اكتشاف نادر لشجرة «السرح» في محمية الملك عبدالعزيز    أرسنال يكتسح أتلتيكو مدريد برباعية في دوري أبطال أوروبا    الهلال يهزم السد بثلاثية تاريخية ويتربع على قمة «نخبة آسيا»    برعاية سمو وزير الثقافة.. منتدى الأفلام السعودي الثالث ينطلق اليوم    مسجد الغمامة.. عراقة العمارة والإرث    إصابة ياسين بونو أمام السد.. واللاعب يعتذر    الشباب يخسر أمام تضامن حضر موت بثنائية في دوري أبطال الخليج للأندية    الرياض يصحح الأخطاء    446 جهة وشركة من 34 دولة يشاركون في المعرض الزراعي السعودي 2025    روسيا تضرب شبكة الطاقة الأوكرانية وأوروبا تتحرك لإجبار بوتين على السلام    «عملية نقل الأتربة» إضافة جديدة لجرائم بشار الأسد    إيران تلغي اتفاق التعاون مع الوكالة الدولية    واشنطن تضغط لإطلاق المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة    سالم الدوسري تألق يتجدد ونجومية مستحقة    نجل كريستيانو رونالدو ينضم لمنتخب البرتغال تحت 16 عامًا    تعليم الطائف يطلق جائزة سمو محافظ الطائف " ملهم" للتميّز التعليمي في دورتها الثانية    الالتزام البيئي يطلق غدا التمرين التعبوي في سواحل المنطقة الشرقية    ختام المشاركة السعودية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب    إعادة إعمار غزة.. من المسؤول؟    العنزي مديرا للإعلام والاتصال    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي وزير الحج والعمرة    بين الغرور والغطرسة    اللواء المربع يدشن (4) خدمات إلكترونية للأحوال المدنية عبر منصة أبشر    القبض على 12 مخالفاً لتهريبهم (198) كجم "قات" بجازان    سابقة في فرنسا.. ساركوزي يدخل السجن    خام برنت يتراجع إلى 60.71 دولار للبرميل    وزير الخارجية ونظيره الهولندي يبحثان العلاقات الثنائية    أسواق العثيم تحصد جائزة المسؤولية الاجتماعية 2025 عن فئة الشركات العملاقة    ROX تطلق سيارتها الرائدة الجديدة ADAMAS SUV من أبوظبي    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    السعودية تؤكد دعمها الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الأمن والسلم    "دله الصحية" شريك تأسيسي في معرض الصحة العالمي 2025 و"عيادات دله" ترعى الحدث طبيّاً    العلا.. وجهة عشاق الطبيعة والفن والتاريخ    أمير القصيم يبارك للدكتور الحربي اختياره ضمن اقوى قادة الرعاية الصحية في الشرق الأوسط لعام 2025م    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11545) نقطة    ملتقى سعودي مجري لتعزيز الشراكة الاستثمارية في الرياض    وفد غرفة جازان يفتح قنوات صناعية مع كبرى شركات الإضاءة والطاقة في الصين    بيع شاهين فرخ ب 120 ألف ريال في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    نائب أمير الشرقية يطّلع على إنجازات وبرامج جامعة الأمير محمد بن فهد    محافظ بيش يستقبل شيخ شمل السادة الخلاوية والشابين المبدعين الشعفي    جمعية التطوع تطلق مركز (مفاز للإعلام الاجتماعي)    سعد سفر آل زميع للمرتبة الخامسة عشر    التدريبات الرياضية هي أفضل علاج لأوجاع التهاب مفاصل الركبة    صانع المحتوى وردة الفعل    تستهدف تصحيح أوضاع العاملين في هذه الأنشطة.. إطلاق اشتراطات أنشطة المياه غير الشبكية    بجانب 20 موظفاً أممياً.. الحوثيون يحتجزون ممثل اليونيسف في صنعاء    استقبل وزير الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: العمل التكاملي يعزز جودة خدمات ضيوف الرحمن    نائب