لن يكون الحديث عن عبدالله بن عبدالعزيز كرجل تطوير شامل لان شواهد ذلك على الارض، ولن يكون الحديث عن عبدالله بن عبدالعزيز كرجل سلام وقائد عالمي البصمة لان ذلك سجله التاريخ واعفانا بفخر من التطرق له، ولن يكون الحديث عن عبدالله بن عبدالعزيز كرجل حكم اسس لركائز الاستمرار دون اخلال باللحمة الرائعة بين الشعب والقيادة، ولن يكون الحديث عن عبدالله بن عبدالعزيز كرجل وفاء للأرض وللإنسان وللماضي والحاضر والمستقبل، ولكن سيكون الحديث عن عبدالله بن عبدالعزيز الانسان الذي سطر اجمل علاقة مع شعبه عندما قال ما دمتوا بخير فانا بخير، وهو من قال في ارتباطه بخالقه ثم بشعبه الذي لا نبالغ اذا قلنا انه تجاوز المحبة له حتى اصبح متيما به حينما يناديهم ويقول يعلم الله انكم في قلبي احملكم واستمد قوتي من الله ثم منكم فلا تنسوني من دعواتكم، وهو من قال في افتتاح المدينة الرياضية في جدة مخاطباً شباب المملكة وعماد مستقبلها، انكم تستحقون اكثر لان اجدادكم واباءكم هم من عمروا هذا البلد فأي سمو في العلاقة مع انسان الوطن ارفع من علاقة عبدالله بن عبدالعزيز بشعبه، ويكرر رحمه الله في خطاباته عمق التواصل مع شعبه فيقول إننا معكم نعايش أمانيكم وأحلامكم فلم يبق لنا من أمل شيء سوى خدمتكم والسهر على راحتكم وتفقد أحوالكم. إن المسؤولية المشتركة بين الجميع تفرض على كل مسؤول تقلد أمرا من شؤون هذا الشعب الكريم مسؤولية القيام بأمانته واضعاً نصب عينيه بأنه خادم لأهله وشعبه وما أعظمها من خدمة إذا توشحت بالأمانة والإخلاص والتفاني والعطاء والتواضع . وليعلم كل مسؤول بأنه مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى ثم أمامي وأمام الشعب السعودي عن أي خطأ مقصود أو تهاون، ويضرب المثل في الاخلاص ليقول ليعلم كل مواطن كريم على أرض هذا الوطن الغالي بأنني حملت أمانتي التاريخية تجاهكم واضعا نصب عيني همومكم وتطلعاتكم وآمالكم، فعزمت متوكلا على الله في كل أمر فيه مصلحة ديني ثم وطني وأهلي مجتهدا في كل ما من شأنه خدمتكم. فإن أصبت فمن الله وتوفيقه وسداده وان أخطأت فمن نفسي وشفيعي أمام الخالق جل جلاله ثم أمامكم اجتهاد المحب لأهله الحريص عليهم أكثر من نفسه. إنني من مكاني هذا أعدكم بأن أسعى لخدمتكم في كل أمر فيه صلاح ديننا ودنيانا هذا وعلى الله توكلت وبه استعنت واليه أنيب. ان رحيل انسان بهذا الحب لن يكون رحيلا عادياً لأننا وبكل تجرد وجدنا منه من العلاقة اكثر مما وجد الكثير منا من ابائهم والصور المثبتة لهذه العلاقة تزخر بها انفس الشباب وذكرياتهم وكذلك الكبار من الرجال والنساء، كذلك فان الحزن عليه اكثر من الحزن على الوالد لان الحزن على الوالد هو حزن خاص ولكن الحزن والفقد على عبدالله بن عبدالعزيز حزن عام وفقد بحجم الكون، وخسارة الوالد هي خسارة شخصية ولكن خسارة عبدالله بن عبدالعزيز خسارة للوطن ولأهله وللأجيال القادمة من بعدهم، فمن القائد على وجه البسيطة من ينزل الى الشعب ليجالسهم في اسواقهم ويأكل مما يأكلون ويشرب مما يشربون بل ويمازحهم ويقدم لهم مما يأكل منه ليشاركوه هذا الشغف الاسري، من غيره يشارك الفرحين به فرحتهم عندما زار المناطق في بداية حكمه ويلتحم معهم في لوحة من الثقة لا يمكن ان ترسمها لوحة فنان او قصيدة شاعر وهم يحملون السلاح ويردد معهم الاهازيج والاغاني حتى تحول الاحتفال من الفرحة به الى الفرحة بهم وراينا ان هذا الملك لا يستحق الفرحة فقط انما تهون لأجله الروح وفي صور كثيرة من تاريخ ولاية للعهد كان الشعب يجزم ان ثمة ارواحا تسكن روحه الطاهرة ويحملها بكل الحب ولا يمل من ذلك او يتعب وهي ليست ارواح شعبه السعودي فقط وانما شعوب الارض بكافة اجناسها وجنسياتها ومذاهبها ودياناتها احساساً منه ان مختلف الشعوب تستحق ان تعيش بمثالية معاً ويجمعها على ذلك الانسانية التي كان يمثلها بكل قيمها السامية ويضمن معها العيش الكريم لو طبقتها شعوب الارض. في كل رحلة له كنا نستودع الله دينه وامانته وخواتيم عمله ونتابع مسيرته ونفرح بما يقدم للمواطن السعودي واليوم قد توقفت روحه ولم تتوقف عطاءاته لان الوطن يعيش الان مزدهرا بمشاريع عملاقة بدأها رحمه الله ولم تنته بعد، وحتى بعد انجازها لن تتوقف ذكراه ولا الحنين اليه ولا الدعاء له وقد استودعناه الله الذي لا تضيع ودائعه ان يجعله في زمرة الصديقين والشهداء والصالحين ونساله ان يجزيه عما قدم خير الجزاء لوطنه ومواطنيه وامته العربية والاسلامية، والناس شهود الله في ارضه مترجمة الحب الصادق لمن احبها بصدق، والحزن الاليم على من يحزنه حزن شعبه وامته، وان كان المصاب جللا والفراق مؤلما فنحمد الله على قضائه وقدره ولا نقول في ذلك الا (انا لله وانا اليه راجعون) سيبقى الوطن بخير بخلافة سلمان الوفاء الذي نهل من معين الملوك السابقين حتى توشح بالمثالية وحب الوطن والمواطن والحرص عليه وعلى خدمته ونسال الله له العون والتوفيق والسداد وان يمتعه الله بتمام الصحة والعافية ليستكمل مسيرة البناء والنماء للوطن الكريم والمواطنين الاوفياء يعينه في ذلك اولياء العهد الصادقين والمتفانين في الخدمة والمستقوين بالله والراغبين في ازدهار الوطن وتقدمه وتذليل الصعوبات لمعيشة راقية لأهله.