"التعاون الإسلامي" تدين الغارة الجوية الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في دمشق    النور والعدالة أبطال فئتي الناشئين والبراعم في ختام بطولة المملكة للتايكوندو    الداخلية : ضبط (17153) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    واقع الإعداد المسبق في صالة الحجاج    الملحقيات الثقافية بين الواقع والمأمول    «اليدان المُصَلّيتان».. يا أبي !    اللغة تبكي قتلاها    اتحاد القدم يوقّع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الآسيوي للتعاون في مجال البرامج التعليمية    "الهلال" و"جيسوس" يتفقان على إنهاء العلاقة التعاقدية    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    سجن بفرنسا يطلق عن طريق الخطأ سراح نزيل مدان بسبب تشابه الأسماء    مركز التحكيم الرياضي السعودي يستقبل طلاب القانون بجامعة الأمير سلطان    العطية يتصدر المرحلة الأولى من رالي السعودية    أميركا توافق على تزويد أوكرانيا بقطع غيار لمقاتلات أف-16 وتدريب طياريها    جمعية خويد تختتم برنامج "محترف" بحفل نوعي يحتفي بالفنون الأدائية ويعزز الانتماء الثقافي    عقب فوزه على الشباب بثلاثة أهداف ... قوميز يمنح لاعبي الفتح راحة استعدادًا لمواجهة الوحدة    العطية يتصدر المرحلة الأولى من رالي السعودية.. والواجهة البحرية تستقبل الفائزين غداً    مانشستر سيتي يهزم وولفرهامبتون ويصعد للمركز الثالث مؤقتاً    القادسية يقسو على الخلود برباعية في دوري روشن للمحترفين    الصين تعفي ربع سلع أميركا من الرسوم الجمركية    وزارة الحج: العقوبات المقررة على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج تُطبَّق على كل مخالف بلا استثناء    حرس الحدود بتبوك يحبط تهريب 29,229 كجم «حشيش»    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب تطلق فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لعلاج العقم    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُفعّل مبادرة "إمش 30"    ذخيرة الإنسان الأخيرة" يخطف الأضواء في الطائف    نائب أمير منطقة مكة يشهد حفل التخرج الموحد للتدريب التقني والمهني    بلدية محافظة الأسياح تشارك في أسبوع البيئة    أرفى تطلق فعاليات التوعية بالتصلب المتعدد من كورنيش الخبر    وفد وزاري يناقش الخطط التنفيذية مع صحة جازان    إمام المسجد الحرام: البلايا سنة إلهية وعلى المؤمن مواجهتها بالصبر والرضا    إمام المسجد النبوي: الاشتغال بما لا يعني سببٌ للتعاسة ومصدرٌ للخصومات والندامة    أمير القصيم يشيد بجهود جمعية "كبدك" في تنمية مواردها المالية ويثني على أدائها المميز    مغادرة أولى رحلات "طريق مكة" من إندونيسيا عبر مطار جاواندا الدولي إلى المملكة    524 جهة عارضة من 20 دولة في أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025    "العليان" يحتفي بتخرج نجله    "الراجحي" يحصل على الماجسير مع مرتبة الشرف    الهلال الأحمر بالشرقية يدشّن مشروع "معاذ" للسلامة الإسعافية بجسر الملك فهد    مدير منظمة الصحة العالمية: وضع غزة كارثي ومليونا شخص يعانون من الجوع    نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى تخريج الدفعة 46 من طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل    أمير المدينة المنورة يرعى حفل تخريج الدفعة السابعة من طلاب وطالبات جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الترجمة الذاتية.. مناصرة لغات وكشف هويات    في إلهامات الرؤية الوطنية    ذواتنا ومعضلة ثيسيوس    المملكة نحو الريادة العالمية في صناعة الأدوية    غزة.. حصار ونزوح    تراجع الديمقراطية في أمريكا يهدد صورتها الدولية    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    خلال جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية.. إندونيسيا وروسيا تفضحان الاحتلال.. وأمريكا تشكك في الأونروا    مدير الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من «طريق مكة»    عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»    أمير الشرقية يثمن جهود الموارد في إطلاق 6 فرص تنموية    انخفاض وفيات حوادث الطرق 57 %    بريطانيا تنضم للهجمات على الحوثيين لحماية الملاحة البحرية    إطلاق 22 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في متنزه البيضاء    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلسل الجماعة.. من حسن البنا إلى سيد قطب
نشر في الرياض يوم 11 - 10 - 1438

تابعت كما تابع غيري مسلسل الجماعة، والذي سبق أن رأيناه في جزئه الأول قبل سنوات، وقد تناول هذا المسلسل قصة تأسيس جماعة الإخوان المسلمين منذ بدايتها والتي ارتبطت مع بدايات (حسن البنا) المؤسس لهذه الجماعة.
