أذكر أننا على أيام دراستنا في المرحلة الابتدائية كنا ندفع في أول العام الدراسي لإدارة المدرسة اشتراكاً (مساهمة) لتسيير أعمال وأنشطة المقصف المدرسي، على أن نستردها في نهاية العام مع هامش ربح يتغير من عام لآخر، ولا أنسى فرحتنا عندما نُدعى لاستلام رأس المال وأرباحه التي نظل ننتظرها على أحر من الجمر طوال العام. مساهمة الطلاب هذه ومشاركة بعضهم في عملية البيع داخل المقاصف تكاد تكون انقرضت الآن، كما انقرض الكثير من الممارسات التربوية والتدريبية، وأصبح الطالب فقط يمثل الطالب الزبون أو الطالب المستهلك بعد أن كان الطالب المستثمر والطالب العامل! ما تزرعه في الطالب في بداية حياته التعليمية من سلوكيات وممارسات يبقى معه إلى النهاية، فالمثل يقول "العلم في الصغر كالنقش على الحجر". ولذلك كم أتمنى أن تعود مثل هذه المشاركات الفعالة وبصورة أكثر تطوراً. فما المانع أن يكون المقصف المدرسي في كل مدرسة بمثابة شركة مساهمة مقفلة يشترك فيها كل طلاب المدرسة ويتاح لهم الاكتتاب في أسهمه، كما يكون بمقدورهم الترشح لمجلس إدارة المقصف الذي يتم اختياره من قبل الجمعية العمومية والتي تتكون من جميع الطلاب المساهمين الذين يملكون أسهمه. هذه التجربة البسيطة والتي فيها الشيء الكثير من المحاكاة للواقع العملي، ستخلق لنا جيلاً يعرف قيمة الادخار ويتعاطى مع الاستثمار، ويحس بقيمة العمل. والأهم من ذلك كله هي أنها ستزرع الثقة داخل نفسه.