ترمب: وقف إطلاق النار أمام تحديات كبيرة    استقبل الفائز بالمركز الأول بمسابقة تلاوة القرآن بكازاخستان.. آل الشيخ: دعم القيادة لحفظة كتاب الله يحقق الإنجازات    تسجيل 184 موقعاً أثرياً جديداً في السعودية    المساعدة القهرية    متلازمة المبيض متعدد الكييسات (2)    علماء يطورون ذكاء اصطناعياً لتشخيص ورم الدماغ    الوقت في المدن الكبرى: السباق مع الزمن    أمير القصيم يدشن مشروعي "التاريخ الشفوي" و"تاريخنا قصة"    خطر بطاريات ألعاب الأطفال    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحويل الوقف إلى شركة

إحدى الظواهر الإيجابية من جهة هي تنامي الأوقاف التي صارت شركات عائلية وغيرها توقفها في الفترة الأخيرة مع ضخامة عوائدها المالية لكن من جهة أخرى هناك مخاوف مطروحة ومبررة حول تراجع هذه العوائد بل وتأثيرها على الشركات الأم التي عادة ما يوقف مؤسسوها جزءاً من ثرواتهم بأسلوب مشاع وغير مقنن. الإشكالية التاريخية التي تؤكد وجود ضعف اقتصادي وإداري في هذه المؤسسة مؤكدة وهو الأمر الذي عادة ما يؤدي إلى تدهور الأوقاف وتعطلها. هذه الظاهرة التي تناقض الغرض الذي من أجله سن الوقف لابد أن يبحث في ظل المعطيات المعاصرة التي تتطلب إعادة النظر في آليات الوقف وأساليب استثماره وتكيفها مع الحاجة الراهنة بدلاً من الاستمرار في الأسلوب التقليدي لإدارة الوقف فهل يبحث الموقفون عن آلية أخرى غير الوقف أم أنه آن الأوان لإعادة منهجة الوقف كي يتخلص من كل مشاكله المتراكمة وينهض من عثراته التاريخية؟
هذا التساؤل يجعلني أثير سؤالاً مباشراً هو: كم هي موجودات وأصول هيئة الأوقاف وأنا على يقين بأنها مليارات الريالات وهي أصول لا تستثمر بالشكل الذي يحقق العائد الاستثماري المناسب لهذه الأوقاف والدليل ضعف العوائد الناتجة عن هذه الأوقاف مما يؤكد أن هناك مشكلة في إدارتها. الذي جعلني أفكر في الموضوع هو اصطدامي شخصياً بعدد من الأوقاف المهملة في العديد من المدن والقرى التاريخية في المملكة وكيف أن هذه العقارات منسية ومنزوية وتحولت إلى خرائب بينما فرصة استثمارها سانحة ويمكن أن تحقق عائداً كبيراً على المستفيدين منها. أتذكر حواراً مع أحد أساتذتي حول الوقف في مطلع التسعينات فقد كان يرى أن تشتت المسؤولية في مؤسسة الوقف تجعل من هذه الآلية الخيرية غير مجدية، وفكرته كانت مبنية على تراجع العديد من الأوقاف بالتقادم وفقدها لأهميتها الاقتصادية بعد جيل أو جيلين، إضافة إلى عدم تطور الأساليب الإدارية والاستثمارية المرتبطة بالوقف. هذه الإشكالية تجعل من "الوقف" مشكلة وليس حلاً، ومع ذلك فلا يوجد لدى الكثير من رجال الأعمال الراغبين في تخصيص جزء من ثرواتهم لأعمال الخير سوى الوقف.
ومع ذلك يجب أن أقول أن الحوار الذي دار بيني وبين رجل الأعمال عبدالله بن عبداللطيف الفوزان حول "مأسسة الوقف" بأسلوب معاصر فتحت عيوني على العديد من الفرص التي يمكن أن يقدمها الوقف لمجتمعنا المعاصر. بالنسبة للأستاذ الفوزان، الوقف ليس فقط مجرد حرية شخصية بيد الموقف بل هي التزام ويفترض أن يستمر تأثير هذا العمل لأطول فترة ممكنة، كما أنه يجب أن لا يؤثر قرار الموقف على الشركة الأم التي هي شريك ومؤسس لها وبالتالي فكر في تطوير شركة وقفية قابضة يقوم الشركاء المؤسسون بوقف الحصص التي يرغبون في هذا الشركة ووفق صياغة وشروط محددة تجعل من الشركة الوقفية تعمل بشكل مستقل عن الشركات التي يملكها الموقفون لكنها لا تضعف بالتقادم فهي مؤسسة حسب نظام استثماري واضح ينمو ويتطور.
