أمير الجوف يعزي معرّف جماعة الشلهوب بوفاة شقيقه    الديوان الملكي ينعى الأمير بدر بن عبدالمحسن    الشباب يقفز 3 مراكز    الخليج يعقد موقف الطائي    فيصل بن فرحان ووزير خارجية إيران يناقشان المستجدات الإقليمية والدولية    "فلكية جدة": شمس منتصف الليل ظاهرة صيفية    حملة لرصد مباني الدمام الآيلة للسقوط    الرياض تستضيف أكبر معرض دولي في صناعة الدواجن    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمراً دوليّاً للقادة الدينيين.. الثلاثاء    «يويفا» يوافق على زيادة عدد اللاعبين في قوائم المنتخبات المشاركة بيورو 2024    الديوان الملكي: الصلاة على البدر عصر غد    نيابةً عن الملك.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في الدورة ال 15 لمؤتمر القمة الإسلامي المنعقد في جامبيا    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    وزير الخارجية: السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة «التعاون الإسلامي» وتطويرها    ضبط أكثر من 19600 مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    160 ألف سيارة واردات المملكة خلال عامين    لن يغيب "البدر" لأن صفاءه في القلوب علامة    أمر ملكي بتعيين 261 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة إلى 34654    بلينكن يحذر مجدداً من هجوم إسرائيلي على رفح    بدر بن عبدالمحسن.. غاب البدر وانطفى ضيّ الحروف    ملتقى الصقارين ينطلق في الرياض بهدف استدامة هواية الصقارة    اللجنة الثلاثية «السعودية - التركية - الباكستانية» تناقش التعاون الدفاعي وتوطين التقنية    انطلاق فعاليات شهر التصلب المتعدد بمسيرة أرفى بالشرقية    مصر: الفنانة السورية نسرين طافش تستأنف على الحكم بحبسها 3 سنوات.. الأربعاء    توافق سعودي – أذربيجاني على دعم استقرار "النفط"    "تسلا" تقاضي شركة هندية لانتهاك علامتها التجارية    التسمم الغذائي.. 75 مصاباً وحالة وفاة والمصدر واحد    "زرقاء اليمامة" تفسر أقدم الأساطير    رحل البدر..وفاة الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر ناهز ال75 عاما    توقعات بهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    الذكاء الاصطناعي يبتكر قهوة بنكهة مميزة    3 مخاطر لحقن "الفيلر" حول العينين    بدء إجراءات نقل السيامي "عائشة وأكيزا" للمملكة    إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية مرتفعة    انخفاض أسعار النفط في أكبر خسارة أسبوعية في ثلاثة أشهر    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو الأوروبي    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    "الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    عقد المؤتمر الصحفي لبطولة "سماش السعودية 2024" في جدة    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام أبها    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حزب الله.. أداة إيران لتدمير لبنان
نشر في الرياض يوم 13 - 01 - 2021

الضاحية الجنوبية قاعدة الحرس الثوري ومنطلق العمليات الإرهابية في المنطقة
تسليح إيران للموالين.. زعزع استقرار المنطقة وسبيل لنشر الطائفية المقيتة
نصرالله.. أجير مسلوب الإرادة يأتمر بأمر الولي الفقيه وينتهي بنهيه
لبنان تحت إمرة إيران.. مشرذم سياسياً متخلف اقتصادياً معطل عسكرياً
المعممون حرموا لبنان من مساعدات المانحين للتغطية على جرائمهم والهروب من المساءلة الدولية
الأنشطة الثقافية والإعلامية أساليب مكنت طهران من قرار بيروت
أدّت الحروب اللبنانية منذ منتصف السبعينات حتى نهاية الثمانينات الميلادية إلى تكريس النظام السوري مديراً للشأن اللبناني، ورويداً رويداً سمح النظام السوري لحضور إيراني مباشر يؤسس لولادة حزب الله الإرهابي بإشراف وتمويل الحرس الثوري الإيراني.
كذلك ما شهدته المنطقة العربية منذ احتلال العراق عام 2003م من تحوّلات وصراعات ساعدت النظام الإيراني بشكل أو بآخر في توسيع نفوذه تجاه المنطقة العربية، ومنها لبنان.
