شواطئ الشقيق ملاذ الجاليات في العيد    موائد جماعية من 60 عاما تحيي موروث عيد الأضحى بالدرب    أمير جازان يستقبل المهنئين بعيد الأضحى    الساعة الذكية تُنقذ حاجة مغربية من مضاعفات قلبية خلال أداء مناسك الحج    عرفة.. طفل يُولد في أشرف الأيام بين ضجيج الدعاء ودموع الفرح في مخيم الحجاج    الداخلية تدعو ضيوف الرحمن لمواصلة الالتزام بالتعليمات التي تنظم تحركاتهم خلال أيام التشريق    أمطار رعدية على جازان وعسير.. وأتربة ورياح نشطة على سواحل مكة والمدينة    إيلون ماسك: الولايات المتحدة بحاجة إلى حزب سياسي جديد يمثل الطبقة الوسطى    المحشوش.. أكلة العيد في جازان    ولي العهد السعودي: سنواصل بذل جميع الجهود لتوفير سبل الراحة لضيوف الرحمن    الفيتو الأمريكي وخرافة الحمقى السياسيين    الملك سلمان: ندعو الله أن يحمل عيد الأضحى الخير والسلام للعالم    ولي العهد: سنواصل بذل جميع الجهود لتوفير سبل الراحة لضيوف الرحمن    الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق 3 وافدين و 14 مواطنا لنقلهم 109مخالفين لا يحملون تصاريح لأداء الحج    الجيش اللبناني يؤكد التزامه بوقف النار    وسط ضغوط دولية لحل الأزمة.. موسكو تنفذ هجوماً واسع النطاق على أوكرانيا    أكد تسخير كافة الإمكانات لخدمة الحجاج.. أمير مكة: ما تبذله المملكة يعكس الحرص على خدمة المسلمين    توخيل يطالب لاعبي إنجلترا بضغط هجومي قوي أمام أندورا    مدافع فينورد على أعتاب النصر    يتوقع تألقه بمونديال الأندية 2025.. "الفيفا" يتغنى بموهبة سالم الدوسري    جوهرة الزمالك إلى الأهلي المصري    هنأ القيادة بعيد الأضحى.. وزير الدفاع: نعتز بالاهتمام والرعاية الكريمة لضيوف الرحمن    ارتفاع أسعار النفط    «سلمان للإغاثة» يدشّن مشروع توزيع الأضاحي في أربع محافظات يمنية    "الأرصاد": تفعيل الخطة 3 لرصد أجواء الجمرات    رحلات قطار المشاعر تسير بسلاسة وفعالية    ضمن منظومة تشغيلية متكاملة.. انسيابية عالية لحركة الحشود في «جمرة العقبة الكبرى»    تدريب عملي ومكافأة شهرية.. تأهيل حديثي «البكالوريوس» في قطاع التعدين    إنجازات نوعية لمستهدفات الرؤية.. الصناعات السعودية ..مسارات متقدمة لاقتصاد المستقبل    أمير القصيم ونائبه يستقبلان المهنئين بعيد الأضحى    "أمان".. مبادرة تبرز الجهود الخدمية للمملكة محلياً وعالمياً    وزير النقل: الحج يتضمن عملية لوجستية فريدة    رسالة المحبة والسلام    خدمة "التحلل من النسك" متاحة على مدار الساعة    رفع التهنئة للقيادة بمناسبة العيد.. وزير الحج: دعم استثنائي من القيادة لمنظومة خدمة ضيوف الرحمن    وسط استمرار العدوان على القطاع.. تصعيد إسرائيلي جديد وأوامر بالإخلاء في شمال غزة    "الروبوت" يجري استبدال صمام للقلب بمكة المكرمة    الغذاء تحذر: أكياس النفايات غير صالحة لحفظ اللحوم    زلزال بقوة 6.4 درجات يضرب شمالي تشيلي    النرويج تعزز صدارتها للمجموعة التاسعة بثلاثية في شباك إيطاليا بتصفيات المونديال    ضيوف