من خلال إطلاعي وبحكم تخصصي ومتابعاتي لفئة مهمة في مجتمعنا، وجدت أن كثيراً من أبنائنا يعانون من عدم وضوح المستقبل، فلديهم فكر سوداوي تم استقراؤه من الآخرين وتأثيرهم عليه، والذين هم كانوا يرسمون المستقبل دون وعي منهم في السابق لما يحيط بهم، وهم يتخبطون هنا وهناك لماذا هذا؟ وما هي العوامل والمبررات لكي يصلوا إلى هذه المرحلة؟ فهو من وجهة نظري الشخصية يعود إلى أنهم لم يحددوا أهدافهم ورغباتهم واحتياجاتهم بشكل صحيح وسليم؛ فهم ينظرون إلى الحياة من خلال والديهم أو من خلال آخرين اعتبروهم قدوة لهم في جميع أمورهم الدنيوية والدينية؛ وتلك القدوة تفقد الكثير من مقومات الحياة والتخبط وعدم تحمل المسؤولية ولتخطيط السليم. فحين لا يهيأ الأبناء بطريقة صحيحة منذُ نعومة أظفارهم وبطريقة سليمة لتحمل المسؤولية الاجتماعية ولو كانت بسيطة تناسب سنهم، ولم يتم توجيههم من خلال والديهم وأساتذتهم، ولم يتم الإشراف عليهم في مراحل عمرهم المتغيرة بما يتناسب مع عقيدتنا وعاداتنا، ومرتبطا بخوفهم على أسرهم ومجتمعهم ومعتمدين على أنفسهم, إنما تركوا للعبث العشوائي الذي يجعلهم يتابعون الغث والعليل من شخصيات هشة لا تبني ولا تضيف لهم من مقومات الحياة شيء، بل تركوا ليتأثروا بهم ويسعدوا بمتابعتهم لهم حتى أصبحت شخصياتهم تشابه أو تتقارب في الشكل والمضمون, وتركوا أيضا لبرامج ترفيهية وألعاب في ظاهرها أنها مسلية وممتعة ولكنها تغذيهم وترسل إليهم بالأخلاق الرديئة والعنيفة، وتبتعد كل البعد عن قيمنا وعاداتنا وأعرافنا المجتمعية؛ ما أنتج معه جيلا كثير الشكوى قليل العلم والعمل سواء في نفسه وفي أسرته وفي مجتمعه، فهو يتخبط مع كل رث وعليل, إلا فئة من الأبناء الواعين لانفسهم ويسعون أن يحافظوا على أسرهم ومجتمعهم من محاولات تحطيم وزعزعة هذا الكيان الكبير المتمثل في أبنائنا الذين هم ثروة لوالديهم ولأسرتهم ومجتمعهم ووطنهم فنعم الأبناء هم.