الحديث العالمي عن التسامح ونبذ الكراهية ومحاربة التطرف والعنصرية بكل أشكالها؛ المؤتمرات والمحاضرات والندوات والمؤلفات التي تبحث في أسباب الإرهاب وتقترح الحلول لمعالجتها؛ كل ذلك يتم تجاهله حين يتم تبرير الإساءة للأديان والأنبياء بمبرر حرية التعبير! كيف يتغنى البعض (بحرية التعبير) ويصفقون لها، وهي تستغل لإحداث الفتنة ونشر الكراهية بين الشعوب، أي حرية هذه التي تسبب العداء والتباعد والحروب؟!! أي حرية هذه التي تفتح الباب للترحيب بالتطرف؟! الرئيس الفرنسي ماكرون يقول: "إن بلاده تحترم الاختلاف"، هذا موقف إيجابي ولا خلاف عليه، ولكن احترام الاختلاف لا يعني احترام الإساءة للأديان والسخرية من الأنبياء، لماذا لا يؤدي احترام الاختلاف إلى احترام الأديان؟! ويقول أيضاً: "إنه لا يقبل خطاب الحقد ويدافع عن النقاش العقلاني"! ونحن نسأل: ما هي علاقة الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالنقاش العقلاني؟ ولماذا لا يرفض خطاب الحقد الصادر من المسيئين للإسلام ونبي الإسلام؟! إن احترام كرامة الإنسان والقيم العالمية التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي هي التي توجب على الجميع رفض الإساءة للأديان والأنبياء وليس العكس، الحكمة والمنطق والمسؤولية تكمن في رفض التعصب، ورفض الفكر المتطرف مهما كان مصدره، الأمن للجميع حق إنساني لا يترك للعابثين بحجة حرية التعبير! إن الدور المتوقع من القيادات السياسية هو دور كبير بحجم مسؤولياتهم الجسيمة، وهو دور قيادي في قضايا الأمن والسلام والتسامح، هو الدور الذي يحث على احترام الأديان والأنبياء، وبناء جسور التواصل الإنساني. إن الإساءة للأديان والأنبياء بحجة حرية التعبير موضوع يتكرر وليس له أي مردود إيجابي، لا يضيف شيئاً إلى المنتج البشري، ليس علماً ولا ثقافة ولا فناً، ليس له تصنيف ولا فائدة، ما ينتج عن الانفلات في التعبير هو تغذية الكراهية، وتوتر العلاقات، وتشجيع التطرف في الفعل ورد الفعل. إنها قضية يجب أن تتوقف بتضامن دولي وقرارات ملزمة تجرم الإساءة للأديان والأنبياء، المنظمات الدولية بكل أشكالها، تلك التي تهدف إلى تحقيق السلام بين الشعوب، والحفاظ على الأمن، وحماية حقوق الإنسان، هذه المنظمات يجب أن تتحرك وتعتزل الصمت، وتملك الشجاعة لتضع نهاية للعبث والفوضى والخلل الأمني، بسبب ممارسات متهورة يعتقد أصحابها واهمين أنهم يمتلكون قدرات إبداعية، لمجرد أنهم تسببوا في فوضى عالمية بخربشات عبثية، ينظر إليها البعض مع الأسف على أنها حرية تعبير. يقول السيد ماكرون: "لن نتراجع"، ونحن بدورنا نقول له: لا تتراجع عن أقوالك لأن ما ذكرته بأن بلادك تحترم الاختلاف، وأنك لا تقبل خطاب الحقد، هذا الكلام المنسوب لكم هو في حقيقة الأمر ضد السخرية من الأديان والإساءة للأنبياء، وضد ربط الإرهاب بالإسلام، فلا تتراجع عن أقوالك.