الانتماء الوطني والمواطنة: ركيزتان لبناء المجتمع وترسيخ الهوية    ما تكشفه تدفقات النفط الروسية حول قطاعي الطاقة في سوريا ولبنان    9 بنود في خطة ترمب لإنهاء حرب غزة    الهلال يتغلّب على ناساف الأوزبكي بثلاثية في دوري أبطال آسيا للنخبة    انطلاق معرض إنترسك السعودية بنسخته ال (7) في الرياض    الحقيل: برامج لدعم الأسر محدودة الدخل وإعلان مستحقي الأراضي نوفمبر المقبل    الشورى لبنك التنمية الاجتماعية: استثمروا في التمويل الجماعي    7 موضوعات ملهمة تعزز الوعي والتحصين بجازان    81 مليار ريال استثمارات السعودية في البنية التحتية الثقافية    وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث تعزيز التعاون الصناعي مع نظيره الفيتنامي    تنظيف شاطئ النخيل    جمعية رعاية ا الأيتام بنجران تحتفل مع أبنائها الأيتام في برنامج عناية باليوم الوطني 95    بحضور الأمراء.. نائب أمير مكة يشارك في صلاة الميت على الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    لا للتهجير أو الاحتلال.. البيت الأبيض ينشر خطة ترمب لإنهاء الحرب في غزة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان يلقي كلمة ضمن برنامج تماسك في الكلية التقنية بصامطة    نائب أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    232 مليار ريال استثمارات تجعل المملكة نموذجًا عالميًا في استدامة المياه    طريق الأمير محمد بن سلمان يحقق الانسيابية المرورية ويعزز المشهد الحضري    الاتحاد يرد على تقارير رحيل بنزيما    معرض الرياض الدولي للكتاب.. من فعالية ثقافية إلى محطة محورية لعشاق النشر والقراءة    الهلال يتفوق على ناساف في الأسيوية    إجازة لستة أيام ومباراة ودية للفتح خلال فترة التوقف الدولي    محافظ صبيا يكرم مدير مكتب التعليم بمناسبة انتهاء فترة عمله    قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران تنظم معرضًا أرضيًا للطائرات    طالب الطب الصعيري يكتشف خطاً علمياً في أحد أبرز المراجع الطبية العالمية بتخصص الجراحة    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد المنطقة الشرقية بمناسبة تكليفه    بلدية الظهران تطلق مبادرة "ظلهم علينا" بالتعاون مع جمعية هداية    "سعود الطبية" تنظّم ملتقى "صوت المستفيد يقود التغيير"    أمير الرياض يستقبل نائب وزير الحرس الوطني    مفردات من قلب الجنوب 22    الهيئة السعودية للتخصصات السعودية تعتمد برنامج طب التخدير في تجمع تبوك الصحي    فعد الغامدي إنجاز غير مسبوق لأول سعودي يحصد تصنيف "الإيكاو" الدولي    محافظة الفرشة بتهامة قحطان تحتفل باليوم الوطني 95 وسط حضور جماهيري واسع    وزارة الرياضة تصدر بيانًا حول أحداث مباراة العروبة والقادسية في كأس الملك    خلال مشاركته في المؤتمر السعودي للقانون.. وزير العدل: التشريع في المملكة يرتكز على الوضوح والمشاركة المجتمعية    حائل تستضيف كأس الاتحاد السعودي للهجن للمرة الأولى    محطماً رقم رونالدو وهالاند.. كين أسرع لاعب يصل للمئوية    الدوري الإنجليزي.. آرسنال ينتزع فوزاً قاتلاً من نيوكاسل    أكد التزامها بالتنمية المستدامة.. وزير الخارجية: السعودية تترجم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لواقع ملموس    عسير: فرع هيئة الصحفيين ينظّم ندوة "الخطاب الإعلامي للوطن؛ بين ترسيخ الهوية وتعزيز القيم"    أحمد السقا ينجو من الموت بمعجزة    طهران توعدت برد حازم ومناسب.. إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران يشعل التوتر    ترحيب دولي باعتراف سان مارينو بدولة فلسطين    أول محمية ملكية سعودية ضمن برنامج اليونسكو    «هيئة الشورى» تحيل 20 موضوعاً للجان المتخصصة    صالات النوادي والروائح المزعجة    ورقة إخلاء الطرف.. هل حياة المريض بلا قيمة؟    السودان: 14 مليار دولار خسائر القطاع الصحي بسبب الحرب    ترمب يجتمع بكبار القادة العسكريين    أكثر من 53 مليون قاصد للحرمين خلال ربيع الأول    نائب أمير الرياض يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    "الشؤون الإسلامية" تواصل جهودها التوعوية في الجعرانة    المتطوعون يشاركون في احتفالات أمانة الشرقية باليوم الوطني    السلامة الغذائية    تقنية البنات بالأحساء تطلق المسابقة الوطنية للأمن السيبراني    مزاد نادي الصقور السعودي 2025.. خدمات متكاملة تعزز الموروث وتدعم الطواريح    التحالف الإسلامي يطلق دورة تدريبية لتعزيز قدرات الكوادر اليمنية في مجال محاربة تمويل الإرهاب    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وعي المواطن يقطع الطريق على المحرّضين..!