إن مشكلة المسلسلات التاريخية أنها بشكل عام تفتقر كثيراً إلى الإعداد الجيد والرصد المباشر لأحداثها. فمسلسل (الجماعة) قد وقع في هذه الإشكاليات، ففي الجزء الأول الذي تناول فيه كاتبه (وحيد حامد) قصة بدايات حسن البنا في بلدته المحمودية، وما تلا ذلك من انتقاله للدراسة في دار العلوم في القاهرة، ثم انتقاله بعد تخرجه إلى الإسماعيلية التي أسس فيها حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين، وهو هنا (أي وحيد حامد) يتكئ اتكاء كليا على مذكرات حسن البنا والمعروفة باسم (مذكرات الدعوة والداعية). فهذا الكتيب يمثل المرجع الرئيس لبدايات حسن البنا المبكرة، إلا أن هنالك أحداثا ووقائع قل من يعرفها حتى وإن كان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، ومن المهم ذكرها في هذا العمل الدرامي. ولنبدأ بواقعة إطلاق النار على المفكر الكبير (عباس محمود العقاد) للتخويف وليس للقتل والسبب في ذلك أن العقاد هاجم حسن البنا حينما كتب في صحافة (السعديين) بعد خلافه مع الوفد وانتمائه للحزب السعدي، فكتب في تلك الفترة مقالة يهاجم فيها حسن البنا ويشكك في أصوله، والتي أرجعها إلى أصول يهودية. المهم أن عباس محمود العقاد وبعد اطلاق النار عليه لم يقل كلمة واحدة بعد ذلك في مهاجمة الإخوان المسلمين.
مشكلة المسلسلات التاريخية أنها بشكل عام تفتقر كثيراً إلى الإعداد الجيد والرصد المباشر لأحداثها.. ومسلسل (الجماعة) قد وقع في هذه الإشكاليات..
أما الواقعة الثانية فهي حادثة (أحمد السكري) والذي كان نائباً لحسن البنا في مكتب الإرشاد، وأصل هذه الواقعة أن حسن البنا عين زوج أخته (عبدالحكيم عابدين) مسؤولاً عن فرع الأخوات المسلمات، فجاءت شكاوى من مكتب الإرشاد تتهمه بالتحرش بنساء الجماعة، فكون حسن البنا لجنة للتحقيق مع عبدالحكيم عابدين واتخاذ اللازم. وكان على رأس هذه اللجنة والمسؤول عنها أحمد السكري، فحقق في الشكوى وأدين عبدالحكيم العابدين وخلصت اللجنة في توصياتها بفصل عبدالحكيم عابدين، وحينما ذهبت النتيجة إلى حسن البنا اعترض على نتيجة التحقيق والعقوبة، ففصل جميع أعضاء اللجنة بعد أخذ ورد مع أحمد السكري وكونت لجنة جديدة انتهت في تحقيقاتها إلى تبرئة عبدالحكيم العابدين. وأحمد السكري هذا وكما قيل من مجموعة من المتابعين أنه هو المؤسس الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين. فهذه الواقعة يطلق عليها الإخوان المسلمون في أدبياتهم (فتنة أحمد السكري). إن إهمال المؤلف وحيد حامد لمثل هذه الواقعة التي تسلط الضوء على نفسية حسن البنا عن قرب والتي تبين مدى دكتاتورية المرشد وسطوته على الجماعة. ويقف هذا الجزء وأعني الجزء الأول من مسلسل الجماعة باغتيال حسن البنا.
