كان لاهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بالتاريخ وأهميته الثقافية والحضارية والفكرية، وإدراكه لدوره في بناء الهوية الوطنية لأبناء هذه البلاد العظيمة، أثراً في إحياء الإرث التاريخي والثقافي والحضاري للمملكة العربية السعودية عند الإعلان عن رؤية المملكة 2030 التي يقودها فارسها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، وقد بُنيت ركائز القوة فيها على ثلاثة جوانب أولها العمق الإسلامي والعربي للمملكة العربية السعودية وأنها قبلة المسلمين، وثانيها أنها محور لربط القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا، وثالثها أنها قوة استثمارية رائدة، كذلك قامت محاور الرؤية على ثلاثة محاور، أولاً المجتمع الحيوي ذو القيمة الراسخة، والبيئة العامرة، والبنيان المتين، وثانياً الاقتصاد المزدهر ذو الفرصة المثمرة، والتنافسية الجاذبة والاستثمار الفاعل والموقع المُستغل، وثالثاً الوطن الطموح حيث الحكومة الفاعلة والمواطنة المسؤولة. وقال د. بندر بن مطلق العصيمي العتيبي باحث في تاريخ وتراث الجزيرة العربية/ إدارة تعليم الرياض إن إحياء الإرث التاريخي والثقافي والحضاري للمملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- تجلت في تضمينها في الركيزة الأولى من ركائز القوة في رؤية المملكة 2030، مع الارتباط أيضاً بالركيزتين الثانية والثالثة والمحاور التي قامت عليها، فهذا الوطن العظيم بحكومته وشعبه هو العمق الإسلامي والعربي وقبلة المسلمين، باعتباره يمتلك إرثا كبيراً للحضارة العربية والإسلامية في الجزيرة العربية. ومن أجل تحقيق أهداف الرؤية شهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إنشاء عدد من الوزارات والهيئات وإطلاق عدد من المشاريع التي تخدم إحياء الإرث التاريخي والثقافي والحضاري للمملكة العربية السعودية ومنها: أنشئت وزارة الثقافة بعد فصلها عن وزارة الإعلام بموجب المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 9 رمضان 1439ه الموافق 2 يونيو 2018م، وتم إطلاقها رسمياً في 20 رجب 1440ه الموافق 27 مارس 2019م، إذ إن الاهتمام بالثقافة يمثل جزءًا مهماً من إحياء الإرث التاريخي والثقافي والحضاري للمملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. إن دور وزارة الثقافة في إحياء الإرث التاريخي والثقافي والحضاري للمملكة العربية السعودية يتمثل في العناية بالمشهد الثقافي على الصعيدين المحلي والدولي، والحرص والمحافظة على التراث التاريخي مع السعي لبناء مستقبل ثقافي غني؛ تزدهر فيه مختلف أنواع الثقافة والفنون، ولوزارة الثقافة ثلاثة أهداف في هذا الجانب، أولها السعي إلى تعزيز الثقافة كنهج حياة، وثانيها المساهمة في النمو الاقتصادي، وثالثها تشجيع التبادل الثقافي العالمي. إن رؤية وزارة الثقافة بقيادة صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، تسعى إلى أن تزدهر المملكة العربية السعودية ثقافياً لتثري نمط حياة الفرد وتسهم في تعزيز الهوية الوطنية وتشجيع الحوار الثقافي مع العالم، أما رسالتها فهي تمكين وتشجيع القطاع الثقافي السعودي بما يعكس حقيقة الماضي العريق للمملكة العربية السعودية، والمساهمة في بناء مجتمع يعتز بالتراث ويفتح مع العالم منافذ جديدة ومختلفة للإبداع والتعبير الثقافي. وترتكز رؤية وتوجهات وزارة الثقافة إلى أربعة مبادئ رئيسة هي: 1 - القيادة: أن تكون هي المحرك الفاعل الذي يدفع عجلة التحول الثقافي في المملكة العربية السعودية. 2 - التطوير: أن تعمل على تطوير القطاع الثقافي من خلال إطار عمل ومنظومة متكاملة لتطوير المواهب وتسهيل المبادرات. 3 - الرعاية: التقدير والعناية لكافة الجوانب الثقافية السعودية مع العناية بتعزيز مكانة الهوية الثقافية المميزة للمملكة العربية السعودية ورعاية الإرث الثقافي مع المحافظة على التراث والتقاليد الثقافية. 4 -الدعم: أن تعمل الوزارة على عرض الجوانب الثرية للثقافة السعودية الموجودة، وتوفير الدعم لها وتحديد الكنوز التراثية المادية واللامادية التي تزخر بها المملكة العربية السعودية والمحافظة عليها ورعايتها. تطوير جدة التاريخية «إعادة إحياء جدة التاريخية» ومن برامج ومشاريع إحياء الإرث التاريخي والثقافي والحضاري للملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- برنامج تطوير جدة التاريخية، والذي يشمل جوانب متعددة ومنها مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية»، الذي يلقى رعاية واهتمام مباشر من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، ويسعى المشروع إلى تطوير المجال المعيشي في المنطقة لتكون مركزاً جاذباً للأعمال وللمشاريع الثقافية، ومقصداً رئيسًا لروّاد الأعمال الطموحين. والمشروع يأتي في سياق حرص واهتمام سمو ولي العهد في المحافظة على المواقع التاريخية وصوْنها وتأهيلها، تحقيقًا لأهداف رؤية المملكة 2030 وبما يعكس العمق العربي والإسلامي للمملكة العربية السعودية كأحد أهم ركائز الرؤية، إذ سيعمل المشروع على إبراز المَعالم التراثية التي تحفل بها المنطقة، وذلك بوصفها موقعاً تاريخياً يحتوي على أكثر من 600 مبنى تراثي، و36 مسجداً تاريخياً، وخمسة أسواق تاريخية رئيسة، إلى جانب الممرات والساحات القديمة والعريقة، والمواقع ذات الدلالات التاريخية المهمة مثل: الواجهة البحرية القديمة التي كانت طريقاً رئيسة للحجاج، والتي سيُعيد المشروع بناءها لتحكي لزوار جدة التاريخية القصة العظيمة للحج منذ فجر الإسلام.