أمامنا تحديات سياسية وأمنية وفكرية تحتاج إلى «استراتيجية وطنية» للمواجهة
نشر في الرياض يوم 12 - 01 - 2015

يواجه وطننا اليوم الكثير من التحديات السياسية والأمنية والفكرية التي تتطلب وعياً مجتمعياً بتداعياتها؛ فالمواطن الواعي والمدرك لمسؤولياته هو حجر الأساس الذي تعول عليه الدولة في مواجهة تلك التحديات، لا سيما في مواجهة الأعداء الطامعين والحاقدين، ممن لم يدخروا جهداً في محاولاتهم البائسة لجذب المواطن نحو فكرهم وأهدافهم، من خلال تضخيم الأحداث البسيطة الطبيعية أو تقليل وتحجيم منجزات الوطن ورجاله مستغلين كل وسائل التشويه، والتحريض، والتشكيك، والتأليب، سعياً لأن يفقد ثقته بقيادته وعلمائه ووطنه.
ويبقى الأهم أن تدرك مؤسسات الدولة أهمية الوعي الرصين للمواطن في هذه المرحلة والمنعطفات التاريخية لتعمل بجدية على زيادة ورفع مستويات الوعي في جميع القضايا التي لا تتطلب مواجهتها أكثر من الوعي بخطورتها وأهدافها.
آثار الثورات
أوضح "د.علي بن حمد الخشيبان" –كاتب صحفي ومحلل سياسي– أنّ المملكة من أقوى الدول في المنطقة من حيث الاستقرار السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، وهذا ما انعكس خلال موجة الثورات السلبية التي عصفت بالمنطقة العربية خلال الأعوام الأربعة الماضية، حيث تمكنت المملكة ودول الخليج تحديداً من التعاطي الإيجابي مع هذه الأزمات، ونتيجة طبيعية للهزات السياسية التي عصفت في المنطقة؛ فإنّ المملكة كغيرها من الدول أصبح لزاماً عليها أن تواجه تحديات جسيمة، نتجت عن الآثار السلبية لموجة الثورات العربية.
د.الخشيبان: الإسلام المؤدلج انكشف أمام البحث عن السلطة
وقال إنّ المنطقة العربية في مجملها هشة سياسياً؛ لذلك فإن الرهان الدائم نحو الاستقرار يعتمد وبشكل كبير على وعي المواطنين وقدرتهم على تحمل ومواجهة التحديات، والمملكة تشعر بأهمية ترسيخ وتعزيز دور المواطن في مواجهة التحديات بجميع أشكالها وأنواعها: الأمنية، والاقتصادية، والسياسية، مبيّناً أنّه إذا نظرنا إلى ما تمخضت عنه الثورات العربية من بعد إيديولوجي ارتبط ببروز مفاجئ لظواهر الإسلام السياسي، الذي أربك التقييم الطبيعي للموقف السياسي في كثير من المجتمعات، وأصبح هناك خلل في فهم مدلولات الإسلام الحقيقية؛ ما ساهم في تداخل معقد بين الإسلام الطبيعي النقي من التحزبات والثورات والنزاعات، وبين الإسلام المؤدلج الذي تبنته جماعات إسلامية كان هدفها الوحيد اعتلاء منابر السلطة فقط، من خلال ركوب موجة التدين والتطرف.
