لم يكن الخطاب السعودي في أي زمن يخضع لضغوط معينة تجعله يخرج عن مساره الصادق والواضح,, واضعا المنطلق الحقيقي للمنهاج الذي يمنح مضمونا ويعطي للمتعامل مع السياسة السعودية الثقة والتوازن والبعد المستقبلي الآمن. المملكة العربية السعودية في تاريخها لم تقفز على الأسوار أو تتجاوز الحدود أو ترفع شعارات فارغة أو تملأ الشوارع واماكن العبادة بالصور والتماثيل ولافتات تحمل عبارات براقة خادعة لتفرض لغة خطاب تهديدي وتمجيدي أو تأكل خبز الشعب وتحوله إلى صور وكلمات واحتفالات وأعياد لا نهاية لها. الخطاب السعودي يملك مقومات تفرض الاحترام والتقدير بالمنطق والواقع لافرض قوة برفع العصا على الرؤوس وتصويب المدافع والبنادق صوب الناس المغلوبين على أمرهم لرفع صورة وشعار وكلمات لايقتنع بها المواطن,, هنا يختلف عن هناك حيث التلقائية في التعامل بين المواطن والقيادة,, العلاقة مختلفة,, البنية مختلفة,, علاقة تقوم على العنف في أوطان أخرى,, وعلاقة تقوم على الود في وطن كان يتهم الى وقت قريب بالرجعية والتخلف والامبريالية وغيرها من الكلمات التي أثبتت المواقف لمن تلك الكلمات أو من يلبسها على مقاسه,المنظور العام للخطاب السعودي يرسم مضامين واضحة,, بقراءة التاريخ بالتحديد خلال عهد الملك عبدالعزيز (رحمه الله) هناك منهجية يتضمنها الخطاب لازالت متواصلة تعتمد في منطوقها على الدين الاسلامي الحنيف وهو مرتكز سارت عليه الدولة وتحول إلى دستور,, ففي خطاب للملك عبدالعزيز ألقاه في موسم حج 1365ه/ ، 1946م قال فيه (يجب ان يتطهرالمسلمون من البهرجة والزيف وان يتمسكوا بدينهم وخير ما يجب في هذا الصدد ان يتقي الإنسان في دينه والمحافظة على العمل به كما اشتمل عليه من الفضائل ومن اتخذ الدين نبراسا له اعانه الله ومن تركه خلف ظهره خذله الله),، ويقول في خطاب آخر ألقاه في بداية شهر ذي الحجة عام 1350ه -1/ ابريل 1932م (مسألتان لا يمكن ان نقبلهما ولو قاتلنا أهل الأرض حتى لا يبقى فينا احد وهما التغيير في دين الله ولو مثقال خردلة لانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فالكتاب والسنة لا نحيد عنهما ابدا,, الثاني ان اي امر يلحق استقلال أو شرف بلادنا فهذا مستحيل أن نقبله ولو تكلم من تكلم او قال من قال، انا لست من رجال القول الذين يرمون اللفظ بغير حساب انا رجل عمل، اذا قلت فعلت وعيب عليّ في ديني وشرفي ان اقول قولا لا اتبعه بالعمل وهذا شيء ما اعتدت عليه ولا احب ان اتعوده ابدا). بنفس المنهاج يطرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الخطاب السعودي في اكثر من مناسبة سواء خلال جولات الوفاق العربي أو العالمي أو مؤتمرات القمم الخليجية والإسلامية والعربية ومنها قمة الكويت الشهر الماضي, فهو يقول بوضوح وصراحة (لاننا في المملكة العربية السعودية قبلة المسلمين نشعر بأهمية مكاننا من الإسلام والمسلمين جاءت زياراتنا هذه قائمة خارج الحسابات السياسية التي ربما تأتي مفاهيمها على درجة كبيرة من الجهل بفضائل الإسلام وقيمه وتراثه الحضاري والتاريخي والإنساني فليس أخطر على الإنسان اليوم من سوء الفهم لتعاليم الدين الحنيف المنافي للعصبية والعنصرية,, فالناس سواسية أمام عدل الله ورحمته، ولخطورة ما على الساحة العربية والإسلامية اليوم من خلل سياسي وأمني اوجدته مفاهيم تجاوزت ويا للأسف حتى اقدس ما يملكه الإنسان المسلم في هذه الحياة وهو عقيدته الاسلامية والقاء التهم الباطلة عليها وياللاسف ولم تحترم اكثر من ألف مليون مسلم على وجه الأرض ..نحن العرب والمسلمين سنحمل معنا قضايا امتنا باخلاص ونجري حولها الحوار الهادىء ونجادل حولها بالحسنى فالشطط في القول سيكون خارج لغتنا سيكون مدخلنا مع الحوار واسعا رحبا مخلصا غير متخاذل سنسعى بكل احساس يقظ إلى ما يقال لنا ونتعامل معه بعدل ومحاججة دون مكابرة أو مغالطة في حق يوجهنا إلى ذلك سعة الامل في ان تصل بنا زياراتنا هذه إلى ان نعود منها وقد اعطينا باعتدال واخذنا به في جميع القضايا إن شاء الله فعسى ان يوفقنا الله سبحانه في مسعانا ويأخذ بأيدينا إلى الخير ويمنح بصيرتنا نحن الأمة ان ترى مصادر القوة فيها حين تأخذ بقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وقوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) ,, وفي هذا التوجيه الكريم سبيلنا إن شاء الله إلى مكاننا التاريخي الرحب الذي لنا,, فأمننا واماننا وسعادتنا في هذا ولعلنا بهذا قد وضعنا على اية علامة استفهام عن زياراتنا هذه شيئا من ملامحها وهي ملامح تتسع باتساع ظروفها واستجابة هذه الظروف لأهم ما يمكن ان يدور حوله الحوار العادل). المتابع لخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يلاحظ اهتمامه بالجوانب الإنسانية وانهاء الخلافات العربية والإسلامية إضافة إلى متابعة الهموم اليومية للمواطن لأنها تشكل هاجساً في حياته وما لقاءاته بالمواطنين إلا تجسيد لذلك وحديثه معهم الذي يتسم بالتلقائية والأبوية.. يظل من المهم ترجمة ذلك في تعامل المسؤولين مع المواطن.