة. والكتابات في جبل عكمة، وغيرها من الكتابات في الأماكن الأخرى، تدل على مظاهر تحضر اللحيانيين ومعرفتهم ببعض المهن والحرف الدقيقة، كصياغة المعادن والنحت. جانب من الجبل