وسنتطرق في هذه الدراسة إلى تحليل واستعراض الأدوات التي مكّنت النظام الإيراني من السيطرة على لبنان، ومن أهمها:
أولاً: المنظور الاستراتيجي
تحرّك النظام الإيراني باستراتيجيته التوسعية تجاه لبنان معتمداً على البعد الديني كمؤشر للقوة الناعمة المتمثل في إطار مشروع المقاومة والممانعة، حيث حدّد الخميني بعد سيطرته عام 1979م على الحكم في إيران موقعين استراتيجيين هما العراق ولبنان للسيطرة عليهما، مستغلاً العلاقة المذهبية بين المعممين الإيرانيين ونظرائهم اللبنانيين، لا سيما موسى الصدر الذي أسّس حركة (أمل) الشيعية عام 1975م، لتكون الذراع العسكرية ل (حركة المحرومين) التي أنشأها الصدر أيضاً عام 1974م.
وبدأت أنشطة قوات الحرس الثوري في لبنان في عام 1981م، وتولّت وحدة تسمى وحدة العلاقات الدولية في قوات الحرس الثوري مهمة تصدير الإرهاب والتطرف إلى لبنان، وفي 6 يونيو 1982م، وبأمر من الخميني، تم إرسال لواء من قوات الحرس الثوري يُدعى لواء (محمد رسول الله) إلى لبنان بقيادة حسين مصلح، بهدف إقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان.
وبعد انتهاء مهمة هذا اللواء، تم تشكيل فيلق خاص يُدعى (الفيلق اللبناني)، قوامه 2000 عنصر من قوات الحرس، بإشراف هيئة مخابرات قوات الحرس، وتمركز في سهل البقاع.
وكان أول قائد للفيلق اللبناني هو أحمد متوسليان، ثم أصبح قائداً له منصور كوتشك محسني ثم كنعاني مقدم، وبعد ذلك أصبح حسين دهقان وزير الدفاع الإيراني السابق، الذي شارك في إطلاق منظمة إرهابية تُسمى حزب الله.
ومنذ عام 1984م، تتبع تشكيلات قوات الحرس في لبنان بأكملها لقاعدة إرهابية في طهران تسمى "معسكر بلال" في هيئة الأركان المركزية لقوات الحرس، وكان قائد (الفيلق اللبناني) في تلك الفترة حتى عام 1985، العميد محمد نجار، (وزير الدفاع في حكومة أحمدي نجاد)، وعززت هيئة مخابرات قوات الحرس قواتها في لبنان وسورية، وجرى إرسال الآلاف من عناصر قوات الحرس إلى لبنان بإشراف هذه الهيئة.
وقد لعب النظام الإيراني دوراً أساسياً في نشأة (حزب الله) اللبناني على يد المرشد الروحي للحزب محمد حسين فضل الله، الملقب ب (خُميني لبنان)، وبعض معممي حركة أمل الدارسين بحوزات النجف، وذلك لضمان تصدير الثَّورة إلى المنطقة العربية، خصوصاً بعد العَلاقة الفاترة بين الخميني وموسى الصدر الذي التقى الشاه في نهاية السبعينات، إضافة إلى علاقته مع حركة (تحرير إيران) الليبرالية المخالفة فكرياً مع مرشد النظام الإيراني.
والتقى الحرس الثوري بأمر من الخميني بجماعات موالية للولي الفقيه داخل حركة أمل، ونتج عنه إنشاء حزب الله في لبنان عام 1985م، ومن حينها أصبح للنظام الإيراني كيان مزعزع داخل لبنان.
وكان محمد حسن أختري، الذي يسميه نظام الخميني ب (الأب الفعلي لحزب الله)، عضواً في مجلس قيادة حزب الله، أما في الواقع هو الرئيس الحقيقي للحزب، وهذا ما أكده في تصريحه لوكالة تسنيم الإخبارية في 10 نوفمبر 2014، وذلك قبل أن يصبح سفيراً لإيران في سورية لمدة 14 عاماً.
وإذا ما دققنا في صيغة البيان التأسيسي لحزب الله في 16 فبراير 1985، تحت عنوان "من نحن وما هي هويتنا"، سنجد أن انتماء حزب الله منذ نشأته للنظام الإيراني وليس للبنان، "إننا أبناء أُمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم. نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الخميني دام ظله مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة".
ويتضح لنا هذا الولاء من خلال قول محمد حسين فضل الله: "رأيي ينسجم مع الفكر الإيراني ويسير في نفس سياسته"، وكذلك قول إبراهيم الأمين الناطق باسم الحزب عام 1987م: "نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران"، ثم قول حسن نصر الله: "إننا نرى في إيران الدولة التي تناصر المسلمين والعرب. والمرجعية الدينية هناك تشكل الغطاء الديني والشرعي لكفاحنا ونضالنا".