برنامج خادم الحرمين: كل عام نكتشف خدمات نوعية    اقتران القمر الأحدب المتزايد ونجم «السماك الأعزل» في سماء المملكة    الصحة ل"الوطن: الأوضاع الصحية للحجاج مطمئنة وفرق وقائية وراجلة لتقديم الخدمات الطبية    «سلمان للإغاثة» يدشن مشروع توزيع كسوة عيد الأضحى للأطفال الأيتام في الأردن    «MBC FM» أول إذاعة تبث من قلب ديزني الموسيقي    ندى عبدالحكيم: أعيش في الفن وأسعى للطب    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة العيد ويستقبل المهنئين    تراجع الطلب في مصافي النفط العالمية نتيجة زيادة مشتريات السيارات الكهربائية    المركزي الروسي يخفض الفائدة لأول مرة منذ 2022    الوقاية من الإجهاد الحراري أولوية صحية    ولي العهد يتلقى اتصالا من رئيس الإمارات    25 ألف كادر لنسك الأضاحي في يوم النحر    762.5 ألف مكالمة كل ساعة في يوم عرفة    موعد مباراة منتخب السعودية أمام أستراليا    العيد في قرية المدرك.. شغف لا يُغيّره الزمن    أسباب الإجهاد العضلي في الحج وطرق الوقاية منه    نائب أمير تبوك يهني القيادة الرشيدة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    بيئة متكاملة تساهم في إنجاز التغطيات بأحدث التقنيات.. اختتام «ملتقى إعلام الحج» بحضور 10 آلاف كادر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرح في يومه المجيد
نشر في الرياض يوم 30 - 03 - 2023

المسرح هو الركض في فضاءات الطبيعة ببساطة وبدون عناء، فوعي الإنسان بعلاقته المتلازمة والمتماسة مع الطبيعة هو ما يكسبه تلك البهجة المستفيضة التي لم تستطع أن تكون محددة أو محدودة!..
لم نكن في يوم من الأيام نذهب إلى المسرح متحفزين ومتمنطقين بما تعلمناه من قواعد فنية، وأدبية، وعلمية، وفلسفية، ونظريات معرفية؛ بل نذهب إليه بصفاء ذهني متجرد من كل تحفزات نقدية متحذلقة، وبلا ترصد له، فيفصل ذلك الوهج الذهني عن مدارات خياله التي مكانها المسرح، وبلا شوائب مترسبة على هوامش الذاكرة، أو فهم مسبق مصادر عليه؛ وكأننا ندلف إلى ردهاته بُلهاء أميين لا نفقه فيه شيئاً؛ في حالة أقرب ما تكون للبدائية الفطرية، ذلك أنه مكان الاسترخاء والمتعة والتوحد مع الذات والتجرد من كل الأهواء، إنه مكان الحدس الصوفي البهيج والمبهج بكل ألون الطيف.
وهنا يكمن السر في المتعة ويكتمل الوعي والفهم حينما يسدل الستار، وهذا ما يجعلنا دائماً في محاولة دؤوبة في أن نتلامس معه لنحصل على الإثارة من عمل ذي أبعاد مكتملة منحوتة، نحت مادي، ونحت معنوي -نحت ملموس ونحت محسوس-، يختلطان ليشكل كلاهما نحتاً ذهنياً متسامياً من الوجد المنتج لحدس صوفي بين متلازمة المعطى والمعني.
وإذا ما قيل أن المشاهد لا يستوعب في العادة النحت ومحاولة جمع المكعبات والمثلثات لإعادة ترتيبها بهذه الوسيلة ولتكتمل الصورة، إلا أنه يبدو منجذباً تجاهه، لما أثاره فيه من مشاعر وجدانية، فالوجدان أضحى في الفن بعداً خامساً وارتبط بالعقيدة فأضفى عليها خاصية جديدة و هو ما نطلق عليه البعد العقائدي أو البعد الخامس.
