انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    ماكرون يحل الجمعية الوطنية ويدعو إلى انتخابات في 30 يونيو    المها الوضيحي تحت ظل شجر الطلح    الجبير يلتقي وكيل "وزارة الخارجية البرازيلية للشؤون السياسية"    اليحيى يتفقد جوازات مطار الطائف الدولي واللجان الإدارية الموسمية بمركزَي التنعيم والبهيتة    الأمير سعود بن نهار يتفقد مواقيت الإحرام ونقاط الفرز الأمني بالمحافظة    مدير عام الجوازات يتفقد جوازات مطار الطائف الدولي    «ضربه وبكى وسبقه واشتكى».. عمرو دياب هل يلقى مصير ويل سميث؟    دراسة: التدابير السعودية نجحت في الحد من تأثير الحرارة على صحة الحجاج    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1,000 حاج من ذوي الشهداء والمصابين من أهالي غزة استثنائياً    ضيوف الرحمن يوثقون رحلتهم الإيمانية    الائتمان المصرفي يُسجّل 2.7 تريليون ريال    ضيوف الرحمن في السعودية    طرح أرامكو يقفز بتداولات تاسي إلى 54 ملياراً    110 آلاف منشأة تستفيد من إعفاء غرامات "التأمينات"    فيصل بن سلمان يرأس اجتماع مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية    الأخضر يختتم تحضيراته لمواجهة الأردن    أمير الرياض يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة الهلال    الأهلي يُخطِّط لضمّ لاعب أتلتيكو مدريد    د. العيسى: ما يعانيه الشعب الفلسطيني سيبقى محفورًا في كل ضمير حيّ    ختام بطولة العالم للبلياردو في جدة    TikTok يختبر خاصية Snapstreak    أمير القصيم يوجه بتوثيق الطلبة المتفوقين في كتاب سنوي    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعتني بثقافة الحج وتاريخ الحرمين    وزارة الدفاع البريطانية تكذب مزاعم الحوثي بتعرض مدمرة لهجوم    إخضاع منتجات شي إن للفحص والنتائج تؤكد خلوها من المواد الضارة    جازان: إحباط تهريب 220 كيلوغراما من نبات القات    ارتفاع عدد شهداء مخيم النصيرات وسط قطاع غزة إلى أكثر من 300 شهيد    شفاعة أمير الحدود الشمالية تثمر تنازل أولياء دم الجميلي عن بقية مبلغ الصلح    هيئة النقل: أكثر من 10 آلاف عملية فحص رقابية بمنطقتي مكة والمدينة    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    سمو أمير منطقة الباحة يرعى حفل يوم البر السنوي    قطاع صحي ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "مكافحة التدخين"    "تعليم الرياض" يطلق حملة إعلامية تثقيفية بالتخصصات الجامعية    الوزاري الخليجي: ثروات المنطقة المغمورة للكويت والسعودية فقط    بلجيكا تُعول على دي بروين ولوكاكو في يورو 2024    تحذير من مواقع تنتحل هوية «تقدير»    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري للحوار الاستراتيجي الخليجي-التركي    «مسام»: إتلاف 602 لغم وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة في أبين    محاولة من الاتحاد لضم رحيمي    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء لجنة الحج في مجلس الشورى    فريق طبي "ب"مركزي القطيف" ينقذ حياة مقيم    محافظ البكيرية يتفقد مشاريع الإسكان بالمحافظة    الأرصاد: ابتداء من غد الاثنين استمرار ارتفاع درجات الحرارة لتصل إلى 48 درجة مئوية    وصول الفوج الأول من حجاج أمريكا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا    شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج    ليس للمحتل حق «الدفاع عن النفس»..!    3.4٪ نمو الأنشطة غير النفطية خلال الربع الأول من العام 2024    بارقة أمل.. علاج يوقف سرطان الرئة    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    استفزاز المشاهير !    مَنْ مثلنا يكتبه عشقه ؟    مرسم حر    أثر التعليم في النمو الاقتصادي    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    التنظيم والإدارة يخفِّفان الضغط النفسي.. مختصون: تجنُّب التوتّر يحسِّن جودة الحياة    «إنجليزية» تتسوق عبر الإنترنت وهي نائمة    الجهات الحكومية والفرق التطوعية تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القُطبية الأُحادية.. هلْ مِنْ مُهددٍ لاستمراريتها؟!
نشر في الرياض يوم 21 - 09 - 2022

مازلنا نعيش في نظام دولي أحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة بفضل قدراتها وإمكاناتها السياسية والاقتصادية والصناعية والعسكرية والأمنية والعلمية والفكرية والتقنية والتكنولوجية ومواردها البشرية المؤهلة تأهيلاً احترافياً في جميع المجالات. وهذه القدرات والإمكانات التي بُنيت بِصلابة عالية جداً على مدى قرنين ونصف من الزمان مَكَّنت الولايات المتحدة من فرض هيمنتها العالمية حيث تتواجد في جغرافية العالم بمختلف مناطقه وأقاليمه بأشكال عدة..