وبناء على ذلك تمكّن حزب الله من التوسع في لبنان، مدعوماً بالقاعدة الشيعية اللبنانية من خلال قيامه بالتسويق الديني والمجتمعي والسياسي لإيران في لبنان، مستبدلاً شعار (تصدير الثورة الإسلامية) إلى (المقاومة الإسلامية)، وهو ما يدعمه نظام الملالي ويستخدمه كأداة لقوته الناعمة التي تتجاوز سقف السياسة إلى التحالف المرجعي الديني، لا سيما في المنطقة العربية عموماً، ولبنان على وجه الخصوص.
لذلك لعب حزب الله في لبنان، بصفته جهازاً رئيساً وذراعاً لفيلق القدس، دوراً مباشراً وغير مباشر في التحريض على الحروب والإرهاب في المنطقة والعالم.
ثانياً: المنظور السياسي
منذ بدء نشأة حزب الله هدف النظام الإيراني إلى تقوية نفوذه في لبنان، واتضح هذا الدعم السياسي من خلال تصريح الولي الفقيه خامنئي، بقوله: "دعم حزب الله ومساندته سياسياً واجب مذهبي وثوري".
وقد ازداد نفوذ النظام الايراني في لبنان بشكل كبير بعد حرب الوكالة بين حزب الله وإسرائيل في لبنان عام 2006م، والذي قام بزيارات عديدة للبنان اعتماداً على أنها جزء من السيطرة والنفوذ الإيراني.
وبعد كارثة مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020م، زار وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف لبنان يوم 13 أغسطس 2020، ودعا نظيره اللبناني بعدم استقبال أي مساعدات دولية مشروطة بتغيير سياسي، وهذا يوضح خشية إيران من تحقيق دولي يكشف الحقائق، وربما يؤدي مستقبلاً إلى فرض عقوبات على إيران، لا سيما أن النظام الإيراني لم يشارك في مؤتمر المانحين الذي عقد عن بُعد لجمع مساعدات للبنان خشية تدخل دولي داخل لبنان، بل تفضل المشاركة وحدها في مساعدة لبنان لتستمر مجدداً في خنقه.
لقد آمن حزب الله منذ تأسيسه بولاية الفقيه المطلقة المتمثلة بفتواه وإرشاداته، ووفقاً لهذا الإيمان عمل على الدمج بين الدين والسياسة، مما يعني ضرورة طاعة الولي الفقيه في كل شيء، لذلك دخل الحزب معترك الحياة السياسية اللبنانية من باب الطائفية السياسية، إضافة إلى العقدية الدينية التي هي أساس نظريته ومنطلق مبادئه وثقافته العابرة لحدود لبنان.
ونشاهد الحزب في رسالته الإعلامية ينتقد الطائفية السياسية، بينما في حقيقة الأمر لا يتوانى عن استخدامها، ثم لا يلبث أن يُغرق لبنان بها.
لهذا يدعم النظام الإيراني حزب الله بشكل كبير مادياً وسياسياً، ويعدّه جزءاً من أدواته الخارجية، وفي المقابل لا يتوانى لبنان عن دعم المواقف الإيرانية المزعزعة لأمن المنطقة في معظم اجتماعات الدول العربية.
ثالثاً: المنظور الثقافي
استهدف المركز الثقافي الإيراني في السفارة الإيرانية ببيروت جميع المكونات اللبنانية من خلال أنشطته المتعددة، ومن أهمها:
أ. المنح الدراسية
بدأت المنح الدراسية بين إيران ولبنان منذ العهد الملكي، وكان عددها عشرة منح فقط مخصصة للطلبة الشيعة، لكن نظام الملالي في منتصف الثمانينات وبعد تأسيس حزب الله، زاد المنح الدراسية إلى مئة، مقسمة على حزبين إرهابيين فقط، حركة أمل عشرة منح، وحزب الله تسعون منحة، نظراً لتقارب الأهداف السياسية والثقافية والأيديولوجية بينهما.
ووصل عدد المنح الدراسية الإيرانية لطلبة لبنان في عام 2020م إلى ما يزيد على 150 منحة دراسية، وهذه الزيادة تهدف إلى نشر أفكار الثورة الإيرانية في لبنان، إضافة لخلق أذرع ثقافية عربية تبرر توسعها في المنطقة، وقد تعاظم هذا الهدف بعدما أصبحت إيران تتحكم في أربع عواصم عربية، ومن ضمنها بيروت.
