يعتبر قطاع النقل بالسكك الحديدية أحد أنظمة النقل الفعالة، حيث تتجلى قدرة السكك الحديدية المميزة، في الربط الفعال بين مناطق الإنتاج ومناطق الاستهلاك، كما يوفر القطاع السككي، نقل الأفراد والمواد الخام والبضائع والمعدات، ويساهم في تقديم فرص العمل لشريحة كبيرة من المواطنين في شتى المجالات، وفي مقدمتها قطاع السياحة والخدمات اللوجستية. وقد حظي قطاع السكك الحديدية الذي بدأ استخدامه في المملكة العربية السعودية منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، تمثلت في إنشاء خطوط حديدية بأطوال تتجاوز 5,500 كم تربط بعض المناطق والقطاعات في المملكة، إضافة الى الخطط الاستراتيجية التي تهدف الى التوسع في أطوال هذه الخطوط لتصل الى 13,000 كم. وفي هذا الشأن قال وزير النقل والخدمات اللوجستية المهندس صالح الجاسر، إن المملكة تنفذ رؤية طموحة بنيت على أسس، فعندما وضعت رؤية 2030، حددت مواقع القوى في المملكة، وإحدى تلك الركائز موقع المملكة الذي يعتبر السند الأساسي لصناعة الخدمات اللوجستية. جاء ذلك خلال ترؤس وزير النقل والخدمات اللوجستية المهندس صالح بن ناصر الجاسر، جلسة حوارية تناولت دراسة "ربط مناطق المملكة بالسكك الحديدية وتأثيرها على ازدهار السياحة والخدمات اللوجستية"، ضمن فعاليات منتدى الرياض الاقتصادية في دورته العاشرة أمس بالرياض. وأشار الجاسر، لتنفيذ رؤية المملكة عملت الاستراتيجية الوطنية للخدمات اللوجستية التي تستهدف تحويل المملكة الى مركز لوجستي عالمي، وضمن أفضل 10 دول في العالم في مجال الخدمات اللوجستية، ومن أجل ذلك، وضعت مستهدفات عالية في كل أنماط النقل "الجوي، البري، السككي، الطرق والخدمات اللوجستية"، وأفردت استراتيجيات قطاعية في كل تلك الأنماط، من خلال تناغم نموذجي كامل، مشيرا، أن الاستراتيجة الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية في هذه المرحلة ركّزت على الاستثمار في نمطين أساسيين من أنماط النقل "الجوي والسككي". وواصل الجاسر، إلى أن المملكة تتجه لإنشاء 59 منطقة لوجستية، تم إنجاز 6 مناطق منها، مؤكداً، أن أحد أهم مشاريع "القطاع السككي" هو مشروع ربط شرق المملكة بغربها، بالتعاون مع تحالف بقيادة احد الشركات الصينية ومشاركة عدد من الشركات العالمية، بتكلفة اجمالية بنحو 100 مليار ريال. وتابع الجاسر، انه تم بحث ثلاث تقنيات حديثة في قطارات الركاب وهي، "تقنية القطارات السريعة، تقنية القطارات المغناطيسية، وتقنية الهايبرلوب". وتمثلت نتائج المسح الميداني للدراسة في: أن 84 % من المستثمرين لديهم تطلعات في الاستثمار في قطاع السكك الحديدية في المملكة، كما تبين أن أكثر الدوافع للاستثمار في هذا القطاع، من وجهة نظر المستثمرين تتمثل في تفوق النقل بالسكك الحديدية على أنظمة النقل الأخرى بالتكلفة المنخفضة، ويرى 99 %، من المستثمرين أن التوسع في شبكة خطوط السكك الحديدية سوف يساعد في خلق فرص استثمارية جديدة، وقيم الخبراء، منظومة السكك الحديدة الراهنة في المملكة عن مستوى مرتفع بوزن نسبي 82 %. وشارك في مناقشة الدراسة الرئيس العام السابق للمؤسسة العامة للسكك الحديدية المهندس محمد بن خالد السويكت، والمحاضر بجامعة الملك سعود الدكتور المهندس علي بن عبدالله السهلي، وأستاذ الاقتصاد بجامعة حائل الدكتور صالح بن سعود السيف، كما شارك بالنقاش كوكبة كبيرة من الخبراء الاقتصاديين والأكاديميين ورجال وسيدات الأعمال والمسؤولين الحكوميين. وتركّز النقاش حول طرق الاستفادة من تحقيق أهداف الاستراتيجية العامة للنقل العام ورؤية المملكة 2030، الهادفة لترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي يربط القارات الثلاث، والارتقاء بخدمات النقل، وتعزيز منظومة الخدمات السياحية، كما رصدت الدراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على ربط مناطق المملكة المختلفة بشبكة سكك حديدية وزيادة مساهمتهما في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. واستعرض المشاركون أداء قطاع السكك الحديدية وما تم إنجازه من الخطة الاستراتيجية للنقل العام في ضوء تقييم الدراسة لهذا الأداء ورصدها التحديات التي تواجه التوسع في الشبكة لتغطى كافة مناطق المملكة، كما استعرضوا أهم الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص والتي يتيحها هذا التوسع استناداً لما رصدته الدراسة من التجارب العالمية المهمة، وطرح المبادرات والتوصيات التي تخدم تنمية وتطوير القطاعين. وخلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات والنتائج أبرزها أن التوسع في شبكة السكك الحديدية لربط مناطق المملكة أسهمت في رفع مساهمة أنشطة النقل والتخزين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 6،5 %، فيما تستهدف الاستراتيجية الوطنية للنقل الرفع إلى 10 %، وأسهم تشغيل قطار الشمال للبضائع إلى زيادة الأطنان المنقولة بنسبة 52 %، وشهد الناتج المحلي لأنشطة النقل والتخزين نمواً بنسبة 75 % في الفترة التي تلت تشغيل قطار الشمال، كما أدى زيادة الربط بالسكك الحديدية إلى زيادة نقل الركاب بنسبة 18 %، كما أظهرت الدراسة أن عدد المنشآت السياحية ومنشآت النقل والتخزين تزايدت بنسبة تعادل ضعف الزيادة السنوية في العام الذي تبع تشغيل قطار الشمال. ويأتي الدعم للقطاع السككي استناداً إلى ما تتميز به الخطوط الحديدية عن أنظمة النقل البرية الأخرى، فعلى سبيل المثال: ساهم قطار الشمال منذ عام 2011م في نقل 57 مليون طن من المعادن، وهو ما يكافئ وزن 4 ملايين شاحنة، وفي نقل الركاب، يستطيع قطار متنقل بين المدن أن ينقل 60 ألف مسافر في كل ساعة لكل اتجاه. ويشكل قطاع السكك الحديدية أداة رئيسة في تحقيق متطلبات وأهداف التنمية في الدول، ولأجل هذا استهدفت رؤية المملكة 2030، تطوير البنية التحتية لقطاعات النقل المختلفة لتحويل المملكة إلى منصة لوجستية عالمية، كذلك فإن الاستراتيجية الوطنية للنقل، والتي أطلقت نهاية عام 2019م، تهدف إلى رفع مؤشر أداء المملكة اللوجستي على مستوى العالم، عبر تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية كإحدى الأدوات الأساسية في القطاع اللوجستي.