وأضاف أنّه أصبح هناك ضرورة ملحة لتعزيز الوعي لدى المجتمع، منذ بروز هذه الجوانب الفكرية والسياسية متزامنة مع الثورات العربية، فهناك محاولات حثيثة من قبل فئات وجماعات بهدف التأثير على الوعي المجتمعي في المملكة، باستخدام البعد الديني، وهنا تكمن خطورة نقص الوعي السياسي لدى أفراد المجتمع، عندما يتم استخدام البعد الديني للتأثير على البعد السياسي السائد.
وأشار إلى أنّ المجتمع مطالب بأن يدرك بأنّه يعيش في بلد الإسلام وقبلة المسلمين، حيث الحرمان الشريفان، وهذا النهج الذي بنت عليه المملكة سياستها منذ تأسيس المملكة قبل حوالي أربعة قرون، لافتاً إلى أنّ هذا النهج لا يقبل المزايدة أو التشكيك من المتربصين بأمن هذا الوطن واستقراره، وعلى المجتمع وجميع أفراده أن يدركوا أنّ هناك أعداءً منتظرين، ممن يحاولون أن يخلطوا بين المفاهيم في كثير من القضايا المطروحة سياسياً، وفكرياً، بهدف تشتيت الوعي المجتمعي.
عملية تربوية
وبيّن "د.الخشيبان" أنّ المجتمع اليوم مطالب بجميع أفراده أن يعلم بأن التحديات السياسية التي تحيط بالمملكة من كل جانب لن يكون لها تأثير يذكر؛ إذا ما كان هناك وعي بحقيقة استهداف الوطن، وعلى الجميع أن يدرك أنّ المملكة التي بنت قواعدها السياسية على رعاية الإسلام النقي، لا يمكن أن يطالها الشك حول تطبيق النهج الإسلامي المعتدل وتحكيم شرع الله، وعلى المجتمع أن يكون حاضر الذهن في الرد على كل من تسول له نفسه انتقاص هذا الوطن أو منهجه الإسلامي المعتدل.
وأضاف أنّ المواطن اليوم مسؤول عن الدفاع عن منهج الإسلام المتزن في هذا الوطن، من خلال عدم السماح للأفكار الحزبية والمتطرفة والطائفية بأن تجد لها مكاناً وموقعاً في المساحة الفكرية للمجتمع أوأي فرد من أفراده، لافتاً إلى أنّ الوعي السياسي للمجتمع متحقق بدرجة كبيرة، معتبراً وقوف المجتمع مع دولته خلال الثورات العربية دليل مؤكّد، فالمجتمع يتوافق فكرياً وثقافياً مع توجهات الدولة؛ كونها بلدا إسلاميا، والكثير من المحاولات البائسة لزعزعة هذه الثقة تحطمت على جدران اللحمة الوطنية.
وأشار إلى أنّ المطلوب اليوم من الجميع سواءً المؤسسات الحكومية أو من المفكرين والمثقفين ورجال الدين أن يساهموا في صد هذه التيارات الفكرية التي تتعمد الخلط بين المواقف السياسية والفكرية؛ بهدف تكوين مسارات يمكن من خلالها الولوج إلى المجتمع والتأثير عليه، وهنا يجب أن ندرك أن تعزيز الوعي الوطني مطلب مهم للحفاظ على ترابط مكونات هذا المجتمع والمحافظة على مكتسباته، مبيّناً أنّ الوجهة الأهم في عملية تعزيز اللحمة الوطنية هو العمل مع الجيل الجديد من الأبناء والبنات وتقوية المشاعر الوطنية والولاء السياسي، من خلال التعليم والمؤسسات الإعلامية، فالفخر بالوطن عملية تربوية وإعلامية في المقام الأول.
جهود قاصرة
ولفت "د.سلطان العنقري" -مدير عام مركز أبحاث مكافحة الجريمة الأسبق- إلى أنّ واقع الحال يقول إن مجتمعنا يواجه عدة تحديات؛ بسبب كونه من المجتمعات الخليجية المستقرة أمنياً، وسياسياً، واجتماعياً، واقتصادياً، فهي تلك جبهات داخلية متماسكة، ووحدة وطنية، وأمن وطني مستقر، ولكن المملكة على وجه الخصوص تنفرد بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وزادها تميزاً أنّها تحتضن قبلة المسلمين؛ ما جعلها تواجه تحديات جمة، وبدون وعي المواطن وتفهمه لتلك التحديات تصبح جهود الأجهزة الأمنية قاصرة، منوهاً بأنّ رجل الأمن ما هو إلاّ مواطن يحمي وطنه، ويحتاج للعون والمساعدة.