ب. النشاط الإعلامي
لم يكتفِ النظام الإيراني بدعم حزب الله إعلامياً، بل طلب رسمياً من الحكومة اللبنانية إنشاء قنوات إعلامية طائفية، حيث هاتف الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني نظيره السوري حافظ الأسد في مطلع التسعينات الميلادية طالباً منه الضغط على الحكومة اللبنانية للسماح بإنشاء قنوات إعلامية طائفية، وأسفر ذلك عن منح الترخيص بإنشاء قناة (المنار) لحزب الله، وقناة (إن بي إن) لحركة أمل، والعديد من القنوات الفضائية الأخرى كقناة (الكوثر) وقناة (آي فيلم) وتالياً (قناة الميادين)، وراديو (النور) وصحيفة (الانتقاد) وصحيفة (الأخبار) وغيرها من الأبواق الإعلامية الطائفية.
ج. المؤسسات الدينية:
ساند النظام الإيراني حزب الله الذي يعدّ ممثله في لبنان كما وصف ذلك حسن نصر الله أمين عام الحزب، في تمويل وإنشاء المدارس الطائفية في لبنان كمدارس "الإمام الخميني"، ومدارس "الإمام المهدي"، ومدارس "شاهد" وهذا يعني نشر الثقافة الإيرانية الشيعية في لبنان، بالإضافة إلى إنشاء (جامعة آزاد الإسلامية)، و(معهد الرسول الأكرم) و(السيدة الزهراء)، و(المدرسة الإيرانية)، العديد من المؤسسات المجتمعية مثل مؤسسة القرض الحسن وهدفها اقراض اللبنانيين على الطريقة الإيرانية، ومؤسسة النية الحسنة الخيرية والعديد من البنوك والمستشفيات ودور النشر، وجميع هذه المؤسسات تلعب دوراً رئيساً في نشر تعاليم وأفكار ثورة الملالي الذين يستفيدون من تلك المؤسسات في تسييس الشيعة العرب للدخول في أراضي الدول المجاورة.
كما تلعب المؤسسات المجتمعية والدينية الإيرانية دوراً كبيراً في نشر الدين والثقافة الإيرانية في لبنان، من خلال تأسيس المكتبات العامة، وإصدار المجلات، وإقامة دورات لتعليم اللغة الفارسية، وافتتاح قسم لتدريس اللغة الفارسية في الجامعة اللبنانية عام 2012م، إضافة إلى إشاعة ثقافة مذهبية في ذاكرة الجماعة الشيعية، وتغذيتها على المستوى الإعلامي وخطباء الحزب ومعمميه الذين يتخرجون بالعشرات من الحوزات الدينية الإيرانية، وذلك لإرساء ثقافة مؤثرة في الجماعة الشيعية، بدءاً من مجالس العزاء ذات الأسلوب الإيراني المتمثل باللكنة واللطم وإيذاء الجسد، إلى اعتماد برامج تثقيفية تاريخية صفوية نافذة في عقل الفرد والجماعة الشيعية.
لذلك المتابع لبرامج حزب الله ومناهج تثقيفه للأجيال الشيعية الجديدة في حوزاته ومدارسه، يلحظ موجة بل تياراً مذهبياً حدّياً في التعبئة حول مذهبية أحادية في تكوين الذاكرة التاريخية الجمعية وشحنها لتستحضر الذاكرة من الماضي ثم لتحيي هوية مذهبية في الحاضر.
رابعاً: المنظور الأمني
قدّم النظام الإيراني الكثير من صفقات التسلّح لحزب الله اللبناني والتي قُدِّرت بمليارات الدولارات منذ نشأته، كي يكون عائقاً معطلاً أمام وحدة لبنان الوطنية، وورقة ضغط على نظامه السياسي للاستجابة للمطالب الإيرانية، حيث درّب النظام الإيراني الآلاف من عناصر الحزب عسكرياً في الداخل اللبناني وفي إيران أيضاً.
واستفاد النظام الإيراني في المقابل من نشأة ميليشيات حزب الله، هادفاً إلى تحسين صورته أمام بعض أبناء المنطقة العربية تحت مزاعم الدفاع عن أراضي عربية ضد إسرائيل، كما أن دعم النظام الإيراني للحزب أدى إلى استخدامه كورقة رابحة وقت ما يشاء لتحقيق مآربه، خصوصاً في تخفيف الضغط عنه بخصوص برنامجه النووي، ثم إيصال رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أننا نستطيع نقل الحرب من منطقة إلى أخرى في الشرق الأوسط، ولا تستثنى إسرائيل ولبنان وسورية والعراق واليمن من ذلك.