منذ بدايات المسرح العالمي وبعد أن خرج من عباءة الدين أصبح يعالج مشكلاته الاجتماعية والسياسية يشعر القائمون عليه بحالة من النقص أو عدم الاكتمال، هذا الشعور هو الذي دفعهم نحو التجديد والابتكار، فهناك حالة دفينة بشيء يحرك الأحاسيس والوجدان، فانتفاء القدر الإغريقي في كتابات الكلاسيكيين الجدد جعلهم يبحثون عن قوى أخرى تحرك الأحداث والشخصيات، فجاءت أفكار مسرحياتهم مستمدة من آلهة وأبطال الأساطير الإغريقية ولكن الصراع أخذ فيها بعداً آخر، فأصبح بين العاطفة والواجب بدلاً من التصارع البشري مع الآلهة، ومثلما حاول كتاب اليونان في القرن الرابع قبل الميلاد الإيحاء بأن هناك قوى مسيطرة تنظم حركة الصراع وأسموها القوه القدرية أو "الأنا نكى"، حاول الكلاسيكيون الجدد الإيحاء بها أيضاً ولكن بشيء من العدالة الشعرية، وجعلوا مصير البشر متعلقاً بخطاياهم مثلما نرى في كتابات "راسين" و"كورني" كما أن هذه الفترة شهدت تغييرات جوهرية استمد منها العالم روح التجديد والابتكار، فنرى "كورني" في مسرحية "السيد" يضرب بالقواعد الكلاسيكية عرض الحائط ليثير الرأي العام في ذلك الوقت، ويحدث ضجة فكرية، حتى أن الأكاديمية الفرنسية أعدت لجنة بقيادة الأديب الفرنسي "شابلان" لتقديم تقرير مفصل عن مسرحية "السيد" أدانت فيه "كورني" بما أسموه الشطحات الفكرية والتمرد، الأمر الذي دعا "كورني" لكتابة بعض المقالات دفاعاً عن مسرحيته ويفند فيها رأي الأكاديمية، ولقد أصبحت هذه المقالات وهذا التقرير أحد أبرع المراجع النقدية. والذي يثير التساؤل، ما الذي أوحيى إلى (بييركورني) الخروج عن هذه القواعد الكلاسيكية، إنه ذلك الإحساس بالنقص وعدم الاكتمال، وما الذي يدفع كاتباً مثل لويجي برانديللو أن يحاول جذب المتفرج إلى داخل الواقع من خلال التقاطع مع بعض مستويات الحقيقة، ويصبح المتفرج جزءا من تكعيبية الطرح الفكري، إنه يجعل المتفرج جزءا من الواقع المسرحي المعاش في لعبة المسرح داخل المسرحية، فلم يكن يشعر برانديللو بهذا الدفء الذي يتواصل من خلاله مع الجمهور، وبعيداً عن الخواء الذي أحدثته الحرب العالمية الثانية نجد بريخت يقدم لنا الملحمية والتي تسعى إلى دمج المبدع والمتلقي في حالة وجدانية واحدة أو في حالة تفاعل جمعي، إنهم جميعاً يشعرون بهذا الإحساس بعدم الاكتمال الذي حاول كل رجال المسرح الغربي البحث عنه ومحاولة الوصول إلى حله.
ذلك أن الوعي البشري يشعر أنه في تداخل سيال وفي وحدة بهيجة مع المسرح وهو ما يخضع العالم لروحيته المستفيضة، لأن المسرح هو الركض في فضاءات الطبيعة ببساطة وبدون عناء، فوعي الإنسان بعلاقته المتلازمة والمتماسة مع الطبيعة هو ما يكسبه تلك البهجة المستفيضة التي لم تستطع أن تكون محددة أو محدودة! بل كانت كأنها تلعب وتتمتع ببراءتها بسلطة على الأشياء غير مثقلة نفسها بردود الفعل حول مدى التوافق بين تصوراتها والأشياء الحقيقية، فكل الأفعال التي تتم بصورة تلقائية عفوية وفطرية ليست إلا بحثاً غير مقصود عن كمال الصورة واتساق النسق الداخلي للإنسان وإيقاعه مع الحياة.
وفي يوم تتويج المسرح على منصة يومه العالمي لنا أن نتساءل ونعيد تلك الحمى المعرفية الفلسفية والفنية من التساؤلات عن: هل اكتملت الصورة في يوم المسرح العالمي؟
قد يبدو أنه تساؤل ساذج وسخيف تجاه تاريخ المسرح بعمق الزمن! لكنه في حقيقة الأمر يسوقنا إلى إجابة قاطعة وهي: لا.
ذلك بأنه لو كانت الإجابة بالإيجاب لتوقف نهر المسرح عن الجريان، ولتوقف ذهابنا وتعثرت خطواتنا للمسرح، لأنه حين يكتمل السؤال نفقد نحن بدورنا الشغف بالمتعة والترقب والدهشة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.