عندما تدقق في شعار نادي روما الرياضي تلحظ أنه يتوسطه صورة ذئبة رماديه ترضع توأمين من بني البشر وهذه الذئبة والطفلين تنتشر على شكل تماثيل في أغلب أنشطة وامكنة مدينة روما الايطاليه. وهي أسطورة توارثتها الأجيال في إيطاليا تتحدث عن توأمين من بني البشر تبنتهما ذئبة رماديه وعندما شبا عن الطوق قاما بتأسيس مدينة روما وهما حسب الأسطورة رومولوس ورموس. وقد أصبحت هذه الأسطورة جزءا من التراث الإيطالي تتوارثه الأجيال ورغم أنه قد لا يوجد الكثير ممن يصدق هذه الأسطورة إلا أن الجميع من أبناء تلك المدينة يعتز بها ويسكنها شعاراته ولوحاته فضلا عن العدد الهائل من التماثيل التي تمثل تلك الذئبة وصغارها من البشر. ومثل هذه الأسطورة التي هي عبارة عن حكاية شعبية تحولت مع الزمن إلى أسطورة متوارثة شكلت جزءا من التراث ومع ذلك تظل أسطورة جميلة تضيف نكهة على تراث تلك الأمة وتشكل عنصرا هاما للجذب السياحي. وتماثلها أسطورة في بلاد النرويج عن مخلوق خرافي يطلق عليه ترول أي القزم الجبار الخرافي تنتشر تماثيله في كل مكان من هذه البلاد. والأساطير بكل أنواعها وأشكالها تسود وتنتشر في كل أصقاع الأرض وبين أغلب الشعوب وقلما تجد شعبا لا يوجد لديه شيئا من ذلك. ولعل الجزيرة العربية ليست بدعا من ذلك فلها حكاويها وأساطيرها ومن بينها أسطورة زرقاء اليمامة تلك الأسطورة الجميلة والعجيبة وان كانت مجرد أسطورة فقد يراها القلة حقيقة تاريخية؛ وهي تحكي عن فتاة من قبيلة جديس تعيش في قرية في جو من منطقة اليمامة تتمتع بنظر خارق يصل مداه إلى مسافة ثلاثة أيام سفر بالأبل أي ما يزيد عن مائة كيلو متر وبالطبع يستحيل أن يمتلك إنسان مثل تلك القدرة ناهيك أن تحدب الأرض لكرويتها تحول دون ذلك ولو بالمناظير المقربة. وانه أتى قوم من الأعداء لغزو جديس ولأنهم يعرفون قدرات تلك الفتاة فقد تستروا بأغصان الشجر حتى لا تكشف أمرهم بنظرها الخارق إلا أنها أنذرت قومها بأن هناك شجر قادم نحوهم من بعيد فكذبوها وضحكوا منها ولم يلتفتوا لتحذيرها مما جعلهم فريسة سهلة لهؤلاء الغزاة الذين ابادوهم ثم اقتلعوا عيني تلك الفتاة الزرقاويين من محجريهما ولست أعلم عن أي حمق حل بهؤلاء الغزاة عندما أتلفوا -لو صحت القصة -اقوى تلسكوب بشري. وقد ذكر المؤرخون الأوائل تلك القصة وبلادها في اليمامة التي نسب اسمها لتلك الفتاة مثل العقد الفريد ومعجم البلدان وغيرها، وفي بيت لأبي الطيب المتنبي من قصيدة فخر طويلة يقول فيها: وأبصر من زرقاء جو لأنني إذا نظرت عيناي ساواهما علمي إنها حكاية تستحق أن تروى للسائحين وجعلها أيقونة من أيقونات المنطقة ترسم لها اللوحات لتحكى قصتها الحالمة للسواح.