الفكرة رائعة وأرى أن هيئة الأوقاف يجب أن تفكر من الآن في إعادة برمجة تشكيلها المؤسسي كي تجعل من أصولها شركات استثمارية ويمكن أن تقوم بتأسيس عدة شركات في كل مناطق المملكة تستثمر الأوقاف وتعيد إليها الحياة. في اعتقادي أن هذه الخطوة مهمة جداً فالتحول من الذهنية التقليدية في إدارة الوقف إلى الذهنية الاقتصادية الاستثمارية لا ينمي الأوقاف فقط بل يحل مشكلة عمرانية كبيرة تعاني منها المملكة وكثير من المدن العربية التاريخية كما أنه يضمن ريعاً استثمارياً يمكن أن يساهم في حل العديد من مشاكل الفقر ويمكن أن يوفر مجالات عمل متعددة تساهم في حل مشكلة البطالة. المسألة مرتبطة بالتفكير خارج الصندوق والمثال الذي طرحه الفوزان يستحق الدراسة فهو يقدم حلاً غير تقليدي لمشكلة تاريخية مزمنة.
الأمثلة العملية التي تحدث عنها الفوزان نتيجة هذا الفكر الجديد في إدارة الوقف مدهشة فعلاً، فقد تحدث الأمين العام لمؤسسة "إطعام" الأستاذ حمد الضويلع وهي إحدى المؤسسات الخيرية التي تستفيد من الشركة الوقفية القابضة وتقوم بتنظيم توزيع الطعام الزائد على مستوى المملكة، كيف أن هذه المؤسسة تعمل بذهنية مؤسسية وكأنها شركة من حيث التعبئة والتغليف والتوزيع مما يجعل العمل متميزاً. هناك مؤسسة أخرى هي "ارتقاء" وتهدف إلى الاستفادة من الأجهزة الإلكترونية التي يتم الاستغناء عنها وإعادة توزيعها مع حزم تدريبية. العمل الخيري الذي ينتجه "الوقف المؤسسي" الاستثماري يعمل وفق منظومة متكاملة تسير على نفس النهج الإداري والاقتصادي وهذا في حد ذاته يعتبر قفزة في فلسفة الوقف نفسها ونقلة نوعية يمكن التعلم منها من أجل إعادة بناء مؤسسة الوقف برمتها.
الفكرة هنا تؤكد الانتقال من الوقف الفردي إلى الوقف المؤسسي الذي يتبعه خطط ويحتاج إلى متخصصين مؤهلين لمثل هذا العمل، وهذا ما فكر فيه الفوزان عندما أسس أكاديمية مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لتأهيل وتدريب متخصصين في العمل الخيري من خلال تبني ثلاثة برامج تبدأ من عدة أسابيع إلى الدبلوم لمدة تسعة شهور والماجستير لمدة سنتين أو أكثر. العمل المؤسسي يحتاج إلى التكامل وسد الثغرات وتشخيص المشاكل ومحاولة حلها لا الاعتماد على الأحلام والعيش فيها. هذه التجربة تؤكد على أننا قادرون، إذا ما أردنا، أن نجعل من الوقف مؤسسة اجتماعية/اقتصادية معاصرة ومتطورة.
في اعتقادي أنه أصبح من الضرورة بمكان تجديد فكر الوقف وفلسفته وطرح آلية جديدة مختلفة عن السابق، لأن التجارب السابقة في إدارة الوقف لم تكن ناجحة بل إن الشواهد التاريخية تؤكد تدهور الأوقاف وضياعها على مر الزمن. التحدي هنا هو كيف يمكن جمع هذه الأوقاف عبر نظام اقتصادي متطور وقابل للمتابعة والمحاسبة، وكيف يمكن تطوير مصارف الوقف بحيث يؤدي أهدافه الإنسانية والاجتماعية التي شرع من أجلها. هذا يتطلب البحث في التجارب الناجحة ووضع آليات تمنع من تشتت الأوقاف وضياعها وغياب المسؤولية فيها.
لمراسلة الكاتب: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.