د.العنقري: المصالح الشخصية و«تقليدية المعالجة» أضرتا بنا
وقال إنّ حماية المجتمع وتماسك جبهته الداخلية هما مسؤولية مشتركة، لافتاً إلى أنّ الذي يفسد التكاتف لمواجهة التحديات تغليب المصالح الشخصية الضيقة على مصالح المجتمع العليا، فهناك مجتمعات تمزقت بسبب التناحر على المناصب والزعامات، إلى جانب الفكر المنحرف الضال الذي يريد إقصاء وتهميش الآخر وفرض الوصاية عليه، مؤكّداً أنّ وعي المواطن مرهون بتفهمه للأخطار المحدقة بالمجتمع من كل حدب وصوب، وعلى الرغم من الإيمان بذلك، إلاّ أنّ بعض مؤسسات المجتمع لم تستثمر ذلك بالشكل الأمثل، حيث إنّ هناك قصوراً في دور المساجد ومنابر الجمعة، إلى جانب سكوت بعض أهل العلم الشرعي عن التصدي للأفكار الهدامة، والرد على الفتاوى المسيّسة.
ما حولنا من أحداث واضطرابات تزيدنا قناعة بأهمية تحصين «الجبهة الداخلية» بالعمل والتنمية والحفاظ على المنجزات
وأضاف أنّ الإعلام التقليدي أو الجديد في جميع دول العلم هو ليس بإعلام حر مطلق، بل هو إعلام مقيد وموجه؛ لأنّ الإعلام يفترض أن يكون مع توجهات المجتمع ويخدم مصالحه العليا، بل ويحميها، إلاّ أنّ الإعلام هنا ما زال دوره قاصراً، وليس لديه برامج تعالج هموم ومشاكل الشباب، حتى لا يحتضنهم من لا يخاف الله، ويكونوا ضحايا للجماعات المتطرفة.
وأشار إلى أنّ الجامعات عليها دور في نبذ التعليم التقليدي الذي كان معتمداً على الحفظ، والتلقين، وإقرار نهج التعليم الحديث الذي يحفز الفكر على الإبداع، ويشجع على الحوار الهادئ وتقبل الآخر بسلبه وإيجابه، ويؤمن بأنّ الاختلاف ظاهرة صحية تؤدي بالحوار الهادئ إلى تطوير وتنمية المجتمعات.
حرب الشائعات
وأكّد "حمد القاضي" –عضو مجلس الشورى الأسبق– أنّ التحديات الفكرية تأتي في طليعة التحديات التي تواجه المملكة، حيث يواجه الشباب تحدياً كبيراً في رؤاهم تجاه دينهم ووطنهم، مستشهداً بما قاله الأمير نايف بن عبدالعزيز –رحمه الله-: "وراء كل عمل إرهابي أو إجرامي فكرة منحرفة"، مبيّناً أنّ المملكة دائماً سباقة ورائدة في مواجهة الفكر المتطرف بالعديد من المعالجات، التي تهدف إلى التحصين الفكري، والتوعية، والمناصحة، مضيفاً بأننا متى ما استطعنا إيجاد تلك الحصانة الفكرية لدى أبناء الوطن والشباب تحديداً نستطيع أن نقف سداً منيعا تجاه تلك التحديات التي تواجهنا، لافتاً إلى أنّ الإشكالية الكبيرة اليوم هي أنّ تلك التحديات الفكرية لم تعد قادمة من ثقافة محددة ككتاب، أو قناة تلفزيونية، أو صحيفة معينة، بل جاءت عن طريق الشبكة العنكبوتية، حيث استغلت برامجها وتطبيقاتها ومواقعها وأعدت بطرق احترافية للنيل من جميع مكونات الوطن، وتهديد منجزاته، من خلال التأثير على فكر شبابه.
د.القاضي: ننتظر خطاباً يتناغم مع ايقاع العصر ويحتوي الشباب
وقال إنّ مواجهة تلك التحديات يجب أن تكون في مقدمة اهتماماتنا، وعلى مستوى عال من الدقة والمتابعة الدائمة، بحيث نواجه هذه الحرب الفكرية بما يلائمها ويتناغم مع العصر، مبيّناً أنّ هناك دورا رئيسا لمنابر الجمعة المسموعة، حيث إنّ لها تأثيرا كبيرا على الجميع، إلى جانب مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، الذي يُنتظر منه أن يكثف من نشاطاته عن طريق الحوار بملامسة تلك التحديات، ووضع الطرق والسبل والمناهج التي من شأنها ألا تجعل هذه التحديات قوية التأثير، بل تهزم بالوعي القوي والخطاب النابع من سماحة الإسلام ومن تاريخ الوطن.
