تحوّل معرض الرياض الدُولي للكتاب في السنوات الأخيرة إلى أكثر من مجرَّد معرض تقليدي للكتب، ليصبح حدثًا ثقافيًّا ضخمًا ينتظره القرَّاء والنَّاشرون والمثقَّفون بفارغ الصَّبر. هذا التَّغيير لم يأتِ من فراغ، بل بدأ بوضوح بعد أن تولّت هيئةُ الأدب والنَّشر والتَّرجمة تنظيمَ المعرض والإشراف عليه، فدخل في مرحلةٍ جديدة من التَّنظيم والاحترافية والاتّساع. المعرض بات منصَّةً حيويَّة للنَّشر، ومساحةً تفاعليَّة تجمع كلَّ مَن له علاقةٌ بالكتاب، من كاتب، وناشر ومترجم وقارئ، ومع كلِّ دورة جديدة، يثبت أنَّه أكثر من مجرَّد سوق لبيع الكتب، بل نقطة التقاءٍ للأفكار وتبادل الثَّقافات، فضلًا عن المشاركات الدّوليَّة المتزايدة، أصبح المعرضُ واجهةً مشرّفة تعكس الحراك الثَّقافي في السّعودية والمنطقة. ولا يخفى على أحد أنَّ معرض الرِّياض صار موسمًا حقيقيًّا لدُور النَّشر، تستعدُّ له قبل أشهر بإصدارات جديدة، وتشاركُ فيه طمعًا في الوصول إلى جمهورٍ واسع متعطّش للقراءة. الزُّوَّار بدورهم، من مختلف الأعمار، يجدون فيه تجربةً متكاملةً تجمع بين التّسوّق الثّقافيّ، وحضور النَّدوات، واللقاء مع المؤلِّفين والمبدعين. أمّا من النّاحية الثَّقافيّة، فقد أضاف المعرض زخَمًا كبيرًا للمشهد الأدبيِّ في المملكة. كتنظيم الفعاليّات، وجلسات الحوار، وورش العمل، وتكريم الشَّخصيّات الثّقافية، وكلّها أمورٌ جعلت منه حدثًا ينتظره النّاس كلَّ عام، ويخطِّطون له كما لو كان مهرجانًا كبيرًا. مع هذا التَّطوُّر، أصبح من الواضح أن معرض الرّياض الدولي للكتاب لم يعد فقط حدثًا سنويًّا، بل تحوّل إلى ركيزةٍ مهمَّة في صناعة الكتاب والنّشر في العالم العربي، ومنصةٍ حقيقيّةٍ تعكس تطلّعات رؤية السّعودية 2030 التي تضع الثَّقافة في قلب التَّنمية.