العلاقات الإلكترونية

العالم تحول من العلاقات الانسانية الى العلاقات الالكترونية، الهاتف الجوال هو الأخ والصديق والزميل، هو الذي يجعلك لا تلقي بالا لحديث والديك، ويسافر بك الى عالم آخر يحتوي كل شيء الا العلاقات الانسانية. تجتمع العائلة لتناول الطعام، فرصة ذهبية للأم والأب لرؤية الأبناء والتحدث معهم. يتدخل الجهاز ليفسد متعة اللقاء.
يجلس الشاب وحوله الأهل والأحباب، لا يستمع، لا يرى، لا يتكلم، هناك في الطرف الآخر أناس أهم من الأم والأب والأقارب. في مقر العمل يسير الموظف في الممرات وعينه على الشاشة، يعيش وحده، يمارس العزلة، لا يلقي التحية على أحد، لا يرى أحدا، هناك في الطرف الآخر من هم أهم من زملاء العمل. في الأسواق يتجول المتسوق بين الناس لكنه وحده، بشر في مكان واحد يتخاطبون مع الأجهزة، يدمنون متابعة كل شيء، لا يوجد في القاموس ادارة وقت ولا أولويات. الأولوية للجهاز، الأولوية للترفيه، الأولوية والأهمية لمن هناك في الطرف الآخر وليس للبشر المتسوقين.
في الشارع يسير المشاة بدون عيون، في المقهى يجتمع الشباب وشعارهم الصمت، في المطعم تجتمع العائلة تحت سيطرة الدكتاتور المرعب (الواتساب) الذي يمنع الحوار العائلي، يحذر من تبادل المعلومات والأخبار الا عن طريقه. في البيت مجموعة من الدكتاتوريين (تويتر، فيسبوك، انستغرام وغيرها) يتناوبون على منع الاجتماعات العائلية خوفا من التخطيط لتقليص نفوذها.
في اجتماعات العمل يتدخل الواتساب بكل قوة وبدون دعوة، يحضر الاجتماع، يدير الاجتماع، يتحكم بالوقت، لا أحد يملك الشجاعة على ايقاف تدخلاته. دكتاتوريون يمنعون قراءة الكتب، يحذرونz من خطر الاجتماعات العائلية، يتجسسون على الدول في الشؤون السياسية والاقتصادية وحتى في الشؤون الخاصة.
تقنية تحولت من وسيلة الى غاية، فرضت العزلة، عطلت مهارات التواصل الانساني، سرقت الوقت، بعثرت الأولويات، سببت الحوادث والمشكلات بسبب سوء الاستخدام. شجعت ضعاف النفوس على نشر الاشاعات، حولت النقد الى هجوم شخصي، جعلت توزيع التهم عملية سهلة. فتحت مجالا للفوضى باسم الحرية، انتهكت الخصوصية، تحولت الى وسائل اعلامية وتجارية منفلته بلا ضوابط، بلا مسؤولية.
انها منتجات علمية رائعة لكن الانسان الذي اخترعها أساء استخدامها فأصبحت تتحكم فيه بدلا من أن يتحكم بها.