وأضاف أنّ المؤسسات المجتمعية عليها أن تزيد من دورها وجهودها، إذ لم تعد المواجهة البسيطة والمتواضعة بإمكاناتها وسياستها كافية، بل تحتاج إلى مواجهة شاملة ومتعمقة تصل لكل شاب عبر خطاب مقنع يعتمد على العقل والمنطق والإقناع، مؤكّداً أنّ كل زمن له خطابه والخطاب اليوم يجب أن يكون خطاباً يتناغم مع إيقاع العصر، ويخاطب الشباب بما يفهمون حول تلك التحديات التي تواجه أمن وطنهم وفكرهم، وقبل ذلك تواجه دينهم الإسلامي، خاصة بعد تنفيذ " شراذم" منحرفين فكرياً أعمالاً إرهابية شوهت سماحة الإسلام، وعكست صورة سلبية عن مجتمعهم.
وأشار إلى أنّ المواطن عليه ألا ينساق خلف كل ما يقرأه أو يسمعه من المواقع والبرامج، ويجب عليه أن يفكر بعقله، ويدرك أنّ هناك من لا يريد به أو ببلاده خيراً، وبالتالي يحكم عقله وتوجهاته، مؤكّداً على أنّ من ضمن التحديات التي نواجهها تلك الشائعات التي تؤثر في أمن الوطن واستقراره ونمائه، وتوجد البلبلة بين أبنائه، إذ يفترض ألا نعيد تداولها وننقلها بيننا، من خلال كافة وسائل الاتصال وبرامج التواصل الاجتماعي، وأن نوحد موقفنا ولا نتفاعل معها؛ كي تموت في مهدها، مبيّناً أنّه مهما كانت المؤسسات الحكومية والمجتمعية قائمة بدورها لن نصمد أمام تلك التحديات الفكرية، إذا لم يكن المواطن هو السند الحقيقي لها في مواجهة التحديات والحفاظ على أمن الوطن، والحفاظ على الفكر النقي في بلادنا.
‫وعي قاصر
وذكر "فضل بن سعد البوعينين" -محلل اقتصادي– أنّ المراهنة على وعي المواطن قد لا تكون مضمونة، إذا لم يكن هناك عمل ممنهج لزيادة الوعي، من خلال الشفافية، والحوار، والتوجيه الاحترافي، وتدفق المعلومات التي يمكن من خلالها بناء المخزون المعرفي المعين على تحقيق متطلبات الوعي السليم، معتبراً أنّ الوعي العام ما زال قاصراً في كثير من القضايا الوطنية؛ ما سمح لأطراف خارجية وداخلية بتوجيه المجتمع في بعض القضايا الحساسة، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أو عن طريق الشائعات، أو حتى اللقاءات الإعلامية الموجهة، أو تغييبه عن قضاياه الحساسة والتحديات الكبرى التي يمكن أن تؤثر في أمنه واستقراره.
البوعينين: الوعي لا يتحقق بلا إعلام شفّاف ينقد بموضوعية
وقال إنّ مشكلة المجتمع السعودي أنّ أفراده منخرطون في جميع القضايا الداخلية دون تخصص، وهذا يجعلهم أكثر انغماساً في موضوعات تحتاج إلى الوعي التام قبل الخوض فيها أو بناء رأي تجاهها؛ ما قد يتسبب في مشكلات متشعبة لا يمكن حصرها، إلى جانب أن ولوغ العامة في القضايا الخاصة يتسبب في إحداث فجوات فكرية؛ يمكن ملؤها من قبل المتربصين شراً بالمجتمع، مبيّناً أنّ الإدراك بحجم التحديات التي يواجهها الوطن قد لا يكون متاحا لجميع المواطنين، ولكن هناك شريحة منهم تدرك بدقة التحديات التي يواجهها الوطن، وهناك من يدرك جانباً من تلك التحديات وتغيب عنه جوانب أخرى؛ ما يؤثر سلباً في قدرته على ربط التحديات ببعضها، وتفسير القرارات المتخذة حيالها.
