قال د. مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، وعضو اللجنة الوطنية لمتابعة محكمة الجنايات الدولية: إن الحكومة الإسرائيلية، تعيش أزمة حقيقية إزاء التعامل مع قرار محكمة الجنايات الدولية، بعد فتح تحقيق بشأن وقوع جرائم حرب في قضية الاستيطان المتواصل والاعتداءات على قطاع غزة منذ العام 2014. وأكد البرغوثي في بيان وصل "الرياض" نسخة منه، أمس الأحد، أن خيارات الحكومة الإسرائيلية محدودة وخاسرة في جميع الأحوال إذ إن فتحها تحقيقات داخلية، يعني الاعتراف بمحكمة الجنايات وولايتها، ورفض ذلك يعني فتح الباب على مصراعيه لتحقيقات المحكمة نفسها. وقال البرغوثي: إن جرائم الحرب التي وقعت لا يمكن إخفاؤها أو التغطية عليها، وقد حانت لحظة المحاسبة التاريخية بعد طول انتظار. من جهة ثانية، تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي استهداف الأطفال الفلسطينيين، منتهجة جُملة من الأدوات في ملاحقتهم، وإعدام طفولتهم، وسلبهم أبسط حقوقهم، لا سيما عبر عمليات الاعتقال الممنهجة التي تُشكل جزءًا مركزيًا من بُنية عنف الاحتلال، والتي طالت الآلاف من الأطفال على مدار عقود. وقال نادي الأسير الفلسطيني في تقرير صدر عنه بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني الذي يُصادف اليوم الاثنين الموافق الخامس من أبريل من كل عام: إن سلطات الاحتلال تواصل اعتقال نحو (140) طفلًا تقل أعمارهم عن (18) عامًا، بينهم أسيران فتيان رهن الاعتقال الإداري، ويقبع الأسرى الأطفال في ثلاثة سجون مركزية وهي (عوفر، مجدو، والدامون)، والنسبة الأعلى منهم في سجني (عوفر، ومجدو). ومنذ مطلع العام الجاري، وحتى نهاية شهر مارس 2021، اعتقلت سلطات الاحتلال نحو (230) طفلًا، غالبيتهم من القدس، حيث تُشكل عمليات اعتقال الأطفال في القدس، من أخطر القضايا التي تواجه المقدسيين، جرّاء عمليات الاستهداف الممنهجة والمتكررة للأطفال، والتي غالبًا ما يتم الإفراج عنهم إما بكفالات، أو بتحويلهم إلى "الحبس المنزلي"، حيث حاول الاحتلال على مدار السنوات القليلة الماضية، تحويل منازل عائلات الأطفال في القدس إلى "سجن"، وتركت هذه القضية تحديات كبيرة على صعيد العلاقة بين الأطفال وعائلاتهم، وعلى مستوى المجتمع في القدس. وعلى مدار السنوات الماضية وتحديدًا مع بداية الهبة الشعبية عام 2015، صعّدت سلطات الاحتلال من جرائمها بحقّ الأطفال ومنها عمليات الاعتقال، حيث وصل عدد حالات الاعتقال في عام 2015 بين صفوف الأطفال إلى (2000) حالة اعتقال، جُلها في القدس، وهي أعلى نسبة لعمليات اعتقال طالت الأطفال منذ العام 2015 حتى اليوم، حيث بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال منذ العام 2015 وحتى نهاية شهر مارس 2021، أكثر من (7500) طفل تعرضوا للاعتقال، وجزء من الأطفال الذين اُعتقلوا عام 2015 وبعدها -صدرت بحقّهم أحكامًا عالية وصلت لسنوات أو بالسّجن المؤبد- تجاوزا مرحلة الطفولة داخل سجون الاحتلال. ويُنفذ الاحتلال انتهاكات جسيمة بحقّ الأسرى الأطفال منذ لحظة اعتقالهم واحتجازهم، والتي تتناقض مع ما نصت عليه العديد من الاتفاقيات الخاصة بحماية الطفولة، وذلك من خلال عمليات اعتقالهم المنظمة من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل ونقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف، وتهديدهم وترهيبهم، والضغط عليهم في محاولة لانتزاع الاعترافات منهم، وإبقائهم دون طعام أو شراب لساعات طويلة، عدا عن توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة إليهم، ودفعهم للتوقيع على الإفادات المكتوبة باللغة العبرية دون ترجمتها، وحرمانهم من حقهم القانوني بضرورة حضور أحد الوالدين والمحامي خلال التحقيق، وحرمان المرضى منهم من العلاج. وتتواصل الانتهاكات المنظمة بحقّ الأطفال بعد نقلهم إلى السّجون، واحتجازهم في ظروف اعتقالية قاسية يحُرم الطفل فيها من متابعة دراسته ومن حقّه في أن يحظى برعاية عائلته، خاصّة المرضى والجرحى منهم، فهناك عدد من الأطفال ممن أُصيبوا برصاص الاحتلال سواء خلال عملية اعتقالهم، أو قبل اعتقالهم، أو ممن يعانون من أمراض، فإنهم يواجهون جريمة أخرى، وهي سياسة الإهمال الطبي (القتل البطيء) بما فيها من أدوات مختلفة. ومنذ بداية انتشار الوباء ورغم النداءات التي أطلقتها المؤسسات الحقوقية من أجل إطلاق سراح الأطفال، فإن سلطات الاحتلال واصلت اعتقالهم، واستخدمت الوباء أداة تنكيل بحقّهم، والضغط عليهم وترهيبهم، حيث يواجه الأسرى الأطفال في قضية الوباء الإجراءات نفسها التي يتعرض لها الأسرى الكبار، فأقسام الأطفال لا تتوفر فيها الإجراءات الوقائية اللازمة، حيث تعرض الأطفال لعزلٍ مضاعف كما كل الأسرى، وحرموا من زيارة العائلة والمحامين لا سيما في المدة الأولى من انتشار الوباء، الأمر الذي تسبب لهم بأزمات وضغوط كبيرة على مستوى الحياة الاعتقالية. وشكّلت قضية نقل الأسرى الأطفال من سجن "عوفر" مطلع العام الماضي إلى سجن "الدامون" وما رافقها من شهادات مروعة محطة اعتبرها الأسرى والمؤسسات المختصة الأخطر على مصير الأسرى الأطفال، حيث حاولت إدارة السجون استهداف أحد أهم منجزات الأسرى في قضية الأسرى الأطفال من خلال تجريد الأسرى الأطفال من ممثليهم من الأسرى البالغين الذي يُشرفون على رعايتهم، ومتابعتهم داخل الأسر، ومساندتهم في مواجهة ظروف تجربة الاعتقال القاسية.