من المعروف أن التحولات الإيجابية في أية دولة تجابه بمعارضة وعدم رضى من قبل من يصطاد في الماء العكر من الحاقدين والأعداء وأصحاب المصالح والفاسدين؛ لأن التحولات الإيجابية في النظم والقوانين تتعارض مع مصالحهم، لذا يبذلون كل ما في وسعهم للإبقاء على الأمور كما هي. فما بالك إذا صاحبت تلك التحولات ضوابط اقتصادية تتعلق بضبط الأنظمة ومحاربة الفساد. أما فرض الضريبة المضافة ورفع أسعار الوقود وتعرفة الكهرباء والماء، ورفع سقف عقوبة المخالفات المرورية وتوسيع نطاقها، فإن عامة الناس قد تأثر بها، ولهذا كانت مرونة وحكمة قيادتنا الرشيدة كفيلة برفع الضرر، وما الأوامر الملكية الكريمة الأخيرة إلا دليل على الاهتمام بالمواطن والاستجابة لمتطلباته، ولا شك أن تثبيت بدل غلاء المعيشة الذي تم إقراره سوف يؤدي إلى تخفيف الأعباء، كما أن جعل البنوك والشركات تتحمل ضريبة القيمة المضافة سوف يخفف العبء على المواطن. نعم لقد سبق أن بُذلت محاولات عديدة للحد من الهدر من خلال التوعية وطلب الترشيد في مجالات استهلاك الوقود والكهرباء والماء إلا أنها لم تجد نفعاً، كما بُذلت جهود عديدة للحد من الحوادث المرورية التي راح ويروح ضحيتها أعداد هائلة من الأنفس البريئة حتى أصبحت خسائرها في الأموال والأرواح تفوق خسائر حرب ضروس إلا أنها أفظع؛ لأن حرب الشوارع والطرق بسبب عدم التزام النظام تعتبر حرباً مستمرة يذهب ضحيتها كل عام عشرات الآلاف من الأنفس البريئة، وأكثر منها بكثير إصابات وإعاقات، بالإضافة إلى الخسائر المادية التي تكلف عشرات المليارات من الريالات. أما رفع الرسوم على العمالة الوافدة فتعتبر وسيلة للحد من من أعداد تلك العمالة التي تفاقمت حتى أصبحت تشكل أكثر من 30 % من عدد السكان، أغلبيتهم عمالة سائبة أو غير نظامية أو متستر عليها، مما جعل الدولة تقوم بحملات أمنية مكثفة للخلاص من ذلك الوضع غير السوي، خصوصاً أنهم استحوذوا على فرص العمل، ودخل بعضهم دهاليز الغش والتزوير والسرقة والممارسات غير السوية، مما جعل بعضهم يشكل طابوراً خامساً داخل الوطن على استعداد لعمل أي شيء في مقابل المال، كما أن اتخاذ تلك الإجراءات يدخل ضمن الحد من الحوالات المالية إلى خارج المملكة التي بلغت في المتوسط أكثر من (130) مليار ريال سنوياً. وبما أن قيادتنا الرشيدة مرنة ومتوازنة وحكيمة فإنها دائماً تدرس ردود فعل الشعب تجاه أي قرار تتخذه، وإذا ثبت أن له تأثيراً سلبياً فإنها لا تتردد في اتخاذ الإجراءات المناسبة للتصحيح، ولعل الأوامر الملكية التي صدرت خير دليل على ذلك. إن فرض الأنظمة والقوانين الهدف منها فرض الترشيد وفتح فرص عمل جديدة من ناحية، والعمل على تعدد مصادر الدخل والحد من الاعتماد على البترول، وذلك حتى لا نظل حبيسي ذلك المورد الاقتصادي الناضب والمتذبذب الأسعار، خصوصاً بعد نجاح تطوير مصادر الطاقة المتجددة والبديلة التي أصبحت ملء السمع والبصر. نعم التحولات الكبرى لها ضريبة تدفع في البداية، ولها عواقب اقتصادية واعدة على المدى الطويل، وهذا كله ينعكس على الأمن والاستقرار اللذين هما الحصانة المنيعة ضد الأعداء. وهذا مصداق لرؤية 2030 التي حددت عام (2020) كنهاية للمرحلة الصعبة وبداية تحسن الأمور تدريجياً مع نجاح المشروعات الاقتصادية المستهدفة.. Your browser does not support the video tag.