وحينما جاء في ميثاق الحزب عدة أهداف معلنة، كمقاومة إسرائيل وتحرير فلسطين المحتلة، نجد أن الأهداف الحقيقية له تمثلت في تهيئة موطئ قدم للنظام الإيراني في لبنان والمنطقة العربية للتدخل متى شاء، ولتحقيق طموحاته ومخططاته، إضافة إلى تكوين حزام أمني لحماية إسرائيل يحول دون وقوع تلك المنطقة بأيدي منظمات فلسطينية معادية لإسرائيل، وبالتالي منعها من إطلاق الصواريخ تجاهها، مقابل تعهد إسرائيلي بعدم استهداف ميليشات حزب الله، مما يعني أن الاستئصال الأمني الكامل لميليشيات حزب الله لن يصب في المصلحة الأمنية لإسرائيل، فزوال الحزام الأمني العازل الذي يشكِّله الحزب بين إسرائيل وباقي لبنان يعني عودة التَّماسّ الجغرافي مع مناطق المقاومة الحقيقية، وهو الأمر الذي احتلّت من أجله إسرائيل جنوب لبنان عام 1982م، وأوجدت جيش لبنان الجنوبي ذا الأغلبية المسيحية كحامٍ لحدودها، لكنه لم يثبت فاعلية في حمايتها من عمليات المقاومة اللبنانية والفلسطينية التي كانت تنشط قبل وصول حزب الله وتوقفت تمامًا بمجيئه.
وقد أصبحت أسلحة ميليشيات حزب الله أداة ابتزاز يستعملها في وجه الدولة اللبنانية التي يفترض أن لها جيشاً وطنياً يكفل له القانون الاحتفاظ بالأسلحة الثقيلة دون سواه، خصوصاً أن ولاء حزب الله لإيران مقدَّم على ولائه للدولة اللبنانية.
لذلك قضية سلاح حزب الله وانتشاره من أخطر القضايا التي تهدد أمن دول المنطقة عموماً، وتخلق حالاً من الاضطرابات والفوضى لأمن لبنان الذي يوجد له جيش وحكومة، ويرفض الحزب تسليم أسلحته للدولة لإدارة شؤونها والدفاع عن حدودها، موجهاً استخدام سلاحه ضدها، ولا ننسى أحداث 7 أيار 2008م والتي على إثرها سيطر الحزب على العاصمة بيروت وعلى مناطق واسعة أخرى.
خامساً: المنظور الطائفي
لا شك أن مشكلة لبنان ليست في وجود طوائف متعددة، لكن الطامة الحقيقية هي في تسييس طوائفه وهيكله السياسي خدمة للمشروع الإيراني في لبنان، والذي يجيده النظام الإيراني بجدارة، ليس في لبنان وحسب، بل في العراق وسورية واليمن، حيث راح ينشر فكره الطائفي الذي أدى إلى حدوث حروب أهلية وتشرذم مجتمعي، لا سيما في لبنان الذي أنهك قواه فصيل طائفي يسعى دائماً لإحكام سيطرته على المعادلة السياسية والاقتصادية تنفيذاً للأجندة الإيرانية.
وبدا واضحاً أن هناك علاقات خاصة وفق منهج مذهبي يجمع الحزب بالنظام الإيراني، وعلى أعلى مستوى في التنسيق تجاه قضايا المنطقة العربية كافة، حتى بات كلا الطرفين المتحدث باسم الآخر فيما يتعلق بالمواقف السياسية المؤثرة، فإيران تدافع سياسياً عن الحزب إقليمياً ودولياً، وفي المقابل يأتمر الحزب بأوامر النظام الإيراني في إبقاء لبنان متشرذماً سياسياً وطائفياً، ومتخلفاً اقتصادياً وتنموياً، ومعطلاً عسكرياً ودفاعياً.
ونتيجة لهذا بات حزب الله مهيمناً على الطائفة الشيعية اللبنانية، خصوصاً في الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية، وبفعل ذلك غابت الدولة وتحوّلت إلى ساحة حرب يدفع ثمنها لبنان.
ختاماً.. ومن خلال هذه المعطيات لا يمكن أن يغيّر ملالي قم من سياستهم تجاه لبنان والمنطقة العربية بأجكملها، بل سيقومون على تعزيز نفوذهم فيه سياسياً واستراتيجياً وأمنياً وتعبوياً، لإبقاء لبنان ضمن أجندتهم التوسعية والتخريبية، من خلال دعمهم لحزبهم الصفوي المهيمن والمتسلط على القرار اللبناني، وعلى مفاصل الدولة وأركانها، حتى حوّلها من دولة مواطنين إلى دولة طوائف.
الخميني خطط لإنشاء حزب الله وخامنئي رعى وتبنى الفكرة
محمد حسن أختري الأب الفعلي لحزب الله
حسن نصرالله أداة يحركها الملالي كيفما أرادوا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.