الذكاء والغباء الاجتماعي، نوعان من السمات البشرية المختلفة في خصائصها، ومشاعرها، وأفكارها، وفي تمثيلها داخل العقول، وفي غاياتها. وتختلف كذلك في نتائجها وتأثيرها على مستوى العلاقات الاجتماعية. فأما الغباء الاجتماعي فينتج عن قصور في أداء العقل، وهو العجز عن فهم المشكلات أو تشخيص الحالات بالشكل المطلوب، ويتصف أصحابه بالأنانية، وحب النفس، وبالتعصب الفكري، وفقدان التخطيط وضيق أفق التفكير، وقد ينتج عن السفاهة وقلة الأدب الناتجة عن نقص التربية وتأثير الأقران وضعف وعي المحيطين، ويعرف كذلك بالتواصل التقليدي. ويفتقد ذوي الغباء الاجتماعي إلى المرونة الاجتماعية المطلوبة في التعامل مع الآخرين، وإلى عدم مراعاة مشاعر وظروف الغير، ولا يقتصر الغباء الاجتماعي على طبقة من طبقات المجتمع، فقد نجد متعلما يتصف بالغباء الاجتماعي من خلال ملاحظة بعض صفاته الذميمة كالتكبر والحقد والحسد والغيبة والحماقة وخيانة الأمانة أو غيرها مما يتسبب في غياب رقي التعامل وفقدان المرونة المطلوبة في التعامل. وقد نجد آخر غير متعلم يتصف بدرجات عالية من مرونة التعامل والذكاء الاجتماعي، وذلك لأنه درب نفسه على أفضل الأفكار والمشاعر والسلوكيات وتخلى عن الصفات الإنسانية الذميمة. وأما الذكاء الاجتماعي فهو إحدى الصفات الإنسانية المحببة التي يتميز بها دهاة البشر، ويمكن تعريفه بالتواصل الفعال، حيث إن الذكي اجتماعيا يكون شخصا مدركا للأمور، وللمشكلات وحلولها، ولما يدور حوله لكنه لا يظهر معرفته لكل شيء. ويظهر التغافل عن بعض الأفعال والتصرفات ولا يدقق في كثير من الأخطاء والزلات ويسعى للحفاظ على علاقات سليمة وتواصل مستمر مع الآخرين، كما أنه يحرص على تحفيز رقي التعامل في نفسه وفي من يتعامل معه، كما أن الذكي اجتماعيا يتقن مهارات التواصل الاجتماعي الناجح مثل مهارة الاستماع الجيد، والحوار الهادئ، وقلة الجدل، وإظهار المحبة للآخرين، ولين الجانب، ونبذ التعصب، ودماثة الأخلاق، معتمدا في ذلك على ملاحظته الدائمة لتصرفاته وعلى قوة إيمانه وثقته بنفسه وبعد نظره وترفعه عن سفاسف الأمور. ويتميز الذكي اجتماعيا بالصبر، والتحمل، والروية، وحسن المنطق، وسلامة الصدر. كذلك الذكاء الاجتماعي لا يولد مع الشخص بل هو صفة مكتسبة تنمو وتتطور من خلال الممارسة والتدريب، ومن أهم عناصر اكتسابها مراقبة الأشخاص الأذكياء اجتماعيا، والاستفادة من طريقة تعاملهم مع الآخرين، كما أن تنمية الذكاء العاطفي من أهم مقومات اكتساب الذكاء الاجتماعي، لأن نجاح الإنسان في تحقيق الذكاء الاجتماعي يعتمد بشكل كبير على فهم مشاعره أولا، والتحكم في انفعالاته وردود أفعاله تجاه تصرفات الآخرين، ومن ثم فهم مشاعر غيره تجاه سلوكه، مما يمكنه من تعديل وضبط سلوكه بالشكل الملائم حتى يحقق مستوى الذكاء الاجتماعي المطلوب. كما أن الذكاء الاجتماعي يتطلب احترام التنوع الثقافي، واكتساب ثقة واحترام الآخرين، وكذلك تعزيز التواصل غير اللفظي، كالابتسامة وتعبيرات الوجه والبشاشة والإيماءات الضرورية. مسفر آل شايع