تمثّل المُواطَنة الحقّة والوفاء والولاء والإخلاص ركيزة أساسية في نسيج مجتمعنا السعودي بكامل تنوّعه وأطيافه؛ فهو منذ التأسيس كان - ومازال - رأس المال الرمزي الذي راهنت عليه قيادتنا الرشيدة منذ عهد التأسيس، فالمؤسس العبقري الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - حين وطّد دعائم هذا الوطن كان يحوطه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه؛ فقد وجدوا فيه القائد المُلهَم الذي سينقلهم من الشتات إلى الاستقرار والأمن، وتوديع حياة الفوضى والقلق التي كانت تعصف بالجزيرة والكيانات الهشة التي تحيط بها. ولم يخِب ظنّ المؤسس في رجاله وأبنائه من المواطنين الذين ضربوا أروع الأمثلة على التلاحم والولاء والوفاء والإخلاص لهذه القيادة العظيمة التي قادتنا حكمتها وتبصُّرها إلى أن نصبح رقماً عالمياً مهمّاً اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، والشواهد كثيرة على هذا التموضع المكين لمملكتنا بين الأمم، ضاربة أهم وأعظم مثال على الوحدة الوطنية والمسيرة التطورية التي باتت مضرباً في الأمثال على التقدم الحضاري في شتى الحقول. وما كان لمسيرة كهذه أن تضرب في عمق الزمن وتتجذّر حضوراً سياسياً واقتصادياً وثقافياً لو لم يكن التكوين والتأسيس ضاربين في العمق من رأس الهرم القيادي مروراً بالمواطن وانتهاء به، مشكّلين تلاحماً عميقاً لا يمكن لأي ريح أن تعصف بكيانه؛ إذ أُسّس على قاعدة صلبة لا تميد ولا تتزعزع، أصلها ثابت وفرعها في السماء. وقد ضرب أبناؤنا أروع الأمثلة في التضحيات والولاء والذود عن الوطن في كل تحدياته ومحاولات زعزعته؛ ورأينا كيف كان يحيق المكر السيئ بأهله. ظلّت مملكتنا مثالاً لتماسك اللحمة بين القيادة والمواطن؛ كُلٌّ يؤدي دوره المرسوم له بكل أمانة وإخلاص ووفاء وولاء. لم يُضِر بلادنا المباركة بقيادتها الرشيدة وشعبها الوفي المخلص أن تكون مستهدفة من الطامعين المتربصين؛ فقد أثبتت الأيام أننا خير من يدحر الشر ويلجم الخصوم ويقهر الأعداء. ما أُعلن عنه مؤخراً من خيانة للوطن من بعض الضعفاء الذين أسلموا أنفسهم للشيطان لا يمثلون سوى أنفسهم؛ وقد نالوا عقابهم المستحق دون تراخٍ أو تهاون؛ ذلك أن الوطن لا مساومة فيه ولا مبرر أو مسوّغ قد يشفع لمرتكب الخيانة أن ينجو من فعله الشنيع، وقد كانت خيانة الأوطان في كل العالم سلوكاً مهيناً ودنيئاً ووضيعاً لا يمكن تبريره أو قبوله؛ وهي حالة شاذة نادراً ما تحدث خصوصاً في بلادنا التي يعدّ الوطن من أقدس أقداسه؛ وصونه وحمايته والذود عنه أقل الواجبات التي يتعيّن على كل من أكرمه الله أن يكون من ضمن مواطنيه؛ أن يحافظ عليه ويبذل في سبيله حياته بلا تردد أو حتى مجرد تفكير. الخيانة كانت وستظل جريمة كبرى، مرتكبها مجرم بحق وطنه ودينه وقيادته؛ ناهيك عن أنها فِعْلٌ وأمرٌ مذمومٌ في شريعة الله، تأباها وتنفر منها الفطرة، وتمجُّها الطبيعة السوية؛ لأنها تحوي كل المخازي والوضاعة، فضلاً عن كونها نقضاً للعهد والميثاق بين الإنسان وخالقه وولي أمره. ويبقى هذا السلوك المعلن عنه سلوكاً يمثل أصحابه ويعكس خبثهم، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يمثل أحداً سواهم إن على مستوى القبيلة أو القطاع أو حتى الأسرة؛ فكل نفس رهينة بعملها، وهي الوحيدة من يتحمل تبعات سلوكها.