أحد التحديات التي تواجه أي مشروع هو ضبط التكاليف المالية. فإنفاق الشركات على الأبحاث والتوسع في البنية التحتية يعزز من فرص ازدهارها لفترة أطول حتى لا تتقادم أمام المنافسين. هذه الرغبة تصدم أحياناً بحجم استهلاك الميزانية التشغيلية من رواتب للعاملين ومصاريف النظافة والصيانة وما شابه من تكاليف مالية متكررة تبقي المشروع على قيد الحياة. ويتعقد الموضوع على صعيد الجهات الحكومية بضخامة مشاريعها وتشعب موظفيها في المقرّات والفروع. وحجم المصاريف التشغيلية التي تحتاجها هذه الجهات للاستمرار بالعمل وهو ما يزاحم بطبيعة الحال الميزانية المخصصة للمشاريع الرأسمالية. بند الرواتب والبدلات ويعرف ببند تعويضات الموظفين بالحكومة أصبح يشكل تحدياً في ضبط تكاليفه مقابل إيرادات الدولة فهذا البند لوحده يشكل ما يقارب 30-50 % من الإيرادات منذ عام 2000م وحتى 2019م ما عدا فترات قليلة أصبح يشكل هذا البند أقل من 30 % من إجمالي الإيرادات بسبب ارتفاع الإيرادات من ارتفاع أسعار النفط المتذبذبة. هذا يخص بنداً واحداً من عدة بنود أخرى تشملها الميزانية من بنود الصيانة والنظافة وغيرها إضافة إلى الميزانية المخصصة للمشاريع الرأسمالية، وغني عن القول إن زيادة التكاليف في البنود السابقة سيؤثر قطعاً على ميزانية المشاريع الرأسمالية. أحد التحديات التي سعت الرؤية لتجاوزها هو ضبط تكاليف بند الرواتب الذي أخذ بالارتفاع بشكل مستمر منذ 2000م (حسب البيانات المتوفرة على موقع أرقام وبيانات الميزانية السنوية المعلنة) حيث بدأ بميزانية 106 مليارات ريال ليصل إلى 500 مليار في عام 2019م والملاحظ أن بند الرواتب والبدلات استغرق من 2000 حتى 2009 ليدخل حاجز 200 مليار ريال ثم 2013م دخل حاجز 300 مليار ثم 2016 دخل حاجز 400 مليار ريال ثم 2019 حتى دخل حاجز 500 مليار والملاحظ أن المدة الزمنية المطلوبة لزيادة 100 مليار ريال في تكاليف هذا البند أصبحت تتناقص بشكل سريع فبعدما كنا نحتاج 9 سنوات تقريباً لزيادة 100 مليار تناقصت إلى 3 سنوات تقريباً في الفترة الأخيرة. الزيادة الأخيرة لفتت انتباهي عند استعراضي للأرقام التاريخية في حسابي بتويتر ولأن هذه الفترة لم تزيد أعداد التوظيف الحكومي بشكل أكبر مما هو معتاد خصوصاً في ظل استهداف التوسع في التوظيف بالقطاع الخاص. وتوقف مؤقت لبعض البدلات المالية والعلاوة السنوية. شهدت هذه الفترة تفعيل التوظيف بالعقود للجهات الحكومية للكفاءات المميزة برواتب أكبر بكثير من سلم رواتب الخدمة المدنية إضافة للتوسع في إنشاء هيئات مستقلة تغطي عدة مجالات وهذه الهيئات والمؤسسات شبه الحكومية المستقلة تتمتع برواتب عالية فهل كانت هذه العوامل هي السبب في الزيادة الحادة بمئة مليار خلال ثلاث سنوات؟ فيستدعي دراسة مدى كفاءة هذه الوظائف وانعكاس الرواتب التي تستلمها على المهام المنوطة بها خصوصاً إذا ما قورنت برواتب القطاع الخاص. أم أن سياسة وزارة المالية في التعامل مع هذا البند تغيرت منذ عام 2016م بإعادة تصنيف بعض المصروفات لتكون تحت هذا البند؟ سيكون مفيداً لو وضحت وزارة المالية بقيادة وزيرها الفذّ المعروف عنه مبادراته بالشفافية في تقارير الجهات التي تتبع لوزارته.