وأضاف أنّه لو أخذنا على سبيل المثال التحديات الاقتصادية؛ نجد أنّ البعض يتعامل معها بمعزل عن التحديات السياسية، والاجتماعية، التي تؤثر وتتأثر بها، وهذا قد يحد من الفهم الشمولي للقرارات الحكومية المتخذة حيال القضايا الحساسة، مبيّناً أنّ المملكة تواجه تحديات كبرى في سوق النفط وحجم الإيرادات، وخطط التنمية المستقبلية، وهي أمور حساسة جداً، وعلى الرغم من إدراك المواطنين لحجم أزمة النفط الحالية، إلاّ أنّ وعيهم بانعكاساتها من جهة، وبجهود الحكومة وإستراتيجيتها تجاهها من جهة أخرى، لم يصلا بعد حد المأمول!، وهذا ما يتسبب في تأثر المجتمع بالتقارير والتدفقات الإعلامية أكثر من الرسائل الحكومية الشفافة.
وأشار إلى أنّه على مستوى التجارة؛ نجد أن وعي المواطن بأضرار قضايا التستر أقل مما يجب، وهذا أسهم في تفشي هذه الظاهرة، رغم أخطارها الشنيعة على الاقتصاد، والمجتمع، والأمن بشكل عام، لافتاً إلى أنّ وعي كثير من المواطنين المتدني بمخاطر التستر الأمنية، والاقتصادية، والمجتمعية، تسبب َ في الإضرار بالاقتصاد والمجتمع بشكل عام، مبيّناً أنّ هناك التحديات الأمنية التي يقصر وعي كثير من المواطنين دونها، ولو كان الوعي مرتفعاً في هذا الجانب لما رأينا تمدد الفكر المتطرف، ولما رأينا بعض التأييد للخوارج الذين يهددون أمن واستقرار الوطن، ولما وجدنا جماعات تتحزب لأعداء الأمة ضد وطنهم وحكومتهم وشعبهم.
استراتيجية وطنية
وشدد "د.البوعينين" على أنّه إذا كنا نتحدث عن وعي المواطن فلا بد من الحديث عن وعي الإعلام برسالته الوطنية، التي يفترض أن يكون لها الأولوية دائماً، معتبراً أنّ الإعلام السعودي لا يتعامل بكفاءة مع القضايا الوطنية، خاصةً مع القضايا الأمنية التي تحتاج إلى تعاط محترف لإيصال الرسالة بالشكل الدقيق والمحقق لمصلحة الوطن، حيث إنّ التغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية مثلاً لا تصل حد الكفاءة، خاصةً من حيث التركيز، والشمولية، والتغطية الإغراقية، خصوصاً وأنّ قضية الإرهاب من أخطر القضايا التي يواجهها الوطن، ومع كل ما تحتويه من مخاطر نجد أنّ إعلامنا يتعامل معها بشكل وقتي، ثم يختفي تماماً عنها.
وقال إنّ تعاطي المواطنين وبعض المؤسسات الإعلامية والحكومية مع التحديات التي تواجهها المملكة ما زال أقل من المأمول، خاصةً التحديات الأمنية، وللأسف الشديد أنّ بعض قادة المجتمع يسهمون في تضليل المجتمع وإساءة قيادته، معتبراً أنّ هذا قد يتسبب في مشكلات أمنية لا حصر لها، إضافة إلى أنّ مؤسسات المجتمع المدني -ولأسباب تنظيمية- لم تسهم في رفع وعي المواطنين بالتحديات الأمنية، وهي مقصرة في هذا الجانب.
وأشار إلى أننا في حاجة إلى وضع إستراتيجية وطنية لمواجهة التحديات، وجعل المواطن جزءا رئيسا منها، إضافةً إلى ترسيخ سياسة الشفافية، والحوار، وتدفق المعلومات، التي يمكن من خلالها بناء المخزون المعرفي المعين على تحقيق متطلبات الوعي السليم، كما أننا في أمس الحاجة لوضع إستراتيجية إعلامية تكرس المواطنة، والانتماء، وتدافع عن الوطن، وتسهم في توجيه الرأي العام بما يخدم الوطن والمواطنين.
فضل البوعينين
حمد القاضي
د.سلطان العنقري
د.علي الخشيبان
الوعي يوقف المحرّضين على شبكات التواصل الاجتماعي
الانفتاح على المرأة كشريك في تنمية المجتمع مؤشر على الوعي
منبر الجمعة أكثر تأثيراً في بناء خطاب ديني معتدل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.