عندما نتحدث عن معاناة معظم الموظفين والمتقاعدين السعوديين بالقطاعين الحكومي والخاص من ضعف الراتب الشهري، وما سببه ارتفاع تكلفة المعيشة والسكن تحديداً من زيادة حجم الالتزامات والقروض لمواجهة ذلك، فإننا نتحدث عن شريحة واسعة بمجتمعنا، يجب أن يُبرز وضعها المالي الصعب بشفافية لتمكين جهاتنا من أن تكون دراساتها وتوجهاتها محققة لما يرفع عنها -ولو جزئيا- تلك المعاناة بدلاً من تجاهل مشكلتها من انخفاض الدخل والأسوأ تضليلها بأرقام إحصاءات ومتوسطات قد نتسبب -بدون قصد- في إلحاق ضرر إضافي لها عند إعادة دراسة حجم الإنفاق العام مع انخفاض أسعار النفط وزيادة الالتزامات!. فعندما تُنشر دراسة بأن متوسط راتب الموظف السعودي الحكومي شهريا (9555) ريالاً، ومتوسط راتبه بالقطاع الخاص (5519) ريالاً، وبأنها تستند على أرقام صادرة من مؤسسة رسمية وتأخذ بعداً واسعاً بين أفراد المجتمع ومسؤوليه، فإننا في حقيقة الأمر نساهم في إبراز نتيجة عامة خاطئة لدخل المواطن، ونظهر بأنه ليست هناك مشكلة في دخل المواطن، وما يقال عن عدم تناسب أسعار العقار مع راتبه..، في حين أن تلك الأرقام كما أُشير اعتمدت على إحصاءات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وليست المؤسسة العامة للتقاعد باعتبارها الجهة المختصة برواتب السعوديين كموظفين وعسكريين وهم جميع الموظفين بالدولة عدا من يعمل على بند الأجور والتشغيل وبعض البرامج المحدودة التابعين للتأمينات الاجتماعية. ولإيضاح الأمر أكثر فإنه وفق الإحصاءات المنشورة لتلك المتوسطات فإن الأرقام أخذت من (22) مكتبا للتأمينات بالمملكة، وكان ممن بلغ المتوسط للأجر للسعودي بالقطاع الحكومي (9555) ريالا وأكثر في (5) مكاتب فقط بالرياض وجدة وينبع والجبيل والشرقية!، والجميع يعلم حجم الرواتب بالجهات الحكومية بتلك المدن ومحدودية موظفيها، ولايقارنون بالجهات الحكومية الأخرى، مع ملاحظة أن متوسط الأجر في أحد المحافظات للموظف الحكومي أقل من (3000) ريال!! كما بلغ عدد المشتركين السعوديين العاملين بالقطاع الخاص أكثر من (1.6) مليون سعودي، وبمراجعة الأرقام نجد أن رواتب (845) ألف سعودي لم تتجاوز (3500) ريال، وبلغ عدد من تقل رواتبهم عن (6000) ريال مايقارب (1.3) مليون سعودي، فيما بلغ من رواتبهم (10,000) ريال وأكثر (222) ألف سعودي فقط. أما فيما يتعلق بما نشر عن متوسط رواتب غير السعوديين فلن أبحثه لاعتبارات وأرقام لا تظهر عادة بالإحصاءات الرسمية إضافة لعدم علاقته بموضوعنا وهو إنصاف لشريحة كبيرة لدينا، فبدلاً من أملها بالنظر في تحسين مستوى دخولها أصبحت تعاني من انتشار مفهوم خاطئ عن متوسط عال لرواتبها بسبب نقل البعض لنتائج دراسات بدون القراءة الكاملة للتقارير التي اعتمدت عليها المتوسطات، وهي تتعلق بعدد محدود أيضا من الجهات الحكومية، ولكن مثل تلك المتوسطات ستضلل صاحب القرار في أي دراسة تتعلق بمستوى الأجور أو أسعار الخدمات. كما أنه لو نشرت الأرقام من واقع إحصاءات مؤسسة التقاعد لرواتب الموظفين والعسكريين والمتقاعدين، سنلحظ الاختلاف بالنتائج مع أن المتوسطات لا تعكس دائما حقيقة المعاناة التي تواجه شريحة كبيرة من المجتمع، وهو ما يتطلب إيضاح ذلك لإزالة اللبس في متوسطات اعتمدت فعلا على أرقام رسمية، ولكن تبقى متوسطات صامتة ليست لها حاجة في دراساتنا المتعلقة بمعيشة تلك الشريحة، لكون المهم هو عدم الإضرار بالمواطن صاحب الدخل الضعيف سواء كان موظفاً أو متقاعداً أو صاحب عمل، والذي لا يتناسب دخله مع المستوى العام للأسعار والتضخم، ولم يستفد أيضا مما يردد بانخفاض عالمي للأسعار.