تخوض قوات سورية الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن حاليا معارك ضد آخر جيب لتنظيم داعش في شرق سورية، غداة استئناف هجومها على المتطرفين المحاصرين وإعلان انتهاء المهلة التي أعطيت لهم للاستسلام. وفي بداية الشهر الحالي، أطلقت هذه الفصائل الكردية والعربية هجومها الأخير ضد مقاتلي التنظيم، بعد عمليات إجلاء استمرت أسبوعين. وبعد يومين أبطأت وتيرة معاركها إفساحاً في المجال مجدداً أمام الراغبين بالخروج. ومنذ ذلك الحين، تم إجلاء آلاف الرجال والنساء والأطفال من منطقة سيطرة التنظيم. وأوضح مسؤول في قوات سورية الديموقراطية لوكالة فرانس برس أن هذه القوات تقدمت على "خمسة محاور، وتمّ الاستيلاء على مواقع عدّة وقُتل عشرات الإرهابيين"، من دون أن يحدّد عددهم. وأضاف "يدافع مقاتلو داعش عن أنفسهم بأسلحة ثقيلة وحاولوا تنفيذ عمليات انتحارية مرات عدة" لإعاقة التقدم. واستهدفت طائرات التحالف الدولي وعمليات قصف مدفعي ليل الأحد الإثنين، مخازن أسلحة ومواقع للتنظيم، حسب المسؤول ومدير المركز الإعلامي لقوات سورية الديموقراطية مصطفى بالي. وأظهرت مشاهد بثّتها قناة "روناهي" الكردية ليل الأحد انفجارات ضخمة داخل الباغوز أضاءت سماء البلدة وتطايرت شظاياها في الظلام الحالك. وكان يمكن سماع دوي عمليات القصف وهدير الطائرات. وأعلنت قوات سورية الديموقراطية استئناف هجومها على التنظيم المتطرف مساء الأحد. وكان مدير المركز الإعلامي لقوات سورية الديموقراطية مصطفى بالي قال في وقت سابق إن "مهلة استسلام داعش قد انتهت، قواتنا تلقت الأوامر بالتحرك العسكري للقضاء على ما تبقى من إرهابيين في الباغوز". وقال قياديون في التحالف العربي الكردي المدعوم من واشنطن، إن القرار اتُخذ بعدما لم يتم رصد أي تحرك لمدنيين في البقعة المحاصرة الأحد. وتوقع بالي "وجود ما يقارب ألف إلى 1500 إرهابي داخل الباغوز"، مشيراً إلى أن "الأرقام متضاربة والصورة غير واضحة". أرامل داعش من ناحية أخرى قالت بلجيكيتان انضمتا لتنظيم داعش في سورية إنهما بدأتا تفقدان الأمل في عودتهما إلى الوطن بعد أن نقضت محكمة بلجيكية حكما كان يقضي بإعادتهما للبلاد مع أطفالهما الستة. وقالت تاتيانا فيلانت وبشرى أبو علال، وكل منهما في السادسة والعشرين من عمرهما، إنهما على استعداد لإرسال أطفالهما إلى بلجيكا من أجل معيشة أفضل والبقاء في سورية إذا وصلت الأمور إلى هذا الحد رغم ما في ذلك من معاناة لهما. قالت بشرى في مخيم عين عيسى المترامي الأطراف ويحيط به سور من الأسلاك الشائكة في شمال سورية "ما الذي أتمناه؟ أتمنى تذكرة عودة للوطن.. أدرك أن الناس خائفون.. يظنون بنا الظنون لكنهم لا يعرفوننا".وتواجه الدول الأوروبية معضلة تتمثل في كيفية التعامل مع المتشددين وأسرهم الراغبين في العودة بعد انهيار تنظيم داعش. وقد أثار احتمال عودتهم نقاشا عاما ساخنا في بروكسل وعواصم أوروبية أخرى حيث لا يوجد أي تعاطف مع أسر أصحاب الأفكار المتشددة إذ لا تزال ذكريات الهجمات التي شهدتها أوروبا ماثلة في الأذهان. ولم يبد عدد يذكر من الحكومات رغبة في استقبال مواطنيها الذين قد يتعذر عليها تقديمهم للمحاكمة. في العام الماضي أمر قاض بلجيكا بإعادة المرأتين وأطفالهما الذين أنجبتاهما من الزواج بمتشددين. غير أن الدولة استأنفت الحكم خشية أن يمثل سابقة وكسبت الاستئناف في فبراير. قالت تاتيانا لرويترز في أول مقابلة تجريها منذ صدر حكم الاستئناف "هؤلاء الأطفال لا يمكنهم العيش. فلا تعليم لهم. ولا شيء". وسعت الحكومة للتمييز بين المرأتين اللتين تربطهما علاقة مصاهرة وصدر الحكم عليهما غيابيا بأنهما من متشددي داعش وبين الأطفال الذين يقول المسؤولون إنه لا يمكن تحميلهم مسؤولية أفعال الآباء. ومثلما حدث في مختلف أنحاء أوروبا تحاول جدة الأطفال الستة الذين تتراوح أعمارهم بين عشرة أشهر وسبعة أعوام إعادتهم إلى البلاد منذ أكثر من عام. وتقول بلجيكا إنها ستلتزم بقرار صدر في 2017 يقضي بالسماح بإعادة جميع الأطفال دون العاشرة من العراق وسورية. غير أنها لم تعد تحت ضغط من القضاء للتحرك في قضية الأطفال الستة. وتقول القوات المدعومة من الولاياتالمتحدة في سورية والتي تحتجز ألوف الأجانب مع زوجاتهم وأطفالهم إنها لا يمكنها الاحتفاظ بهم إلى الأبد. بيت مليء باللعب قالت تاتيانا وبشرى اللتان جمعت بينهما الدراسة إنهما انقلبتا على داعش عندما شاهدتا متشددين يقتلون الناس بوحشية بما في ذلك أجانب انضموا لصفوفهم. وتم تهريبهما من الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم واستسلمتا للقوات الكردية في عين عيسى في أواخر 2017 بعد أن خسر المتشددون قاعدتهم في مدينة الرقة السورية حيث كانتا تعيشان. وقالت الاثنتان إنهما بقيتا شهرين في السجن قبل إرسالهما إلى مخيم في الشمال الشرقي. وتقول مصادر أمنية إن الاثنتين ضمن 17 امرأة بلجيكية و32 طفلا موجودين في سورية. "لابد من معاقبتي" تزوجت الاثنتان مرة أخرى عندما انضمتا للمرة الثانية إلى داعش وأنجبتا. اقترنت تاتيانا بمتشدد هولندي لقي حتفه وتزوجت بشرى برجل من ترينيداد استسلم معهما. قالت المرأتان إنهما مستعدتان لدخول السجن وطلب المساعدة. وقالت بشرى إنها انفجرت باكية في آخر مرة سمعت فيها طائرة تحلق في السماء فوق رأسها. وأضافت "أنا لا أعترض على ذلك. فقد ارتكبت خطأ ولابد من معاقبتي عليه. وأتمنى إذا ما عدت يوما إلى بلجيكا لو يعطوني حقنة أو أي شيء لكي أنسى هذا الجزء من حياتنا برمته".