التأثير المُباشر في حركة السياسة الدولية، فرض الرؤى والتوجهات الخاصة على الفاعلين في السياسة الدولية، تحديد متغيرات ومسارات وسلوكيات السياسة الدولية، تمكين الفاعلين –الرسميين وغير الرسميين– في السياسة الدولية، تحجيم قدرات وإمكانات القوى الدولية المُهددة للمكانة الدولية، استنزاف موارد وجهود القوى الدولية الصَّاعدة والمُنافسة، بناء تحالفات دولية ذات توجهات مُحددة، السعي الدائم لتعزيز النُّفوذ والهيمنة العالمية، تجاهل أو تجاوز الأنظمة والقوانين والتقاليد والأعراف الدولية المُنظمة للعلاقات الدولية – متى دعت الحاجة. هذه بعض من الخصائص والسِمات التي تتصف بها القوى العُظمى المُهيمنة حقيقة على النظام الدولي على مدى التاريخ البعيد والقريب والحاضر، سواءً كان هذا النظام الدولي مُتعدد الأقطاب، أو ثُنائي القطبية، أو أحادي القطبية. وبالتالي، فإن القوى –أو القوة– الدولية المُهيمنة على النظام الدولي أو العالمي تعتبر المُحرك الأساس للسياسة الدولية، والمُؤثر الرئيس في التفاعلات الدولية، وصاحبة الكلمة الفصل في العلاقات الدولية، وهذا ما يميزها عن غيرها من القوى الدولية العديدة في المجتمع الدولي.
وحيث أن النظام العالمي شهد أشكالاً عدة خلال القرون الماضية –كالنظام الدولي مُتعدد الأقطاب خلال القرن التاسع عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية 1945م، والنظام الدولي ثنائي القطبية الذي انتهى بتفكك الاتحاد السوفيتي بداية التسعينات من القرن العشرين–، فإننا النظام العالمي يشهد نظاماً أحادي القطبية منذ العام 1991م بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. ومُنذُ ذلك العام وحتى وقتنا الحاضر 2022م، يُطلق على البنيان الدولي أحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها القوة الدولية المُهيمنة على السياسة الدولية، وهذه الهيمنة الدولية المُستمرة على مدى الثلاثين عاماً الماضية لم تعرف مُنافساً لها يُهدد مكانتها العالمية. فإذا كانت هذه الأحادية القطبية هي واقع النظام العالمي –أو شكل البنيان الدولي– مُنذُ العام 1991م، فهل هناك مُهددات حقيقية تُعيق أو تُوقف استمرارية أُحادية القطبية العالمية الحالية لتستبدلها بنظام عالمي ثُنائي أو مُتعدد الأقطاب؟
لقد برزت خلال الأعوام القليلة الماضية، وتصاعدت خلال وقتنا الحاضر، أصوات عديدة ترى أن نظام القطبية الأحادية القائم –بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية– يواجه تهديداً حقيقياً بعودة جمهورية روسيا الاتحادية للعب أدواراً كبرى في السياسية الدولية، بالإضافة لصعود جمهورية الصين الشعبية لمكانة دولية متقدمة جعلت منها قوة دولية مهمة في حركة السياسة الدولية. وهذه الرؤى والطروحات تفترض أن النظام الدولي أحادي القطبية انتهى أو قارب على الزوال، وبأننا نشهد الآن –أو أننا في طور التحول نحو– نظام دولي متعدد الأقطاب أعمدته الولايات المتحدة، وروسيا الاتحادية، والصين الشعبية. وبعيداً عن الدخول في منطقية أو عدم منطقية مثل هذه الرؤى والطروحات، فإن الأكثر أهمية يتمثل بمدى معرفتنا بالآلية التي تُشكل النظام الدولي لأنها ستُمكننا من الحُكم على مُستقبله وإمكانية استمراريته من عدمها. وهذه الآلية –إن طُبقت تطبيقاً حقيقياً– سوف تُمكننا من الحكم على الواقع حُكماً مُحايداً يُغلب فيه العقل والمنطق، على العاطفة والأمنيات التي دائماً تقود لنتائج سلبية.
