تمثل استضافة المملكة لأعمال المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين حول السلام والاستقرار في جمهورية أفغانستان حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الدعم السعودي للقضايا الإسلامية انطلاقاً من مسؤوليتها كقائدة للعالم الإسلامي ودورها العالمي الرائد في ترسيخ الأمن والسلم الدوليين. في الشأن الأفغاني تحديداً، وعلى مدى أربعة عقود عاشت أفغانستان منعطفات وتقلبات سياسية كادت أن تسقط الدولة وتطمس هويتها، حيث تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة، وفي تلك الظروف العصيبة كان للمملكة موقف ثابت يقوم على أساس واحد وهو الحفاظ على وحدة الأراضي الأفغانية وضرورة العمل على إنهاء جميع الأعمال العسكرية حفاظاً على أمن وسلامة أبناء الشعب الشقيق. لم يكن الموقف السعودي متحيزاً في تلك المحطات الملتهبة سوى للشعب الأفغاني من خلال دعم جميع مبادرات السلام وجمع الفرقاء على طاولة الحوار لإنهاء معاناة الأشقاء، ويسجل التاريخ للمملكة جمعها في أكثر من مناسبة لأطراف النزاع ودعمها غير المحدود لأي مشروع سلمي يضع البلاد على الطريق الصحيح كدولة إسلامية فاعلة في محيطها الإقليمي والدولي. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وانطلاقاً من حرصه -أيده الله- على حقن دماء الأشقاء وإنهاء معاناتهم وجّه قبل عدة أسابيع دعوة لجميع الأطراف لتمديد الهدنة التي تم التوصل إليها بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان خلال أيام عيد الفطر، معرباً عن أمله في أن تكون هذه الهدنة أساساً يمكن البناء عليه لمستقبل أفضل للشعب الأفغاني من خلال الحوار وطي صفحات الماضي، وفتح نوافذ جديدة تشرق فيها شمس السلام على ربوع البلاد. المؤتمر الذي تنطلق أعماله غداً في جدة يُمثل من خلال الشخصيات المشاركة فيه والمحاور التي يناقشها بارقة أمل جديدة تخرج فيها البلاد من أتون الصراعات ودوائر العنف والفرقة، خاصة وأن دور العلماء في تحقيق السلام سيكون حاضراً رئيساً في أجندة المؤتمر. الدعم الكبير الذي تقدمه المملكة للأشقاء في أفغانستان لا يقل عن حجم الأمل في أن يحقق المؤتمر الأهداف المرجوة منه، وأن يخرج بنتائج تشكل خطوة إلى الأمام في طريق إرساء السلام وإنهاء مرحلة عصيبة في تاريخ أفغانستان الدولة والشعب. Your browser does not support the video tag.