وفي الجزء الثاني نجد أن هنالك صراعا حقيقيا بين أفراد من مكتب الإرشاد على منصب المرشد الذي أصبح شاغراً، وكان تسليط الضوء على هذه النقطة ضعيفاً وهامشياً. فالشيخ محمد الغزالي كان يحدث نفسه بهذا المنصب مع أتباعه وهم (عبدالرحمن السندي) و(السيد سابق) وغيرهم، ومن نافلة القول أن الغزالي هو الذي كلفه حسن البنا بتأليف كتاب للجماعة في السيرة النبوية فألف كتاب (فقه السيرة)، أما السيد سابق فقد كلفه حسن البنا بتأليف كتاب في الفقه فألف كتابه المشهور باسم (فقه السنة). ثم فصل الثلاثة من مكتب الإرشاد ومن جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد اختيار (حسن الهضيبي) الذي كان غريباً عن الجماعة وليس له سابقة فيها. وحينما جاء الهضيبي للجماعة قرب له مجموعة جديدة اصطنعها لنفسه وكون من خلالهم مكتب الإرشاد مثل (عبدالقادر عودة). في هذه المرحلة قرب حسن الهضيبي سيد قطب كمفكر وأديب ذائع الصيت من خارج الجماعة، هذه الأحداث حدثت بعد سنة 1952م إلى سنة 1954م والتي حدثت فيها محاولة اغتيال عبدالناصر في المنشية في الإسكندرية والمعروفة باسم (حادثة المنشية)، وأدخل بسببها كوادر الإخوان وعلى رأسهم حسن الهضيبي إلى السجن، والتي ألف فيه سيد قطب أكثر مؤلفاته وأهمها كتاب (في ظلال القرآن) وكتاب (معالم في الطريق) تحت سمع وبصر إدارة السجن. فقد كانت ملازم المؤلفات تخرج من إدارة السجن لإجازتها من قبل الشيخ محمد الغزالي لا كما جاء في المسلسل أن سيد قطب كان يعطي الملازم لأخته حميدة والتي كانت تهربها بطريقتها الخاصة من السجن، وهذه النقطة لو اعتمدوا فيها على الواقعة التاريخية الحقيقية لكانت أوقع في التأثير في المشاهد. فالكاتب وحيد حامد أراد أن يقول إن مؤلفات سيد قطب خرجت من السجن بغير رضى إدارة السجن ورقابتها، والحقيقة غير ذلك، فكتب سيد قطب قد طبعت في حياته ودخل بعضها مطبوعاً إلى السجن بعد ذلك. فكتب سيد قطب مثل (في ظلال القران) وكتاب (معالم في الطريق) حينما كتبها سيد قطب لم يشعر أحد من معاصريه وقرائه بما تحمله من فكر متطرف وتكفير عام للمجتمعات الإسلامية. وإنما ذلك استجد بعد سنة 1966م، فجماعة التكفير والهجرة التي تبنت جميع ما جاء في كتابات سيد قطب المتطرفة قد نشأت في هذه الفترة، حيث كان شكري مصطفى زعيم الجناح المتطرف من جماعة الإخوان.
إن ما حدث داخل سجون عبدالناصر من ظلم وعسف وتعذيب أوجد هذه الفئات المتطرفة جداً.
وينتهي هذا الجزء بإعدام سيد قطب ومجموعة من كوادر الإخوان. ومن المعروف أنه قد حدث في السجن سجال ونقاش طويل حول تكفير المجتمعات والحاكمية، وتفتت كوادر الإخوان إلى عدة فئات منها المتطرف جداً، والساخط على المجتمع ومنها من التزم الخط القديم لحسن البنا حتى أن حسن الهضيبي ألف كتاباً اسماه (نحن دعاة لا قضاة). إن من الخطأ الذي وقع فيه المسلسل، أن وحيد حامد قد أسقط أفكارا متأخرة جداً على مرحلة لم تكن فيها هذه الأفكار مطروحة إلا بنطاق ضيق جداً. إن الواقعة التاريخية تكفي للتعريف لخط سير هذه الجماعة وفي الوقائع التاريخية نفسها سنجد جوانب التطرف والعنف وهي كافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.