إن الآلية التي ستُمكننا من الحُكم بحياد وعقلانية ومنطقية على واقع ومستقبل النظام الدولي –شكل البنيان الدولي– تتمثل بالمعرفة الحقيقية للقدرات والإمكانات التي تملكها القوة –أو القوى– الدولية المُهيمنة على النظام الدولي. فإذا أنزلنا هذه الآلية على أرض الواقع، نجد أننا فِعلاً مازلنا نعيش في نظام دولي أحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة بفضل قدراتها وإمكاناتها السياسية والاقتصادية والصناعية والعسكرية والأمنية والعلمية والفكرية والتقنية والتكنولوجية ومواردها البشرية المؤهلة تأهيلاً احترافياً في جميع المجالات. وهذه القدرات والإمكانات التي بُنيت بِصلابة عالية جداً على مدى قرنين ونصف من الزمان مَكَّنت الولايات المتحدة من فرض هيمنتها العالمية حيث تتواجد في جغرافية العالم بمختلف مناطقه وأقاليمه بأشكال عدة، وخاصة التواجد السياسي والعسكري والأمني عبر تحالفاتها الدولية وقواعدها العسكرية المُنتشرة حول العالم، أو عبر أساطيلها البحرية المهيمنة على الملاحة العالمية، بالإضافة للهيمنة المطلقة على الفضاءات الجوية. وهذا التواجد والانتشار غير المحدود في جغرافية العالم مكنها تماماً من فرض رؤاها وتوجهاتها وسياساتها على السياسة الدولية، وضمن لها بالتبعية تحييد منافسيها، أو على أقل تقدير عدم صعودهم للدرجة التي تهدد مكانتها العالمية. وإذا أضفنا إلى هذه القدرات والإمكانات الظاهرة والمعلومة على أرض الواقع جانباً آخر مهم جداً والذي يتمثل بقوة وقدرة ونوعية الحلفاء الذين يصطفون مع –أو لجانب– الولايات المتحدة، أو يتفقون معها ايديولوجياً، أو ينضوون تحت أحلافها الدولية، فإننا نرى أنها –الولايات المتحدة– تتمتع بتحالفات دولية نوعية ومتميزة جداً بحيث تضيف كثيراً للقدرات والإمكانات التي تملكها وتتمتع بها. فإذا أضفنا إلى هذه العوامل المُهمة جداً مسألة خدمة المصالح المشتركة للشعوب والدول تماشياً مع مبادئ الرأسمالية العالمية –وليس وفقاً لجانب تصدير الأيديولوجية أو فرض قيم أجنبية على الشعوب الأخرى–، نجد أن الولايات المتحدة تكسب كثيراً في هذا المجال مما يعزز مكانتها ونفوذها الدولي على حساب غيرها من القوى الدولية المُجربة تاريخياً، أو تلك التي تتخوف الشعوب من خوض تجربه جديدة معها.
فإذا وضعنا هذه الحقائق على أرض الواقع، فإننا نجد أن الهيمنة العالمية للولايات المتحدة مُتحققة تماماً على جغرافية العالم بشكل مُطلق، حتى أنها تتواجد سياسياً وعسكرياً وتكنولوجياً في الفضاء الجغرافي والاستراتيجي للقوى الدولية المُتطلعة لتغيير بنية النظام الدولي. وهذا التواجد المُطلق للولايات المتحدة جاء كنتيجة طبيعية لدراسات وبحوث فكرية وعلمية رصينة –وُضِعت على مدى عقود متتابعة– هدفها ليس فقط النفوذ الدولي، بل الهيمنة العالمية، وغايتها الرئيسة المحافظة الدائمة على نظام عالمي أحادي القطبية. هكذا هو واقع النظام الدولي الحالي، وهكذا هو واقع القوى الدولية بمختلف مستوياتها في المجتمع الدولي.
وفي الختام من الأهمية القول بأن استمرارية هيمنة الولايات المتحدة على النظام العالمي ليست محل تهديد إطلاقاً للقدرات والإمكانات القومية العظيمة التي تملكها، وللعقول الفكرية والعلمية والتقنية التي تحرص باستمرار على دعمها وتبنيها وجذبها، ولتواجدها المُطلق في الفضاءات الجغرافية والاستراتيجية للقوى الدولية المُتطلعة لمنافستها وتهديد مكانتها العالمية في الوقت الذي يجب عليهم عبور المحيطات لزعزعة مكانتها العالمية، ولتحقيق غايتهم بتغيير شكل النظام العالمي. إن تحقيق الهيمنة العالمية يتطلب قدرات وإمكانات تفوق بكثير قدرات وإمكانات الدولة المهيمنة فعلاً على السياسة الدولية، وهذا يتطلب جهوداً علمية وفكرية وبشرية نوعية ومتميزة جداً، بالإضافة لقدرات اقتصادية وصناعية وتقنية وتكنولوجية أعظم من تلك التي تملكها الدولة المهيمنة. فإذا كانت هذه معادلة التفوق في النظام العالمي بين المُتطلعين لها، فإن الأكثر أهمية للطرح يتعلق بماهية القوى العالمية المُهيمِنة، وأيُهما الأكثر مُناسبة للمُجتمعات والأُمم المُختلفة عنها ثقافياً وحضارياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.