يذكي حب الديار المقدسة في حس الحجاج لهيب الشوق، وتقف أمنياتهم حتى تطوي الحياة مصاعبها، وتطأ أقدامهم أشرف البقاع وأطهرها، فتهب نسائم الإيمان لتخالط أرواحهم، تحملهم مهجهم إلى المدينةالمنورة، نحو المسكن الطاهر للنبي العظيم صلى الله عليه وسلم، ومسجده النبوي الشريف، ومسجد قباء الذي نزلت بقداسته آيات السماء، وبقيع الغرقد الذي يضم رفات الآل والصحب الكرام، ومقبرة الشهداء وسيدهم حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه، والجبل الأشم أحد والأودية المباركة العقيق وبطحان، والخندق المنيع الشاهد على غزوة الأحزاب، وبئر عثمان الوقف الذي تتدفق مياهه حتى اليوم، والكثير من الأماكن التي كانت عرصاتها متنزلاً لوحي السماء. إن للمآثر والمواقع مشاهد مهيبة تدفع خطى الزائر والناسك نحوها، فما أن يستهل الزيارة بالصلاة في روضة من رياض الجنة، حتى يسكب العبرات في المواجهة الشريفة، ثم يأخذ بمجامع قلبه متأملاً سياج الحجرات المباركات، المحراب والمنبر النبوي، خوخة الصديق، الأساطين، الأبواب، القباب، الزخارف، الدكات، البناء والإعمار، وعلى بعد أمتار من المكان شرقاً يبرز سور كبير يختط أرضاً مباركة يحظى كل من وسد فيها بشفاعة خاصة وهو بقيع الغرقد حيث يرقد الآلاف من الصحابة. وهنا وهناك مساجد أثرية كمسجد قباء، الصديق، الفاروق، علي، الغمامة، الجمعة، قباء، ومساجد كثر كالسبعة في ميدان الخندق، السجدة، والإجابة، أما الآبار النبوية فسبعة يتقدمها غرس، وأريس، وقرب الحرم الشريف السقيفة الشهيرة «بني ساعدة» التي شهدت التئام المسلمين واجتماعهم لبيعة الخليفة الأول رضي الله عنه، أينما اتجهت أسرتك المآثر العطرة بنداءاتها الآتية من عالم الخلود، صدق في البوح والمناجاة والغفران. جامع الشهداء صحن جامع الخندق مسجد القبلتين موضع سقيفة بني ساعدة